«شيخ بترول» يتولى إدارة واحدة من أقوى القنوات الإخبارية العربية وأكثرها تأثيرا فى الشارع السياسى، ألا وهى قناة «الجزيرة»، والتى أعلنت عن تولى الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثانى منصب مدير عام الشبكة خلفا لوضاح خنفر، الذى أعلن استقالته رسميا من المنصب. الشيخ أحمد هو أحد أفراد الأسرة الحاكمة فى قطر، لكنه لا يملك أى مؤهلات أو دراسات فى المجال الإعلامى، فهو حاصل على ماجستير فى هندسة البترول، ويتولى منصبا قياديا فى شركة «قطر للغاز» المملوكة للدولة، وحصل على شهادات عديدة فى مجال البترول والفلسفة ودراسات القادة.
«شيخ البترول» هو اللقب الذى أطلق على مدير شبكة «الجزيرة» الجديد على موقعى التواصل الاجتماعى «فيسبوك وتويتر» منذ إعلان خبر تعيينه، فخبر استقالة خنفر وتعيين بن جاسم آل ثانى، أثار استغراب وعلامات استفهام عدد كبير من وسائل الإعلام العالمية، خصوصا أن خليفته لا يملك أى مؤهلات إعلامية لقيادة شبكة اكتسبت سمعة وتأثيرا كبيرين، وتخطت الشرق الأوسط لتشمل العالم ككل.
حيث أشارت شبكة «بى بى سى» إلى أنه رغم عدم إعلان خنفر أسباب استقالته، فإنها توقعت أنه قرر الرحيل بسبب الخلافات التى دبت بين الموظفين داخل الشبكة حول طريقة تغطيتها لأحداث ربيع الثورات العربية، والتقليل من شأن الاحتجاجات فى البحرين، بينما ذكرت أنه يمكن أن تكون استقالته بسبب الاتهامات التى وجهت إليه فى تسريبات «ويكيليكس» بتغيير الإنتاج الإخبارى لإرضاء أمريكا، كما ربطت بين استقالته واستقالة غسان بن جدو مدير مكتب «الجزيرة» فى بيروت.
صحيفة «ذا جارديان» البريطانية قالت إن استبدال أحد أفراد العائلة المالكة بوضاح خنفر يعد انقلابا حادا فى المواقف القطرية، ويجعل مستقبل «الجزيرة» ومصداقيتها التى كانت سبب شهرتها فى الشرق الأوسط على المحك.
فخنفر، على حد قول الصحيفة، كان أحد المقربين لأمير قطر، وينظر إليه على أنه أشد الشخصيات نفوذا فى الشرق الأوسط، بسبب التأثير الواسع للقنوات التى يديرها.
ولكن الصحيفة البريطانية أشارت إلى أنه قد يكون النظام القطرى تأثر بالضغط الدولى عليه بسبب تغطية خنفر للثورات العربية، والاتهامات الموجهة إليه بتعاطفه مع التيارات الإسلامية والإخوان المسلمين على الأخص، والذى تجلى بحسب قولها، فى تغطية «الجزيرة» للثورة الليبية، حينما منحت مساحة واسعة لإسلامى ليبى بارز يعيش فى قطر.
أما صحيفة «ذا تايمز» البريطانية فكشفت مصادر لها أن إقالة خنفر جاءت بسبب ضغوط أمريكية شديدة مورست على النظام القطرى، بعدما طلبت الإدارة الأمريكية تخفيف تغطية «الجزيرة» لتطورات الربيع العربى بحسب الصحيفة.
فإدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وجهت اتهامات عديدة ل«الجزيرة» على حد قول الصحيفة البريطانية، أبرزها اهتمامها بالتغطية الواسعة لأنشطة القاعدة والمتمردين فى العراق، والمحاباة ضد دول بعينها فى الثورات العربية.
الإعلام العبرى لم يهتم من بين كل البيانات والمعلومات التى وردت فى خبر استقالة وضاح خنفر إلا بانتقاء القليل، مركزًا فى تقاريره الإعلامية على كونه فلسطينيا من منطقة جنين، ويعيش فى الأردن، وأنه مقرب من حركة المقاومة الإسلامية حماس.
صحيفة «هآرتس» قالت إن أحد أبناء العائلة المالكة تم استبداله بالفلسطينى وضاح خنفر من قبل الحكومة القطرية، وهى خطوة مفاجئة ومأساوية ودرامية، لافتة إلى أن خنفر كان مسؤولا أكثر من أى شخص عن الثورة التى اجتاحت وسائل الإعلام العربية فى السنوات العشر الأخيرة.
صحيفة «يديعوت أحرونوت» من جانبها، وصفت استقالة خنفر ب«الزلزال العربى»، وعزت نبأ رحيله إلى إمكانية ارتباطه بحركة حماس والإخوان المسلمين، وبعدما ثارت ضده الاتهامات حول التنسيق مع واشنطن حول ما يحدث فى العراق.
«ابن العائلة الحاكمة يخلف خنفر» بهذا العنوان الفرعى قالت «يديعوت» إن أحمد بن جاسم آل ثانى هو من سيدير شبكة «الجزيرة»، مما يثير على حد قولها تساؤلا حول إمكانية استمرار القناة القطرية فى البث والتشجيع والمساهمة فى ربيع الثورات العربية.