عبد الناصر تحدى القرار الأمريكي واستكمل بناء السد بإرادة الشعب وتضحياته أحد بناة السد: حب مصر كان الحافز للتضحية بأرواحنا وإنجاز المشروع القومي وآخر: عملنا أحيانا 15 ساعة متواصلة دون طلب أجر إضافي بناة السد العالي: مهددودن بالطرد من مساكننا والمنطقة تعاني الإهمال بلغوا من العمر عتيا وبهمة الشباب بدأ بناة السد العالى حديثهم ل"التحرير" عن قصة كفاحهم فى أعظم ملحمة شهدتها مصر عبر تاريخها الحديث، والتى تحمل ذكرى إنشاءالمشروع العملاق والذى أعلن وقتها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أنه سيبنى بإرادة الشعب وتضحياته، بعد قرار البنك الدولى "بتوصيات أمريكية" رفض تمويل السد العالى. يقول جابر عبد الحفيظ محمود 67 سنة، عضو جمعية بناة السد العالي بأسوان ل"التحرير" إنه يفتخر بكونه أحد المشاركين فى مشروع إنشاء السد العالى "الهرم الرابع لمصر"، مؤكدا أن حب مصر كان الحافز الذي دفعه مع بقية زملائه إلى بذل الجهد والعرق والتضحية بأرواحهم لإنجاز هذا المشروع القومي العملاق. وتابع جابر أنه يذكر يوم الخامس عشر من مايو عام 1964، وهو يوم تحويل مجرى النيل الذى استقبله شعب مصر والأمة العربية بفرحة بقيت خالدة على مر التاريخ. وأضاف أنه كان من أوائل الناس تأييدا للرئيس السيسى وانتخبه أملا فى غد مشرق لمصرنا الحبيبة، وكان أيضا أول المؤيدين لخطواته فى إنشاء مشروع قناة السويس الجديدة والتى تذكره بنفس همة الرئيس جمال عبد الناصر خلال مراحل إنشاء السد العالى مطلع الستينيات. 35 ألف مهندس تحدوا أمريكا "إنشاء السد العالى كان تحديا مصريا خالصا عقب القرار التاريخى الذى اتخذه وقتها الرئيس جمال عبد الناصر ببناء السد العالى بإرادة الشعب وتضحياته، بعد قرار البنك الدولى بتوصيات أمريكية رفض تمويل المشروع.. بهذا حدثنا نجيب حنا 70 سنة أول رئيس مجموعة عمالية بالسد العالى، عن ذكرى تحويل مجرى نهر النيل. واستكمل حنا بأن عبد الناصر تحدى القرار الأمريكى وأقام علاقات مع الاتحاد السوفييتى، الذى أبدى استعداده لإقامة السد العالى، متابعا أن بناء المشروع شارك فيه حوالي 35 ألف مهندس وفني وعامل من المصريين والخبراء الروس. وأكد أن المشروع كان بمثابة المدرسة التي تدربت فيها الكوادر المصرية وأنجب جيلا من الفنيين والعاملين على أعلى مستوى من الكفاءة على الرغم من أن معظمهم كان لا يعرف سوى مهنة الزراعة قبل التحاقهم بالعمل فيه. وأضاف حنا أن تحويل مجرى نهر النيل بدأ على مدار ثلاثة أيام وهى 13 و14 و15 مايو من عام 1964، مشيرا إلى أن ذلك كان بمثابة بدء العمل الفعلي بمشروع السد، واعتبرت أعياد فرحة بعد عناء وتعب شديد. ويروى حنا، قائلا إن الوزير السابق محمد صدقى سليمان وزير السد العالى آنذاك، كان يقيم بجوار السد العالى بصفة دائمة حتى يباشر أعمال بناء السد. ويضيف محمد الشريف مدير عام سابق بالسد العالي وأحد بناة السد أنه التحق بالمشروع في عام 1962 ووقتها كان يشعر كل عامل في السد العالي أنه يعمل في بيته أو في مشروع يمتلكه شخصيا