بعد 40 عامًا من الخلافات..«رفض سياسات التقشف» يوحد الاشتراكيين والشيوعيين أصبحت خطط المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، لفرض الانضباط المالي في منطقة اليورو أكثر تعقيدًا، وذلك في ظل التأكيدات بصعود حكومة يسارية في البرتغال، بحسب ما قالت مجلة "فاينانشيال ريفيو" المتخصصة في الشأن الاقتصادي. وكانت حكومة يمين الوسط في البرتغال، التي انتخبت في الرابع من أكتوبر الماضي بقيادة بيدرو باسوس كويلو، قد سقطت مساء أمس الثلاثاء، بعد تصويت الكتلة النيابية اليسارية التي تسيطر على البرلمان ضد برنامج حكومته، وذلك بعد أن فاز ائتلاف يمين الوسط بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات بنسبة 36.9 %، لكنه خسر أغلبيته البرلمانية لصالح مجموعة الأحزاب اليسارية. وبعد انهيار حكومة باسوس كويلو، من المتوقع أن يطلب رئيس البرتغال من أنطونيو كوستا، زعيم الحزب الاشتراكي الذي تعهد "بفتح صفحة جديدة" بشأن التقشف، تشكيل الحكومة. وعلى الرغم من أن الحزب الاشتراكي جاء في المرتبة الثانية في انتخابات أكتوبر، وحصل على 32.3% من الأصوات، رفض كوستا قبول الهزيمة، وبدأ في مفاوضات صعبة مع كتلة اليسار الراديكالي والحزب الشيوعي المتشدد، اللذان يرفضان سياسة التقشف، وحصلا على ما يقرب من 18 % من الأصوات. وفي الأخير، تمكن كوستا من إقناع هذه الأحزاب اليسارية الراديكالية وكذلك حزب الخضر بالوقوف صفًا واحدًا لمحاربة التقشف، وهو ما يعتبر إنجاز لا يستهان به في البرتغال، حيث كان الاشتراكيون والشيوعيون على خلاف منذ انتهاء الديكتاتورية في عام 1975، وعلى الرغم من أن اليسار المتطرف لن يشكل جزءًا من الحكومة، إلا أنه قد وافق على دعم الحكومة الاشتراكية. وعمل التحالف اليساري الجديد على إنهاء تدابير التقشف تدريجيًا التي اعتمدتها حكومة باسوس كويلو في عام 2011، وفي ذلك الوقت، كانت البلاد على حافة الإفلاس، وكان مطلوب بشكل عاجل 78 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، في مقابل هذا التمويل، اضطرت البلاد لتنفيذ تدابير التقشف الصارمة، بما في ذلك خفض الأجور والمعاشات التقاعدية الكبيرة. وبموجب الاتفاق الذي توصل إليه (كوستا) مع حلفائه اليساريين، سيكون هناك حدًا لتجميد معاشات التقاعد، وإلغاء تخفيضات رواتب موظفي القطاع العام، وزيادة مطردة في الحد الأدنى للأجر الشهري إلى 600 يورو بحلول عام 2019. كما يلغي الاتفاق أيضًا خطط لخصخصة وسائل النقل العام في لشبونة وبورتو، كما سيتم إعادة التفاوض على بيع شركة الطيران "تاب" المملوكة للدولة. من جانبها، أسقطت كتلة اليسار والحزب الشيوعي مطالبها السابقة بإعادة التفاوض على ديون البرتغال. ولكن حتى يطمئن الاتحاد الأوروبي بأن نهاية هذه التدابير التقشفية لن تؤدي إلى ضرب الميزانية تدريجيًا، فقد التزم كوستا أيضًا بخفض عجز الموازنة إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2019، أقل من المتوقع بنسبة 3 % هذا العام. وفي الوقت نفسه يشعر المستثمرين بالقلق من أن الاقتصاد البرتغالي، الذي بالكاد يخرج من حالة الركود، ليس قويًا بما يكفي لدعم الحد الأدنى للأجور. فلا تزال البرتغال تعاني من أعباء الديون الثقيلة، التي بلغت نحو 130 % من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن معدل البطالة لا يزال مرتفعًا ليصل إلى 12 %. ويخشى المستثمرون أيضًا من أن تخضع حكومة يسار الوسط التي يقودها الاشتراكيون لحلفائها اليساريين الراديكاليين إذا تعثر الاقتصاد البرتغالي، أو ارتفعت تكاليف الاقتراض.