محللون: التقارب بين الخرطوموالرياض «علاقة مصالح فقط» مع إعلان السودان قطع علاقاتها مع طهران، بعد إعدام رجل الدين الشيعي المعارض الشيخ نمر النمر في السعودية، الأمر الذي أشعل توترات في المنطقة، تزايدات التساؤولات حول تقرب الخرطوم من الرياض ودول الخليج، خاصة أنها كانت تعتبر حليفًا لإيران. وأعدت وكالة "فرانس برس" تقريرًا مطولًا جاء بعنوان "لماذا تخلت السودان عن طهران لصالح السعودية؟"، مشيرة إلى أنه بسبب تعطش الخرطوم للاستثمار السعودي، وصفت هذه الخطوة من قبل المحللين السودانيين بأنها جاءت بدافع التعهدات بمزايا اقتصادية. الطيب زين العابدين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، قال: إنه "على الرغم من أن الحكومة أعلنت أن هذه الخطوة كانت ردًا على الهجمات على السفارة السعودية في إيران، إلا أن هذه الخطوة جاءت (لأسباب براجماتية) في وقت يعاني فيه اقتصاد البلاد من ظروف سيئة". وأضاف زين العابدين "أدركت الحكومة أنها كانت معزولة جدًا، حتى في العالم العربي، وقررت إجراء بعد التغييرات". من جانبه أوضح مجدي الجزولي، الكاتب والمحلل السياسي، أن تحرك السودان تجاه الرياض يعتبر "علاقة من المصالح، ولا أعتقد أن هناك التزام أيدولوجي قوي". وكانت السودان قد أبدت التزامًا أكثر حزمًا مع الرياض وحلفائها الخليجيين، في مارس الماضي، عندما انضمت إلى تحالف مواجهة الحوثيين في اليمن، على الرغم من أن القتال داخل أراضيها مستمر، في منطقة دارفور بغرب السودان، وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وفي أغسطس، أعلنت السودان أنها تلقت ودائع بقيمة مليار دولار في البنك المركزي من المملكة العربية السعودية، وأفادت التقارير الإعلامية في ذلك الوقت أنها تهدف إلى رفع الاحتياطي النقدي الأجنبي في السودان. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية علي الصادق قد نفى أن تكون العلاقات الجيدة بين السودان والرياض تأتي لدوافع مالية واقتصادية، مشيرًا إلى أن "تدفق الاستثمارات مستمر طوال وقت". العقوبات شهد حكم الرئيس البشير في 26 عامًا فرض عقوبات كبيرة على السودان، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ودعمها للمتطرفين الإسلاميين، بمن فيهم أسامة بن لادن، كما أن البشير نفسه مطلوب بتهم ارتكاب جرائم حرب تتعلق بحركة التمرد في المنطقة الغربية من دارفور. تفكك العلاقات مع بقية منطقة الخليج بسبب دعم الخرطوم للغزو العراقي للكويت عام 1990، قد دفع السودان إلى اللجوء إلى إيران، وتفيد التقارير بأن طهران زودت السودان بالذخيرة والأسلحة الصغيرة، التي ساعدت في تطوير صناعة السلاح. ولكن العلاقات توترت في سبتمبر 2014، عندما أمر المسؤولين السودانيين بإغلاق مركز ثقافي إيراني في الخرطوم، اتهم موظفيه بمحاولة نشر المذهب الشيعي. وقال مصدر دبلوماسي في الخرطوم: إنهم "أغلقوا المركز الإيراني لإعطاء إشارة إيجابية إلى المملكة العربية السعودية". وجاءت هذه الخطوة في ظل الاقتصاد المتعثر بعد ما يقرب من 20 عامًا من العقوبات، وهي الحالة التي تفاقمت بسبب انفصال جنوب السودان في عام 2011، والتي أخذت معها ثلاثة أرباع احتياطيات النفط في البلاد. وأثار رفع حكومة الخرطوم الدعم على الوقود احتجاجات في الشوارع في سبتمبر 2013، في واحدة من أخطر التحديات لحكم البشير منذ استيلائه على السلطة في عام 1989. وأضاف "جزولي" أن المحرك الرئيسي للعلاقات الخارجية هو وضع بنك السودان"، في إشارة إلى حالة اقتصاد البلاد. استثمار منذ التقارب بين السودان والرياض وحلفائها الخليجيين، وعد المسؤولون بأنه سيكون هناك المزيد من الاستثمارات السعودية في البلاد، وقال وزير الاستثمار للبرلمان في الأسبوع الماضي: إن "الاستثمارات السعودية في السودان كانت قيمتها 11 مليار دولار". كما أن التغيير الدبلوماسي من المرجح أن يحظى بشعبية كبيرة بين أسر مئات الآلاف من العمال السودانيين الذين يعيشون في الخليج أيضًا. ففي مارس 2014، توقفت البنوك السعودية عن التعامل مع السودانيين، وهو ما أثر على إرسال العمال للتحويلات المالية، لكنه في أعقاب قرار السودان بالانضمام إلى الحرب في اليمن، أعلن المسؤولون أنه يمكن تخفيف الإجراءات. ومن جهة أخرى، قد تأمل الخرطوم أيضًا أن تضغط الرياض على واشنطن بشأن نظام العقوبات، وهي خطوة من شأنها أن تنتشل الاقتصاد من حالته السيئة. المصدر الدبلوماسي قال "جميع البلدان تتبع سياسة خارجية بما يتماشى مع مصالحهم، والمصلحة السودانية الآن هي الاقتصاد".