"الانتماء لجماعة إرهابية" تهمة كثيرًا ما استخدمت من قبل السلطات التركية للتضييق على حرية الإعلام وإسكات أي صوت معارض لسياسة الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية". وفي الأشهر الماضية، وخاصة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في يونيو الماضي، تكررت الاتهامات المماثلة لتنال مؤسسات صحفية كبيرة. القرار الذي أصدرته محكمة إسطنبول، أمس الخميس، باعتقال اثنين من الصحفيين المعارضين البارزين لإدانتهم بتهم تتعلق بالإرهاب، ليس الأول ويبدو أنه لن يكون الأخير في ظل توحش نظام أردوغان وسعيه لتغيير الدستور بما يسمح له بالحصول على سلطات أوسع. كشف أسرار الدولة ولكن هذه المرة أضافت المحكمة تهمة جديدة بجانب الانتماء إلى جماعة إرهابية، وهي كشف "أسرار الدولة"، حيث أمرت إحدى محاكم إسطنبول بسجن رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت" جان دوندار، وكذلك مدير مكتبها في أنقرة اردم جول، بسبب تقرير نشرته الصحيفة في مايو الماضي يظهر صورًا للشاحنات التركية تحمل ذخيرة للمسلحين السوريين. وكانت "جمهورييت" قد ذكرت أن الصور تعود إلى يناير 2014، عندما فتشت السلطات المحلية الشاحنات المتجهة إلى سوريا، مما أثار مواجهة مع مسؤولي المخابرات التركية. وقالت "الصحيفة": إن "الصور دليل على أن تركيا كانت تهرب أسلحة إلى المتمردين، وهو ما تنكره الحكومة، كما وجهت المحكمة تهم الانتماء لجماعة "فتح الله جولن" التي تصنفها الحكومة كمنظمة إرهابية". وقدَّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شكوى جنائية فردية ضد الصحفيين، مدعيًا أن التقرير الذي نشر "يتضمن بعض اللقطات والمعلومات غير الحقيقة". وجاء في الشكوى الجنائية، التي رفعت إلى مكتب المدعي العام في أنقرة، أن الصحيفة تتعاون مع رجل الدين الإسلامي المقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية فتح الله جولين، مشيرًا إلى أن القضية ليست في وجود الأسلحة في الشاحنات، قائلًا "ما الفرق أن تكون الشاحنات بها أسلحة أم لا؟، نشر التقرير في حد ذاته يعتبر خيانة". وأوضح "أردوغان" أن الشاحنات كانت لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى بلدة "باير بوجاق" التركمانية، وأن الصحفيين كانوا متواطئين في "تخريب" هذه المساعدات لمجرد الإساءة إلى صورة الرئيس وحزب "العدالة والتنمية". جماعة فتح الله جولن أسسها العالم الإسلامي "فتح الله جولن" المقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية في ولايو بنسلفانيا، ويمتلك عدد من المؤسسات الإعلامية والمدارس والمعاهد البحثية. وتصنفها الحكومة التركية كمنظمة إرهابية، وتتهم أنصارها بالتغلغل داخل سلكي القضاء والشرطة واستغلال مناصبهم في أنشطة غير مشروعة كما تتهمها بالوقوف وراء عمليات تنصت غير قانونية، وفبركة تسجيلات صوتية. مداهمات وانتهاكات للمؤسسات الإعلامية الثلاثاء 1 سبتمبر 2014 داهمت الشرطة التركية مقر مجموعة "كوزا إيبيك" المتخصصة في مجال الإعلام، والمعروفة بانتقادها لحكومة أردوغان، والمقربة من خصمه الداعية فتح الله جولن، وتمتلك عدد من الصحف والقنوات التلفزيونية من بينها صحيفة "توداي زمان" وقناة "بوجون". واقتحمت الشرطة مكاتب المجموعة بتهمة تقديم الدعم المالي ونشر الدعاية لمنظمة "فتح الله جولن الإرهابية". الأربعاء 9 سبتمبر 2014 مرة أخرى وبنفس الادعاءات، شنت الشرطة التركية حملة تفتيش على شركة "كوزا إيبيك"، وطالت الحملة قناة "كوزا جولد" التابعة للشركة القابضة، كما داهم ضباط مديرية مكافحة الجرائم المالية والجرائم المتعلقة بالشبكات الإلكترونية أيضًا 22 مقرًا تابعًا لشركة "كايناك" القابضة، بشأن مزاعم حول الدعم المالي ونشر الدعاية لنفس المنظمة. تحت الوصايا وفي سابقة من نوعها، قرارت محكمة أنقرة، في 26 أكتوبر الماضي، بتعيين لجنة أمناء على المجموعة الإعلامية "كوزا إيبيك"، بناء على طلب من مكتب المدعي العام بأنقرة، بتهمة التورط في دعم أنشطة منظمة "فتح الله جولن". وفي صباح يوم 28، استخدمت الشرطة التركية مدافع المياه والغاز المسيل للدموع للدخول إلى مقر المجموعة الإعلامية في إسطنبول لتنفيذ أمر المحكمة بالسيطرة على الشركة، واقتحم الضباط وأفراد الشرطة غرفة التحكم الرئيسية، مما تسبب في انقطاع البث. وفي أثناء تغطيته للأحداث، اعتقلت الشرطة التركية مراسل قناة "بوجون" التابعة للشركة كامل مامان، وتعرض لانتهاكات متعددة في فترة اعتقاله. المرتبة ال149 على مؤشر حرية الصحافة وفقًا لمؤشر حرية الصحافة التي تعده منظمة "مراسلون بلا حدود"، تحتل تركيا المرتبة ال 149، وعلى الرغم من الإفراج المشروط في عام 2014 عن نحو 40 صحفيًا، إلا أن الكثير منهم لا يزال يواجه الملاحقة القضائية، كما أكدت المنظمة أن حكومة أردوغان "تقوم بكل ما هو ممكن لكبح جماح نفوذ عدوها الجديد وهو: (حركة جولن).