لذلك كان يبذل كل الجهد والهمة لإنجاز العمل لدرجة أن الواحد منهم كان يعمل أحيانا لمدة 15 ساعة متواصلة دون أن يطلب أجرا إضافيا. تحية الأبطال وحكى أحمد النوبى فنى هيدرولجيا فى السد العالى بالمعاش "62 عاما"، عن تجهيزات تحويل مجرى النيل، قائلا: "عملنا على التمهيد لغلق المجرى المائى نهائيا عن طريق وضع كميات كبيرة من الصخور والأتربة بواسطة سيارات النقل، وتم ترك فتحة عرضها 50 مترا فقط لمرور المياه"، مضيفا أنه فى يوم الاحتفالية تم ردم هذه الفتحة بالكامل وتحويل مجرى النيل عقب تفجير السد الرملى أمام وخلف السد العالى. وأوضح أن تحويل مجرى نهر النيل بدأ فى الساعة الثانية إلا الثلث ظهرا، حيث تم إغلاق المجرى نهائيا وتحويل المياه إلى القناة الأمامية للسد العالى بطول 1950 مترا مرورا بستة أنفاق رئيسية بطول 282 مترا وقطر 15 مترا للنفق الواحد، ليتم بذلك ترويض نهر النيل ولتنتهى بذلك المرحلة الأولى من إنشاء السد العالى والتى بدأت فى 9 يناير 1960 حتى 15 مايو 1964. ولفت إلى أن اليوم الثالث والأخير فى تحويل مجرى النيل، قام خلاله الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بالمرور على العمال وإعطاء التحية لهم كأبطال حقيقيين، استعدادا للحظة التفجير واصطف الرئيس وبرفقته وزراء الاتحاد السوفييتى نيكيتا خروشوف، والرئيس العراقى عبد السلام عارف والرئيس اليمنى عبد الله السلال. وتابع: "قام عبد الناصر وخروشوف، بالضغط على زر تحويل مجرى نهر النيل لأول مرة فى التاريخ إلى قناة التحويل وإقفال مجرى النيل القديم والبدء فى تخزين المياه ببحيرة ناصر، ودوى صوت الانفجار كطلقة الاحتفال بتحويل مجرى النيل وبدء العمل فى السد العالى". نسيان من الدولة وعبر عدد من بناة السد العالى القاطنيين بمنطقة مستعمرة السد العالى والتى أطلقت عليها مسمى المشروع العظيم عن معاناتهم من عدة مشاكل أهمها وجود ملاحقات قضائية من قبل هيئة السد العالى لطردهم من السكن الإدراى الذي حصلوا عليه خلال مراحل إنشاء المشروع، قائلين إنه من غير المعقول أن يتم طردهم بعد هذا العمر خاصة أنهم أفنوا عمرهم وضحوا بالكثير من أجل إنشاء هذا المشروع العملاق. وأكد عدد من العاملين القدامى بالسد العالى أن المستعمرة التى يقيمون بها الآن تعانى أشد المعاناة من نقص الخدمات رغم أن عدد سكانها يتجاوز 20 ألف نسمة، مشيرين إلى وجود مشاكل في مياه الشرب والكهرباء التى تنقطع باستمرار خاصة خلال فصل الصيف رغم أن المنطقة تعد الأقرب لمنشأة السد العالى والتى لا يفصلها عنه سوى أمتار معدودة، وأضافوا أيضا أن معظم خطوط الصرف الصحى متهالكة إلى جانب ضعف الخدمات الصحية. وطالب أبناء مستعمرة السد بإدراج المنطقة ضمن كردون وحدود مدينة أسوان واعتبارها أحد أحيائها حتى تحصل على الخدمات التي تستحقها بعدما قدم أبناؤها الكثير من التضحيات أثناء فترة بناء السد العالي. كما طالبوا الدولة بتكريمهم بالشكل الذى يليق بهذا الإنجار التاريخى مثلما تفعل الدولة مع المتفوقين ولاعبى الكرة والفنانيين والقادة.