هل تغير صواريخ اس 300 من المعادلة في سوريا؟ هذا هو السؤال الذي تطرحه العديد من الصحف العالمية الآن؛ في ظل الجدل الدائر بمنطقة الشرق الأوسط، حول نية موسكو إرسال شحنة من تلك الصواريخ لدمشق، لمناصرة نظام الأسد ضد المعارضين له، وقلق تل أبيب من وقوع تلك الأسلحة الفائقة في يد الإسلاميين المتشددين، أو منظمة حزب الله اللبنانية. لكن ما هي تلك الصواريخ وما هي طبيعتها التي تجعل الكل إما يتسائل عنها أو يقلق بسببها، أس 300 هي منظومة دفاع جوي صاروخية بعيدة المدى (أرض- جو) روسية الصنع وتعد من أقوى أنظمة الدفاع في العالم، وقد صممت في الأساس لردع الطائرات وصواريخ كروز وقد تم تطوير اصدارات أخرى منها لردع الصواريخ الباليستية. لهذا لم يكن غريبا التصريحات التي تناقلها الصحف العبرية والعالمية عن ذعر مسئولي تل أبيب من ان يتم قصف الأخيرة نفسها بتلك الصواريخ لو وصلت للأياد الخطأ، معترضين على نية موسكو إرسال شحنة منها لدمشق. صحيفة فانانشيال تايمز البريطانية ومعاريف العبرية نقلت عن يوفال شتاينتس -وزير الشئون الاستخباراتية- قوله إن «الصواريخ التي يصل مداها لأبعد من 300 كم، قد تضرب عمق الأراضي الإسرائيلي وتشن هجوما على تل أبيب، نحن نعتقد أن هذا السلوك الروسي بتوريد الأسلحة للأسد في هذا الوقت الحاسم من الحرب الأهلية الرهيبة، هو سلوك خاطئ تماما، هذه الأسلحة ليست دفاعية فقط»، مضيفا بقوله «سندافع عن أنفسنا ونرد على أي تهديد، أمل أن يفهم النظام السوري هذا، الأمر واضح جدا» . بدوره قال موشي يعالون - وزير الدفاع الإسرائيلي- في تصريحات نقلتهما الصحيفتان السابقتان إن «صواريخ الاس 300 لم تغادر موسكو بعد، لكن إسرائيل سوف تتصرف إذا حدث، من الواضح أن هذا التحرك يشكل تهديدا لنا، على الرغم من ذلك، لا يمكنني القول إن هناك تصعيدا فيما يتعلق بشحنة الاس 300 ، عمليات التسليم لم تتم بعد، أستطيع أن أشهد على ذلك، ولكن إذا حدث الأمر فسنعرف ماذا نفعل حيالها». لكن وبعيدا عن ذعر إسرائيل، والتهديد بضرب سوريا، يبقى سؤال هام؛ ألا وهو هل تصل تلك الصواريخ فعلا إلى دمشق، وهل ستسلمها موسكو في الأساس؟ وهل سيتم تشغيلها فور وصولها لسوريا، الإجابة هي لا؛ وفقا لما أدلى به عدد من الخبراء الروس في تصريحات لوسائل الإعلام. فلاديمير ايفسييف -مدير مركز الدراسات السياسية والاجتماعية في موسكو- استبعد وصول الاس 300 لدمشق قائلا «الأمر معقد فمن ناحية، العقد الخاص بتوريد صواريخ الاس 300 تم توقيعه، إلا أن موسكو حريصة على عدم الوفاء بالعقد المبرم وإرسال الشحنة، لأن هناك شك فيما يتعلق بمستقبل النظام السوري، ولهذا تؤخر موسكو الصفقة». وأضاف «حتى لو تم إرسال الشحنة فإنها ستأخذ شهورا قبل أن يتم تفعيلها، لأنه لابد من تدريب الأطقم السورية لاستخدام تلك الأسلحة، كما أن الصواريخ المضادة للطائرات ستتطلب أيضا متخصصين روس للتعامل مع الأسلحة». خبير الأسلحة الروسي بوسلان بوخوف قال لصحيفة ذا هيندو الهندية «سيستغرق الأمر 6 أشهر على الأقل لشحن وتثبيت الاس 300 ووقتا أطول لتدريب السوريين على تشغيل نظام الصواريخ المتطور، بصراحة الحكومة السورية لديها احتياجات دفاعية ملحة أكثر من إنفاق 900 مليون دولار على بطاريات الاس 300». كما نقلت صحيفة صنداي تايمز عن مسئول روسي بارز قوله إن «الكرملين قرر الوقوف ضد توريد صواريخ اس 300 طويلة المدى لدمشق، مبررا ذلك بخوفه من وقوع الصواريخ في الأيدي الخاطئة ويمكن استخدامها لمهاجمة طائرات مدنية في مطار تل أبيب الرئيسي»، لافتا إلى أن «موسكو تتوقع من إسرائيل التراجع عن شن هجمات على دمشق».