كعادة المصري، لا يسمع إلا "صوت عقله"، وحينما يطالع خبرًا عن تحذير من تناول أنواع معينة من الطعام، يكون جوابه التقليدي والطبيعي "خليها على الله"، وفي الوقت الذي اهتز العالم بصدور تقرير منظمة الصحة العالمية، الخاص بأضرار اللحوم المصنَّعة، وتسبُّبها في الأورام السرطانية، تستقبل مطاعم الوجبات السريعة في مصر بنفس الكثافة، على مدار الساعة. اللافت للنظر أن عددًا كبيرًا من الشباب، الذين يعلمون ما جاء في التقرير من خطورة هذه الأطعمة، مصرّون على تناولها، بينما أوضح البعض عدم تنامي الخبر إلى مسامعهم، لكنهم في نفس الوقت أجمعوا على أن "المعدة اللي تهضم الفول تتحمل أي حاجة". لا فرق بين عربات الكبدة الموجودة هنا وهناك، ومطاعم الوجبات السريعة "الشيك"، فكلاهما يقدم نفس أنواع الطعام، لكن بصورة وأسعار مختلفة.. "التحرير" أجرت جولة على عدد من عربات الكبدة والسجق، ومطاعم الوجبات السريعة التي تقدم اللحوم المُصنَّعة، ورصدت عدستها إقبالًا واسعًا على تلك الأطعمة، لا سيما من العربات التي تقف في الشارع، وتقدم هذه الأطعمة بأسعار زهيدة. الشباب: اعتدنا عليها عدد كبير من الشباب مرتادو مطاعم الوجبات السريعة أكدوا ل"التحرير" أنهم اعتادوا تناول تلك الأطعمة ويأكلونها منذ سنوات، ولا يشعرون بأي متاعب من تناولها. وقالت مروة السيد، من داخل مطعم وجبات سريعة شهير بالمهندسين، إنها تتناول هذه الأطعمة بشكل شبه يومي؛ لوجودها الدائم خارج البيت، وأضافت أنها تعلم جيدا أن هذه الأطعمة ربما تسبب لها أمراض أو أضرار صحية، مشيرة إلى أن تناول مثل هذه الأطعمة أصبح نوع من الإدمان لديها، وتابعت: "أحيانًا لا أستطيع ماديًا الذهاب لمطعم كبير فأتناول ساندويتشات من عربة الكبدة بالشارع، ولا أجدها سيئة أبدًا، بل أتوجه لها أحيانا حتى في حالة لو في أمكاني الذهاب لأحد المطاعم الكبرى". الخضروات بنكهة «الصرف والمبيدات» بينما قال أحمد صالح، من أمام إحدى عربات الكبدة، إن الأمر لا يتعلق فقط بما جاء في تقرير "الصحة العالمية"، وأوضح أن المنظمة لم تصدر تقارير بشأن الخضروات المصرية التي تُروى بماء الصرف الصحي، ولا المبيدات المسرطنة التي يتم تغذية المزروعات بها، معقبًا: "نحن نأكل ونمرض، لكن ما باليد حيلة، ما تسببه تلك الأطعمة التي جاءت بالتقرير تسببه باقي الأطعمة في مصر". صاحب مطعم شعبي: كلام فارغ "كل ده كلام فارغ، الناس بتاكل الحاجات دي من سنين وماجرلهاش حاجة، ولو حقيقي كان نص الشباب جالهم المرض"، هكذا أكد صاحب أحد مطاعم الوجبات السريعة ل"التحرير"، مستطردًا: "كل الأكل هنا نضيف، ما بنعملش حاجة سيئة، ولا حاجة تجيب أمراض". وتابع صاحب المطعم، الذي فضَّل عدم ذكر اسمه: "كل فترة تخرج تقارير عن الأطعمة التي تُصنَّع بالخارج، والأطعمة التي تطهى في المطاعم وخارج المنزل، وتلك التي يطلقون عليها وجبات سريعة، وبعد فترة من صدور تلك التقارير تهدأ الأوضاع ويستمر المواطن في تناول تلك الأطعمة"، معقبًا: "رغيف الكبدة أو السجق عندنا بخمسة جنيه، يعني الفرد ياكل لحمة بعشرة جنيه أو حتى 15 ويشبع، هيلاقي فين حاجة زي كده، وإزاي يلاقيها وما ياكلهاش؟". ولفت إلى أن المطعم يعمل 24 ساعة، وأن المصريين والسائحين يقصدون محله دائما، ولم يشكو أحد من الطعام الذي يقدمه، وتابع: "حتى اللحوم العادية قالوا إنها تسبب السرطان، هل هذا يعني أن الناس لا تأكل اللحوم أبدا؟". مدير مطعم للوجبات السريعة: المنظمة لم توص بعدم تناولها في إحدى صور التحايل على التقرير، قال مدير فرع مطعم للوجبات السريعة بالدقي، إن تقرير "الصحة العالمية" بشأن اللحوم المصنعة قال إنها "قد تؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بالسرطان"، مضيفا أن هذا الأمر لا يرتبط بتلك النوعيات من الأطعمة فقط، وتابع: "التقرير لم يوص بعدم تناول تلك الأطعمة، لكنه نبَّه إلى احتمالية الإصابة بأمراض من جراء تناولها، مثل أطعمة أخرى كثيرة نتناولها وربما تسبب أمراض". وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت رسمياً أن اللحوم المصنعة، مثل البرجر والسوسيس والسجق واللحم المقدد والبسطرمة واللانشون، تُعتبر من مسببات السرطان، وضمتها لنفس القائمة التى تحوى السجائر والخمور والزرنيخ والأسبستوس، وأكد المسئولون أن تناول 50 جراماً من اللحوم المصنعة يومياً، أقل من قطعة سوسيس واحدة، يساهم فى رفع فرص الإصابة بسرطان القولون بنسبة 20%، وضمت المنظمة اللحوم الحمراء إلى قائمة مسببات السرطان.