التنسيقية تثمن توجه الدولة بإطلاق نقاش حول الدعم النقدي وتعقد حلقات عمل بشأن آليات التطبيق    انتصارات أكتوبر.. "الأوقاف": "وما النصر إلا من عند الله" موضوع خطبة الجمعة المقبلة    14 مدينة سياحية عملاقة والمنصورة الجديدة رئة الدلتا فى اليوم العالمى للسياحة    بسعر 150 للطبق، شعبة بيض المائدة تضخ 300 ألف بيضة بمنافذ التموين    وزير التعليم العالي يبحث مع السفير السويدي سُبل تعزيز التعاون    وزارة المالية: مواعيد صرف رواتب العاملين بالدولة يوم 24 أكتوبر    منذ بدء العدوان.. ‌الصحة العالمية: 41 ألف قتيل و95 ألف جريح بقطاع غزة    الأمم المتحدة أكثر من 200 ألف نازح لبناني بسبب العدوان الإسرائيلي    الرياضية: فيتوريا يوافق على تدريب أهلي جدة.. ولامبارد أحد المرشحين    جوارديولا يؤكد.. انتهاء موسم رودري مع مانشستر سيتي    آس: راموس لم يتلق أي عرض من الزمالك    حالة الطقس غدا.. شبورة مائية وأمطار على مناطق مختلفة    التصريح بدفن جثمان طفل دفعه شقيقه بالمياه    محافظ أسوان يؤدي صلاة الغائب على شهيد الواجب معاون مباحث كوم أمبو    وفاة الممثلة ماجي سميث عن عمر يناهز 89 عاما    دعاء يوم الجمعة المباركة.. كلمات وردت عن النبي في خير أيام الأسبوع    محافظ الفيوم يعلن نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طامية المركزي    استشاري تغذية علاجية لأصحاب الريجيم: احرصوا على وجبة متكاملة    انطلاق فعاليات ماراثون الجري بالزقازيق    غموض موقف نجم ريال مدريد من خوض الديربي    القومى للطفولة والأمومة بالبحيرة ينظم ندوة تثقيفية بدمنهور    بدء تطبيق المواعيد الشتوية لغلق المحلات.. الحد الأقصى العاشرة مساءً.. زيادة ساعة يومي الخميس والجمعة.. وهذه عقوبة المخالف    رئيس هيئة المحطات النووية يزور معرض إنجازات الصناعة الوطنية الروسية    النيابة تطلب التحريات حول فنى متهم بالنصب على مصطفى كامل    مصرع تلميذة سقطت من أعلى مرجيحة أثناء لهوها بقنا    بعد زلزال إثيوبيا.. عباس شراقي: سد النهضة قنبلة مائية قد تنفجر في أي وقت    مسلسل أزمات مطرب المهرجانات «مسلم» عرض مستمر، ووالدته تضعه في مأزق    فتح شواطئ وأندية الإسماعيلية بالمجان بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للسياحة    أيمن بهجت قمر: «تامر حسني بيحب يغير في كلمات الأغاني» (فيديو)    أنغام تتألق في «ليالي مصر» بالمتحف المصري الكبير    روسيا تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك    "الطفولة والأمومة" يبحث تقديم خدماته بمركز التنمية الشاملة بمنشأة ناصر    10 إجراءات بجامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر لاستقبال العام الدراسي الجديد    نائب وزير الصحة تتفقد وحدة أسرة سيدي بشر وتشيد بجهود الفريق الطبي    نبض واحد.. احتفال "اليوم العالمي للقلب" بمشاركة نخبة من خبراء المجتمع الطبي والرياضي    توجيهات لوزير التعليم العالي بشأن العام الدراسي الجديد 2025    خبير استراتيجي: إسرائيل تستهدف دخولا بريا لتدمير بنية حزب الله    إيرادات الخميس.. "عاشق" الأول و"ولاد رزق 3" في المركز الرابع    تغييرات غريبة تنتظرك.. ماذا يحدث ل5 أبراج فلكية في آخر 3 شهور من 2024؟    "كنوز مصرية".. متحف شرم الشيخ يحتفل بيوم السياحة العالمي    خبير باليونسكو يكشف أهمية الهيدروجين الأخضر في الحفاظ على التنوع البيولوجي واستدامة الموارد الطبيعية    وزير السياحة: اهتمام حكومي غير مسبوق بتعزيز مكانة مصر في الأسواق السياحية    تين هاج يتحدث عن عدم تسجيل برونو حتى الآن    رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية يبحثان مستجدات منحة دعم التأمين الشامل    باكستان تؤكد رغبتها في تعزيز التعاون الثنائي مع نيبال    إشراقة الإيمان: قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة    شهيدان في قصف إسرائيلي استهدف سكان حي الشجاعية شرق غزة    بعد تداول مقطع صوتي.. الداخلية تضبط طبيبين تحرشا بالسيدات أثناء توقيع الكشف الطبي عليهن    مميزات وشروط الالتحاق في مدارس «ابدأ».. تخلق كيانات تعليم فني معتمدة دوليا وتواكب سوق العمل    مواعيد مباريات اليوم 27 سبتمبر.. القمة في السوبر الإفريقي ومونديال الأندية لليد    سيميوني: أتلتيكو مدريد يحتاج لهذا الشئ    ما حكم الجمع بين الصلوات لعذر؟ الإفتاء تجيب    موعد مباراة النصر والوحدة في الدوري السعودي والقناة الناقلة    ولي عهد الكويت يؤكد ضرورة وقف التصعيد المتزايد بالمنطقة وتعريضها لخطر اتساع رقعة الحرب    خالد الجندي: لهذه الأسباب حجب الله أسرار القرآن    حريق كشك ملاصق لسور مستشفى جامعة طنطا (تفاصيل)    وزير الصحة اللبناني: أكثر من 40 عاملا في مجال الرعاية الصحية استشهدوا في العدوان الإسرائيلي    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوحوش Les fauves
نشر في التحرير يوم 18 - 01 - 2016

في شتاء 1906، وقف الناقد التشكيلي الكبير "لوي فوكسيل" مصدومًَا في قاعة صالون المستقلين، يتأمل اللوحات المعروضة لمجموعة من الفنانين الشبان أطلقوا على أنفسهم اسم "المنعزلين"، وكانت لوحاتهم تغطي جدران الصالون بألوانها القوية، الصاخبة، والصادمة أيضًا، ثم لمح وسط القاعة تمثالًا صغيرًا من البرونز لطفل، يميزه أسلوب "دوناتيلو" الذي تتجلى فيه نعومة عصر النهضة، فصاح "فوكسيل": "دوناتيلّو وسط الوحوش الضارية!"
فمن هم الوحوش؟ وما قصتهم؟ اقرؤوا الحكاية..
ذكرنا في المقال السابق أن "بول جوجان" تمرد على المدرسة التأثيرية، كما تمرد على حياته، فترك باريس وذهب إلى إحدى جزر المحيط الهادي النائية، حيث تحررت روحه، وريشته، وأسس مذهب التكوين الموحد "السينسيتيزم"، الذي استلهمه من "إميل برنار"، والذي تميز بالخطوط الخارجية الواضحة، المحددة للأشكال، في الوقت الذي ابتكر فيه زميل سكنه، ورفيق كفاحه "فان جوخ" أسلوبه الخاص، المُعتمد على الألوان القوية الصريحة.
فان جوخ (بورتريه شخصي)
وقد وافق "جوجان" في تمرده على المدنية، وعودته إلى البدائية، معظم فناني عصره، الذين اعتبروا الحضارة الحديثة ببريقها الخادع مرضًا، والفن الذي يعمل بمقتضاها يعد فنًّا مريضًا، وعليه لا بد من العودة إلى البساطة.. إلى الفن البدائي.. إلى الفطرة.
وأُطلق على هذا الاتجاه الفكري الجديد وقتذاك مصطلح "العودة إلى الأرض"، ومما لا شك فيه أن المنادين به، استلهموا جوهره من النظرية الفلسفية التي نادى بها "جون جاك روسو" قبل ذلك بقرن، تحت عنوان "العودة إلى الطبيعة"، حيث اعتبر "روسو" أن الفنون الأرستقراطية، مثل فن "الباروك" و"الروكوكو" ، فنون مصطنعة، بعيدة عن حياة الناس، ونادَى بتحرير الفن من القيود، ليتسم بالبساطة، ويحاكي الطبيعة، التي هي منبع الخير والجمال.
جوجان
وتأثرًا بنظرية "روسو" ، واتجاه "العودة إلى الأرض"، وألوان "فان جوخ"، وتمرد "جوجان" بأسلوبه، الفني والحياتي أيضًا، أسس مجموعة من فناني باريس الشبان، عام 1900 جماعة "المعتزلة" أو "الفنانين المعتزلين"، والتي تحول اسمها فيما بعد إلى "جماعة الوحوش الضارية"، ثم "المدرسة الوحشية"، أو "الفوفيزم"، بعدما التصق بهم اللقب الذي أسبغه عليهم "فوكسيل" خلال صرخته التاريخية الشهيرة: "دوناتيللو وسط الوحوش الضارية".
