تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي، في كلمته بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة أول أمس، غاضبًا، عن أداء بعض الإعلاميين، الذي رأى فيه أنه "ينشر الجهل بين الناس"، مؤكدًا أنه سيشكي إلى الشعب منهم، ولم يتطرق السيسي إلى موقف الدستور من الأمر، باعتباره أنه وثيقة تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، تلك "الانتقادات" دفعت إلى عودة التساؤل حول وضع "مدى" لحرية الصحافة، والتشريعات الخاصة بالمهنة، وعلى رأسها مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، الذي أعدته اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية، على مدار عام كامل. وقال عضو اللجنة الوطنية، جمال فهمي: إن المؤشرات السلبية والمتخوفة من "ترجمة" ما جاء في الدستور من مبادئ راقية جدًا، فيما يخص حرية الرأي والتعبير والصحافة، ليست ناجمة من حديث السيسي فقط، وإنما من البيئة السياسية بالغة السوء، "التي ظهرت بعض نتائجها مع نتيجة انتخابات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب"، حسب وصفه"، مشددًا على أن أعداء الحريات سيكون الغلبة في هذا البرلمان. وأوضح فهمي، أن "الرئيس ترك الأمور تتفاقم إلى هذا الحد، ما أدى إلى ضيق المجال العام، بحيث يتم إقصاء كل المحترمين من المشهد، ويسيطر حفنة من رجال أعمال فاسدين بأبواقهم على الشاشات"، مردفًا بأن الحديث عن تشريعات صحفية تترجم مبادئ الدستور، أمر غير متصور، في ظل حديث نواب البرلمان الجدد على أن أولوياتهم هي العمل على تعديل الدستور لتقليص صلاحيات البرلمان، بنفس الطريقة التي يؤيد فيها الإعلاميون حديث الرئيس". وتابع فهمي: "نحن أمام كارثة حقيقية، ما يجري في البلد يشير إلى أن الأمور ليست على ما يرام، لا في السياسية ولا في الإعلام، وعلى الرئيس أن ينقلب على الطريقة التي أدار بها البلاد طوال ال17 شهر السابقة"، لافتًا إلى أن الأمر الإيجابي في حديث الرئيس هو شعوره بعدم رضا المواطنين عما يجري. ونوه فهمي، بأن الإعلام ليس جزيرة منفصلة، ينصلح حالها بمعزل عن المجتمع، وإنما مرآة تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، مضيفًا: "إذا كان الإعلام المسيطر على الساحة الآن هو إعلام البذاءة والنفاق والتطبيل، فهذه هي حقيقة الوضع الحالي". وأكد فهمي أن مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحد، الذي أعدته لجنة تضم 50 شخصية من كبار الصحفيين والإعلاميين والقانونين، يترجم ما جاء في الدستور من مبادئ في نصوص قانونية متفق عليها من الجماعة الصحفية، مكملًا: "إلا أن هذا القانون مرمي في أدراج الحكومة؛ لاعتراض فرقة من المنافقين عليه، ورغبتهم في تفصيل تشريع يعيد إنتاج الماضي، ويجعل من الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام المنصوص عليه في دستور 2014، صورة مكررة من مجلس شورى مبارك". واستطرد: "السيسي لم ينزعج، ولم يُشهّد الشعب، في وجه إعلاميين تجاوزوا كثيرًا من أخلاقيات مهنتهم، ولم يمانعوا أن يلجأوا للتشهير أو الخوض في الأعراض، بل انتهكوا خصوصية المواطنين واستخدموا منابرهم في كيل الاتهامات والشتائم على الهواء، رغم أن جميعهم لا يتحدثون عن أمر إلا ويذكروا الرئيس.. يقدمون بضاعتهم للناس باعتبارهم إعلام الرئيس، إلا أن القاعدة التي تحكم الأمر في النهاية مواد الدستور". واستطرد: "وبمراجعة المواد أرقام 70 و71 و72، يتبين أن الدستور كفل حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني للمصريين، بل وحظر بأي وجه فرض رقابة علي الصحف ووسائل الإعلام أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ولم يجز فرض أي رقابة محددة عليها إلا في زمن الحرب أو التعبئة العامة، ولم يكتف الدستور بهذا، وإنما ألزم الدولة في مادته رقم 72 بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام، ومن ثم فطالما لا توجد حرب على الدولة التي يتحدث بلساناها الرئيس السيسي فلا يجوز أن تفرض أي رقابة على عمل الصحافة ووسائل الإعلام".