تدق أجراس الخطر في الآونة الأخيرة محذرة من استفحال مخطط السطو على ذاكرة مصر سواء بسرقة المخطوطات النادرة أو الوثائق التاريخية، ناهيك عن الآثار، بينما تتوالى المؤشرات التي تثير التوجس بقدر ما تدعو لضرورة التحرك لحماية الذاكرة المصرية، وفي الوقت ذاته تيسير سبل اطلاع الباحثين على الوثائق. وفي نهاية شهر مايو المنصرم أصدر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بيانا طالب فيه بضرورة وقف المزاد العلني المزمع في التاسع من شهر يونيو الجاري بمنطقة فونتينبلو بفرنسا لبيع مخطوطة نادرة من القرآن الكريم سلبت من الأزهر أيام الحملة الفرنسية »لأنها جزء أزهري نادر وجزء من التراث لا يجوز بيعه ولا اهداؤه ولا التصرف فيه بأي شكل من الأشكال. وكان الدكتور أحمد الطيب قد دعا وزارة الخارجية المصرية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الايسيسكو»، فضلا عن منظمة اليونسكو للتدخل ووقف هذا المزاد، مشددا على ضرورة اتخاذ كافة الاجراءات القانونية لاسترداد هذه المخطوطة الأزهرية النادرة والحفاظ عليها. وكان الدكتور أحمد هويدي أستاذ اللغات الشرقية بجامعة القاهرة قد طالب الدولة بمبادرة رسمية لجمع كل الوثائق المصرية في الخارج أو الحصول على نسخ منها مشيرا الى أهمية التعامل مع الوثائق في ظل القوانين الدولية «أي تطبيق ما يسمى بالفترة العمرية للوثيقة حسب التصنيف الدولي وعدم حبسها لسنوات طويل». أما الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ بكلية الآداب في جامعة القاهرة فيطالب بوضع المعيار الخاص لحرية تداول المعلومات لأن ذلك على حد قوله في تصريحات صحفية هو أساس مشكلة التعامل مع الوثائق. كما دعا لتقليل مدة حجب بعض الوثائق بحيث تكون 30 عاما بدلا من 50 عاما مثل باقي الدول التي تحترم مبدأ حرية تداول المعلومات ويتم الكشف عن كل هذه الوثائق ما لم تتعارض مع السياسة العليا التي تحددها لجنة مختصة. ومنذ منتصف ستينيات القرن العشرين كان أحد ألمع أساتذة التاريخ الذين أنجبتهم مصر وهو الدكتور محمد أنيس أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة قد لاحظ أن اغلب المخطوطات المصرية المتعلقة بالعصر العثماني خرجت من مصر على يد الفرنسيين خلال الاحتلال الفرنسي وطوال القرن التاسع عشر.