تصوير: حسام بكير اختار الطريق الأطول لكنه الأكثر خبرة، ليثبت لنفسه والمجتمع الذي يشغله المظاهر، أنه قادر على النجاح، اتخذ خطوته الأولى في طريقه لتحقيق موهبته وهو في مرحلته الإعدادية، وقرر هو وأخيه التوأم أن يسلكا طريق دبلوم صنايع 5 سنين للوصول لكلية الهندسة، ومنها استطاع أن يمزج بين موهبته الفنية وتخصصه العلمي، ليحقق حسام المهندس - العشريني - طموحه في الكلية التي اختارها، والعمل الذي يحلم به، محققًا المعادلة الصعبة في أن يدرس ويعمل بشهادته، وينافس المستويات العالمية شئيًا فشئ.
تعرّض لكثير من الانتقادات له وللأسرة، بعد قرار دخول صنايع بدلًا من الثانوية العامة، إلّا أنه لم يتنازل عن خطته لمستقبله، رغم كل من حاول إحباطه، اتخذ قراره وشرع في تنفيذه إلى أن وصل لحلمه ودخل كلية الهندسة، بدأت روحه تذهب شيئًا فشئ لعشق تفاصيل الخطوط والرسم.. بدأها بالجرافيك والرسوم المتحركة يخطئ ويعدل يطور من ذاته خطوة تلو الأخرى، إلى أن وقع أسيرًا أمام تراث المباني المعمارية المختلفة وبات يفحص تفاصيلها الدقيقة يعيش بينها ويحاول تنفيذها على ورق فعلي.
ويعلق حسام قائلًا: "بحاول أطور من نفسي دايمًا عشان أخلّي كل رسمه بمستوى أعلى من اللي أقبلها فقدر أحقق تقدم في شغلي، خصوصًا إن أنا اللي بعلم نفسي بحاول أشوف فيديوهات على الانترنت بشكل مستمر تطور من أدائي ومن 8 شهور تحديدًا ابتديت أركز في الرسم المعماري والدقة وأكتر فشل يضايقني إن تكون لوحة جديدة زي اللي قبلها من غير تطوير في المستوى في البداية حطيت قدامي الفنانين اليابانيين وحاليًا بحاول أخد نصايح من أجانب على الفيسبوك من دول تاني عشان أطور أكتر".
رغم صغر سن حسام - المقيد بعامه الثاني بكلية هندسة، إلّا أن طموحه لا يعرف سقف معين يقف عنده، فيردف: "مينفعش أحط للفن حدود وإلّا هقل، شوفت نماذج كتير قدامي لفنانين كبار اقتنعوا إنهم وصلوا آخر حدودهم وبطّلوا يطوروا من أدائهم وده خلاهم يتراجعوا بمستواهم ويضعفوا وأنا مش عايز ده"، ليكمل تحديه لمستواه واضعًا نقطة احتراف التظليل بأعماله خطوته التالية في تحسين لوحاته، بجانب تحديه للفنانين أمريكين يتقنون نفس فنه.
استطاع حسام باختياره لقسم المعماري أن يضرب عصفورين بحجر واحد.. فرسوماته التي يقضي فيها جميع أوقات فراغه مرتبطة بنسبة كبيرة بكليته، ما يجعلها مدعمة له وليس مجالًا لأي تعطيل، لتبقى أمامه مواد الفيزياء والكيميا التي يساعده فيها أخيه التوأم الذي اختار الهندسة الميدانية، ويحلم المهندس الشاب أن يصبح اسمه علامة واضحة في مجال واضعًا "المعمارية زاهية حديد" نموذج أمامه يود الوصول لمرحلتها الفنية.
لم تكن البداية سهلة على حسام في إرضاء شغفه في فنه وإتقانه لأبعاد المنظور، فكان يقضي الساعات الطويلة في رسمه واحدة دون راحة أو شعور بالكوكب من حوله حتى استطاع بمساعدة والدته إدراك أنه ليس بسبق، ويمكنه أن يجعل ساعة واحدة فقط للرسم في اليوم وبذلك يرضي موهبته ويتقدم بها وفي ذات الوقت لا تسرق حياته منه، بشكل خاص في المرات التي يختار حسام الرسم من أمام المباني مباشرة حيث الأثار والتراث.
البعض كالسمك إذا خرج من الماء يموت كذلك حسام في عشقه لأقلامه؛ إذا بعد عنها يشعر بالضيق والملل القاتل القادر على فزع روحه وجعله في حالة من الضجر فيقول: "بين كل رسمه ورسمه بعيش ملل فظيع لحد ما أحط خط في الرسمة الجديدة وأحدد أبعادها ووقتها وأخلصها بسرعة وأبدأ أستريح مجرد ما أدخل في رسمه جديدة".