خلال احتفاله بعيد ميلاده ال79 يوم الخميس الماضي، أعلن البابا فرانسيس معجزة ثانية للمبشرة الكاثوليكية الراحلة الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، الأم تريزا، والتي أصبحت أيقونة عالمية بسبب أعمالها الخيرية، وذلك بشفاء رجل برازيلي من مرض مميت بالمخ بعد أن صلى عدد من أفراد أسرته للأم تيريزا طلبًا للشفاء. وأشارت صحيفة "أفينير" الرسمية لمؤتمر الأساقفة الكاثوليك في إيطاليا، إلى أن البابا أرجع سبب المعجزة الثانية لشفاعة الأم تريزا عند الرب، حيث قال المتحدث باسم الفاتيكان، توماس روزيكا، في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": إنه "من المنتظر أن تعقد مراسم التقديس في شهر سبتمبر المقبل". كما نقلت مجلة "تايم" الأمريكية، أن بابا الفاتيكان السابق، البابا يوحنا بولس الثاني، أقر المعجزة الأولى للأم تريزا بتطويبها عام 2003، بعد شفاء امرأة هندية من ورم بالمعدة، وهي الخطوة التي تسبق إعلان القداسة، الذي يتطلب حدوث معجزتين. ورأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن ذلك يعتبر خطوة مهمة، تمهد الطريق للراهبة لتحصل على لقب قديسة، وهو أعلى تكريم يمنح من قبل الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. وأشارت الصحيفة إلى أنه مؤيدي الأم تريزا استقبلوا الخبر بالأفراح والاحتفالات، ولكن في الوقت نفسه يمكن أن يلقي هذا الخبر مزيدًا من البنزين على النار المشتعلة على الجدال الصعب والمرير حول مزايا العمل الخيري لتيريزا وطبيعة إرثها. من جانبه قال "موهان باغوت" المدير التنفيذي للمجموعة القومية الهندوسية: إنه "من الجيد العمل على قضايا خيرية، ولكن عمل الأم تريزا كان له دوافع خفية.. والتي تتضمن تحويل الشخص الذي تخدمه إلى المسيحية"، مشيرٍا إلى أنه "باسم الخدمة، كانت التحولات الدينية تحدث". وأثارت تصريحات (باغوت) غضبًا بين الأوساط السياسية في الهند، فكيف للمرأة الحاصلة على جائزة نوبل للسلام أن يكون لديها دوافع خفية؟، حيث قدم المسؤول في حزب المؤتمر "راجيف كوكلا" باعتذاره، فيما قال رئيس وزراء دلهي المنتخب حديثًا، أرفيند كيجريوال: إن "تريزا كان لديها روحًا نبيلة"، مطالبًا المجموعة القومية الهندوسية بالابتعاد عنها. وأوضحت "الواشنطن بوست" أن الجدل الدائر حول الأم تيريزا والتي توفيت عام 1997، ليس جديدًا، فقد اتهمت من قبل بسوء استخدام الأموال والعلاجات الطبية السيئة والتبشير الديني عن طريق المؤسسات التي كونتها. ومن بين منتقدي تيريزا كان الكاتب البريطاني الشهير "كريستوفر هينشنز" والذي ارتبطت سمعته في تسعينيات القرن الماضي كأشد مهاجمي الراهبة الراحلة، ففي عام 1994، كتب هيتشنز بالتعاون مع الصحفي الباكستاني البريطاني "طارق علي" فيلمًا وثائقيًا حول الأم تيريزا بعنوان "ملاك الجحيم" وهو الفيلم الذي وجه سلسلة من الانتقادات نحوها. وكشف الفيلم الوثائقي عن أن تيريزا كانت "حليفة للوضع الراهن" كما وصفها، لافتًا إلى علاقتها مع شخصيات مريبة في جميع أنحاء العالم أبرزها الديكتاتور الهايتي "جان كلود دوفالييه" والممول الأمريكي سئ السمعة "تشارلز كيتنغ"، وأثار الفيلم جدلًا عالميًا، لذلك تبعه هينشنز بكتاب "مهمة التبشير" والذي وسع من مستوى انتقاداته للأم تيريزا. لم يكن هجوم الكاتب البريطاني وحده على الأم تيريزا، بل هاجمتها المجلة الطبية البريطانية "ذا لانسيت" أيضًا، حيث نشرت حساب نقدي للرعاية في مرافق تيريزا في عام 1994، كما وجدت دراسة أكاديمية كندية من بضع سنوات "طريقة مشكوك فيها لرعايتها للمرضي"، كما أن لها اتصالات سياسية مشكوك بها أيضًا، وعلاقات مشبهوة في إدارة مبالغ هائلة من الأموال التي تحصل عليها، كما أن لها وجهات نظر عقائدية بشكل مفرط فيما يتعلق على وجه الخصوص بالإجهاض ومنع الحمل والطلاق. ولدت الأم تريزا في ألبانيا عام 1910، وكانت تدعى قبل الرهبنة "جونشي بوياخيو"، وتعلمت في مدارس اليسوعيين، التي تشبه مدارس الراهبات حاليًا، وعند إتمام عامها ال12 أدركت حبها ورغبتها في مساعدة الفقراء وعملت على تقديم المساعدة لهم، ثم انتقلت إلى دير راهبات "أخوية لوريتو" في دبلن بأيرلندا. غادرت الأم تريزا الدير عام 1948 بعد رؤية جائتها في منامها يدعوها فيها الرب لخدمته بين أفقر الفقراء، وانتقلت إلى أحياء مدينة كالكتا الهندية لخدمة الفقراء هناك، ومن أشهر أعمالها الخيرية، تمكنها من وقف إطلاق النار مؤقتًا خلال الاجتياج الإسرائيلي للبنان عام 1982، من أجل إنقاذ 37 طفلًا مريضًا كانوا محاصرين داخل إحدى المستشفيات.