وقد جمع بين الوحوش تمردهم على الحركة التأثيرية، وهي الحركة الأكثر رواجًا وقتذاك، واهتمامهم في المقابل بالفنون البدائية، والإفريقية، والفن الفطري المتمثل في رسوم الأطفال.
لم يكن لهؤلاء الفنانين في بادئ الأمر أسلوب موحد يميزهم، ولكن أعمالهم التي جمعت بين أساليب فردية عديدة، اتسمت جميعها ببساطة الأداء، واعتماد الخطوط الخارجية الواضحة المحددة للأشكال، وفي ذلك تأثر واضح بأسلوب "جوجان" الذي مهد للمذهب الوحشي، ويعتبره كثيرون الأب الروحي له، في حين يذهب آخرون إلى أن "هنري ماتيس" هو أبو المذهب، حيث إنه زعيمه بلا منازع، وأكبر مؤسسيه سنًّا، كما أن الحركة استفادت كثيرًا من تأثره بفن الزخارف الإسلامية، ومعالجته لبعض التكوينات الفنية بأساليب هندسية، وما كان لذلك من فضل لا ينكر على تطور الحركة إلى اتجاهات تقدمية جديدة، أشهرها المذهب التكعيبي.
ماتيس
وقد عرض "ماتيس" أعماله المنتمية إلى المذهب الوحشي لأول مرة، في صالون الخريف الفرنسي عام 1904، وتمكن بعد ذلك من لم شمل مجموعة كبيرة من الفنانين المتمردين، ليشكلوا الرعيل الأول للحركة، ممثلة في اتجاهين، اتجاه معتدل نسبيًّا يمثله "ماتيس" و"ديران" و"دوفي" و"ماركيه"، واتجاه عنيف يمثله "فلامنك" و"روو".
ولكن العام 1905 شكل الانطلاقة الحقيقية للحركة، حيث عرض مؤسسوها أعمالهم، بصالون الخريف الفرنسي، وحصدت لوحة "ماتيس" الشهيرة، "منظر ريفي" المعروضة معهم، إعجابًا شديدًا في الأوساط الفنية، فانهالت عليه الدعوات من المؤسسات الفنية بشتى بقاع العالم لتدريس المذهب الوحشي.
ماتيس
ماتيس
ماتيس
بيد أن "ماتيس" نفسه لم يكن قد استقر على أسلوب محدد للمذهب حتى ذلك الوقت، فقد تجلى في أسلوبه في البدايات تأثره بفناني ما بعد التأثيرية مثل "سيزان" و"فان جوخ" بشكل عام، و"جوجان" بشكل خاص، ثم تطور أسلوبه بعد تفرق جماعة الوحوش عام 1908، من المبالغة في التحرر ليتجه إلى الزخرفة، التي تأثر بها بعد زيارته للمغرب وإعجابه بالفنون الزخرفية الإسلامية، فظهرت في أعماله الستائر المنقوشة والسجاد المزخرف، لتبقى وتستقر في لوحاته، بعدما وجد "ماتيس" في تفاصيلها كمال مذهبه.
ورغم أن "ماتيس" هو مؤسس المذهب وزعيمه وصاحب الفضل في نشره، فإننا لا نستطيع أن ننكر تأثير كل من "أندريه ديران"، الذي طور أسلوبه بعد تفرق الجماعة أيضًا، فاتجه إلى تبسيط الكتل، الأمر الذي شكل فيما بعد أهم أسس المذهب التكعيبي، وأيضًا "موريس دي فلامنك"، الذي أسهم في دمج الفن الإفريقي بالمذهب، بعدما لفتت مجموعة التماثيل الإفريقية التي اقتناها نظر الوحشيين لهذا الفن البدائي، ودفعتهم لدراسته ثم التأثر به.
موريس دي فلامينك
موريس دي فلامينك
ولكننا نستطيع أن نلخص مبادئ المذهب الوحشي، التي لم يختلف عليها الوحشيون رغم تفرد أساليبهم، في تبسيط الأسلوب الأدائي، وتجانس الضوء، والبناء المسطح دون استخدام الظل والنور، كما نستطيع أن نلخصها في قول "ماتيس": "إنه فن الإعداد للعناصر المختلفة بأسلوب زخرفي، يأخذ طريقه خلال تعبير الفنان عن مشاعره، وإن مطابقة الشكل الأدائي للمضمون يمكن تحويرها عن طريق رد الفعل الطبيعي، لأن التعبير إنما يبدو في السطح الملون الذي يراه الناظر كلًّا واحدًا".
أندريه ديران


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.