"كانت تحلم بالحرية مثل غيرها من أبناء جيلها.. لم تعلم أن طلقات الرصاص أقوى من الورود التى تحملها.. نداء القصاص للشهداء كان أقوى لديها من صرخات نجلها بلال الذى تركته بحثا عن مستقبل أفضل له"، هكذا رثى رفاق الناشطة الثائرة شيماء الصباغ، على مواقع التواصل الاجتماعي، بمناسبة ذكرى مرور عام على رحيلها. ولقيت شيماء مصرعها جراء إصابتها بطلق ناري غادر خلال احتفالها بالذكرى الرابعة لثورة 25 يناير فى ميدان طلعت حرب بالقرب من ميدان التحرير. ولم تُثن صرخات بلال البالغ من العمر ما يقرب 6 أعوام، شهيدة الورود شيماء الصباغ ابنة ال32 ربيعا حين قررت المشاركة فى تظاهرات إحياء الذكرى الرابعة للثورة أملا فى القصاص لدماء الشهداء، تاركة نجلها مع إحدى رفيقاتها، وحملت الورود بحثا عن الحرية لها ولباقي أبناء جيلها، حتى وجدت نفسها فى النهاية جثة هامدة.. أما بلال فلا يتكئ سوى على بطولة صنعتها والدته لتخلد ضمن شهداء الحرية. الطريق إلى السماء نداء النزول للمشاركة فى المظاهرة السلمية من أجل تكريم شهداء يناير في ذكرى الثورة الرابعة، وتقديم إكليل من الزهور في قلب الميدان ترحما عليهم وأملا في الإفراج عن المحبوسين من شباب الثورة، كان أقوى لديها من أى شيء، إذ كان كفيلا بأن تحزم شيماء أمتعتها من أجل السفر من الإسكندرية إلى القاهرة، تاركة كل ما لديها من أجل أن تلبي هذا النداء. ورغم التحذيرات لم تلتفت شيماء لأية أصوات تطالبها بالعدول عن قرارها لتكتب عبر صفحتها الشخصية على "فيسبوك": "شكرًا لحزبي اللي فخورة بيه.. ومش مهتمه بأي كلام بيهد عزمتى.. ويقلل منه ومني.. فخورة بيكوا"، فيعقب ذلك اشتباكات بين المشاركين فى مسيرة حزب التحالف الشعبي وقوات الأمن، وغدرت خلالها إحدى الأعيرة النارية الطائشة سبيلها إلى جسد الشهيدة لتصعد روحها الطاهرة إلى السماء. "البلد دى بقت بتوجع.. ومفهاش دفا.. يارب يكون ترابها براح.. وحضن أرضها.. أوسع من سماها"، تلك الكلمات آخر ما كتبته الشهيدة على صفحتها على بموقع "فيسبوك" قبل وفاتها، فلم تكن تعلم شهيدة الورود أنها تكتب بيديها وصيتها الأخيرة ضحت بكل ما تملك من اجل التفرغ للدفاع عن حقوق عمال الإسكندرية واختارت أن تكون مسؤولة العمال بحزب التحالف في محافظتها، فكانت الحرية والدفاع عن المحتاجين والغلابة وحقوق العمال شغلها الشاغل طوال فترة حياتها، رغم كونها فنانة مسرحية وحاصلة على ماجستير في الفنون الشعبية من أكاديمية الفنون، وباحثة في الفن الشعبي، وزوجة الفنان التشكيلي أسامة الشهيلي. مسيرة نضال "شهيدة الورود" - كما عٌرفت إعلاميا- انضمت لحزب التحالف الاشتراكي، وكانت من أوائل المشاركين فى ثورة 25 يناير لإسقاط نظام مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي، وواصلت ثورتها في 30 يونيو ضد نظام الإخوان، فكانت دائما تتقدم المظاهرات الاحتجاجية ضد النظامين السابقين. ميزان العدالة سيل من الهجوم والانتقادات اجتاج وسائل التواصل الاجتماعي لحظة استشهاد الصباغ، للحد الذى طالب فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بمحاسبة المسئولين عن الجريمة، قائلا خلال لقائه رجال الجيش والشرطة فى مسرح الجلاء: «كل أبناء وبنات مصر أولادى وبناتى، وهذه ابنتى ولا يمكن لأحد أن يشكك فى ذلك»، مضيفا، «أنا كلمت وزير الداخلية من كام يوم وتحدثت معه فى واقعة استشهادها وطالبته بالتحدث أمام الجميع بخصوص القضية، وأن النيابة العامة تحقق بشفافية كاملة فى القضية وحال تورط أى ضابط أو مجند فى مقتل شيماء الصباغ سوف يقدم للمحاكمة الجنائية، والإدراية». ولم تنقطع صرخات صفاء، والدة الراحلة شيماء الصباغ، للمسئولين، فقالت في إحدى المداخلات التلفزيونية: "راعي ربنا في البنت اللي اتخدت غدر اللي موتها وهي رايحة تعمل خير وتقف جنب الغلابة، بنتي اتظلمت، واتقتلت غدر، والإسعاف والشرطة رفضوا ينقلوها للمستشفى". ولاقت تلك الصرخات أذانا صاغية لدى النائب العام الراحل المستشار هشام بركات الذي أمر بإحالة ضابط الأمن المركزي المتهم بقتل شيماء في القضية رقم 805 لسنة 2015 إلى الجنايات لتقضى المحكمة بمعاقبته بالسجن لمدة 15 عاما. الصورة الخالدة من جانبه دشن أعضاء حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» وأصدقاء الشهيدة شيماء الصباغ حملة إلكترونية دولية للتدوين عنها إحياء لذكرى مرور عام على رحيلها، وذلك باستخدام هاشتاج «يوم للتدوين عن شيماء الصباغ»، مؤكدين أن الهدف من كتابتهم هو إحياء ذكرى الشهيدة وتعريف المجتمع في مصر والعالم بها. وتفاعَل مع حملة التدوين مئات الأفراد حول العالم على موقعي التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر». وتبقى لحظة استشهاد الصباغ، التى جسدتها الصورة الشهيرة وهي تتكئ على أحد زملائها قبل وفاتها الأبرز خلال العام الماضي، وتظل رائحة الورود التى كانت تحملها الشهيدة تفوح فى كل أرجاء الميادين وتأبى أن تدبل أو تموت. ورغم ما قدمته شهيدة الورود هى ومن سبقوها من الشهداء على مدار السنوات الماضية، لا يزال بلال نجل شيماء يصرخ بحثا عن الحرية وعن مستقبل جديد ينعم فيه ب"العيش والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية"، لطالما حلمت به والدته وضحت بروحها من أجله. * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ * شيماء الصباغ