استخدمت الكاتبة الصحفية كارين إليوت هاوس كلمة "هشة" لوصف المملكة العربية السعودية، في كتابها الأخير الصادر عام 2012، وقالت إن من يراقب الأوضاع فى المملكة يجد أنها كلاعبة جمباز تفقد توازنها ببطئ والجميع يشاهدها ويحبس أنفاسه ويتسائل إذا كانت ستهبط بسلام أو ستتحطم على الأرض، هكذا افتتح الكاتب الصحفي دافيد إجناتيوس مقاله في صحيفة واشنطن بوست. وتابع إجناتيوس، في الأسبوع الماضي بدا أن آل سعود قد فقدوا مكانتهم بعد ارتفاع حدة ردات الفعل على إعدامها رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر، الأمر الذي أثار أعمال شغب في إيران وأدت لقطع العلاقات الدبلوماسية وتصعيد حدة العداء الطائفي في الشرق الأوسط. لا يمكن الإجابة على الأسئلة حول سبب اتخاذ السعودية هذه الإجراءات الخطية أو ماهية السياسات الأمريكية التي يمكن أن تتبع لتهدئة الفوضى في الشرق الأوسط دون تدقيق النظر في فقدان آل سعود الأمن ما أدى بهم لاتخاذ هذه الخيارات السيئة. لقد أصبح النظام في المملكة السعودية هشا، فقد صار قلقا من المتطرفين السنة في تنظيم الدولة الإسلامية وأيضا من المتطرفين الشيعة المدعومين من إيران كما تعثر في حرب مكلفة وغير ناجحة في اليمن، كل هذا في ضوء عدم ثقة النظام السعودي في الولاياتالمتحدةالأمريكية كداعم له وحامي لسلطته خاصة بعد توسطها في الاتفاق النووي الأخير الذي أنهى عزلة إيران الدولية. وعادة ما تتجه الأنظمة التي تشعر بعدم الأمان إلى أفعال متهورة وغير مجدية، وهذا ما حدث للمملكة السعودية. وقد زاد عدم الاستقرار الداخلي من مشكلات السعودية الخارجية خاصة بعد انتهاج نجل الملك سلمان الطموح وولى ولي العهد لخطة جديدة لتحديث النمو الاقتصادي بمساعدة شركة ماكينزي واستشاريين عالميين إضافة إلى خطة لتعزيز المشاريع الخاصة وتنويع مصادر الدخل دون الاعتماد على النفط والحد من التقليل من دور السعودية الإقليمي، السئ في ما يفعله محمد بن سلمان هو تحفيز الأمراء الكبار ذوي السلطة وهو ما يحدث خللا في المجتمع خاصة المجتمعات المحافظة التي لا تقبل التغيير. وقد اتجهت القيادة السعودية الدفاعية إلى تنفيذ حكم الإعدام بحق 47 من "المتطرفين"، وعلى الرغم من تركيز الاهتمام العالمي على وفاة رجل الشيخ نمر باقر النمر إلا أن معظم من أعدموا من المتطرفين السنة المتحالفين مع داعش وتنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى. ويعتقد بعض المراقبين للوضع السعودي أن إعدام النمر جاء كغطاء لإعدام المتطرفين السنة، لكن أيا كان الدافع يظل إعدام النمر خطئاً كبيرا. وقد ضاعف النظام السعودي من خطأه عن طريق قطع العلاقات الدبلوماسية بتهور مع إيران ودفع دول الخليج العربية الأخرى لحذو حذوها.وكان من المنطق أن تتغاضى الحكومة السعودية عن اقتحام سفارتها بطهران، كان رد الفعل السعودي مفهوم، لكنه كان مبالغ فيه أيضا. رغبة السعودية هذه في تحجيم الهيمنة الإيرانية ورطتها من قبل بالفعل في حرب في اليمن قيل إن تكلفتها بلغت حوالي مليار دولار شهريامع قليل من الإنجازات على الأرض، كما رد المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران بمهاجمة المدن السعودية ذاتها، وكان من الواضح أن السعوديون يتوقون لمحادثات السلام التي ترعاها الأممالمتحدة بشأن اليمن إلى أن تعقد الأمر نهاية الأسبوع الماضي. وحيال كل هذا حاولت الإدارة الأمريكية حماية ما تحقق في التسوية السياسية السورية خاصة بعد نجاحها أخير منذ أسابيع قليلة في جمع السعوديون والإيرانيون في مفاوضات فيينا، واطمأنت الإدارة الأمريكية ببيان مبعوث الأممالمتحدة دي ميستورا الذي قال فيه بعد اجتماعه مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن هناك إصرار واضح من الجانب السعودي على عدم تأثير التوترات الإقليمية على سير محادثات فيينا. وعلى الرغم من موقف الولاياتالمتحدة الحالي إلا أنها يجب أن يكون هدفها أوسع لمواجهات التصعيدات المدمرة التي يمكن أن تحدث بين إيران والسعودية ووقف هذا الجحيم الذي اندلع من بيروت إلى دمشق ومن بغداد إلى صنعاء وتظهر أحداث الأسبوع الماضي إمكانية توسع هذا الجحيم أكثر وأكثر.