مصر هى النموذج وليس تركيا.. ربما كان هذا من أكبر مكاسب الموجة الثانية لثورة يناير، التى نجحت فى تصحيح مسارها بالإطاحة بحكم الإخوان المسلمين السلطوى.. كلمة «مصر» باتت محور النقاش السياسى فى تركيا، بعد أن قضى حزب العدالة والتنمية الإسلامى بقيادة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ما يقرب من عقد من الزمن فى محاولة تسويق نفسه على أنه نموذج الحكم المثالى الذى ينبغى على دول الشرق الأوسط تطبيقه. أصبحت الثورة فى مصر بمثابة الوقود المحرك للحركة الاحتجاجية ضد حكم أردوغان، المتهم بتقييد الحريات ومحاولة فرض أجندته الإسلامية المتشددة على البلد، حيث حذر حزب الشعب الجمهورى، وهو من أبرز أحزاب المعارضة، رئيس الوزراء من أنه سيلقى نفس مصير الرئيس المعزول إذا استمر فى سياساته الحالية وتهميشه لمعارضيه السياسيين. وقال كمال رئيس الحزب كمال كليش داروغلو: إن أداء أردوغان يشبه أداء مرسى، وإن «أردوغان يجب أن يتخذ عبرة من مصير مرسى وأن يسلم بأن السلطة لا يمكن أن تدوم من خلال قمع إرادة المعارضة». الزعيم المعارض البارز أكد أن تدخل الجيش فى مصر كتب له النجاح، لأن مرسى تجاهل إرادة شعبه ومعارضيه، وحذر رئيس الوزراء من أن يبالغ فى تصوير حجم التأييد الشعبى له مذكرا إياه بأن «مرسى أيضا حصل على عدد كبير من أصوات المصريين، لكنه تعامل مع مشكلات البلد كفرعون، تماما كما يفعل أردوغان، وقرر أن يتجاهل المعارضة ليفوز ببعض الأصوات، لكننا جميعا شاهدنا أنه لم يستطع البقاء أكثر من عام». وتابع: «إننى أطلب من أردوغان أن يتوقف عن أن يتشبه بالفرعون ويؤمن بأن الديمقراطية ليست مجرد صندوق انتخاب، لأن السلطة السياسية لديه مسؤولية تجاه جميع مواطنيها و(أردوغان) لا يمكن له أن يكون رئيسا فقط لمن صوتوا له». ومن الواضح حسب ما يشير مراقبون غربيون أن الثورة المصرية وجهت ضربة قوية لتجربة الإسلام السياسى التى يقودها أردوغان فى تركيا، وللتحالف الذى كان يسعى لبنائه مع الإخوان المسلمين فى سوريا ومصر وتونس. ويفسر هذا التصريحات التى يملؤها الشعور بالصدمة وخيبة الأمل من سقوط المركز القوى للجماعة فى مصر، فقد سارع أردوغان إلى إدانة ما ادعى أنه «انقلاب عسكرى» فى مصر، متجاهلا إرادة ملايين المصريين الذين خرجوا للمطالبة بإنهاء حكم الإخوان. بل ذهبت حكومة أردوغان إلى حد مهاجمة ما وصفته بازدواجية الاتحاد الأوروبى لصمته عن تدخل الجيش فى مصر. وبدا أردوغان متخوفا من انتقال ما حدث فى مصر إلى تركيا، حيث قال هاجم المعارضة بقوله إن من فشلوا فى الانتخابات فى السابق، استعانوا دائما بالجيش من أجل الاستحواذ على السلطة. وتجددت الاحتجاجات فى تركيا أول من أمس، حيث توجه الآلاف من النشطاء إلى حديقة جيزى وسط إسطنبول، لتواجههم الشرطة بمدافع المياه والغاز المسيل للدموع لتفريقهم.