تخوفات عديدة وانتقادات واتهامات متلاحقة بالتدخل فى الشأن المصري عادة ما توجه صوب المنظمات الحقوقية الدولية أثناء مشاركتها في رقابة أي استحقاق انتخابي. "التحرير" التقت رمضان أبو جزر عضو الهيئة العليا للبعثة الدولية المحلية لمتابعة الانتخابات البرلمانية، رئيس بعثة الشبكة الدولية للحقوق والتنمية، وهو من أصل فلسطيني ومقيم في بلجيكا، للحديث عن الدوافع وراء الاتهامات التي تلاحق المنظمات الأجنبية والحقوقية التي تتابع العملية الانتخابية، وسبب التخوفات جراء تدخلها في الشأن المصري، ومراقبة ما يحدث من أمور داخلية تتعلق بالعمل الداخلي فى مصر، وكذا متابعة الانتخابات البرلمانية الجارية حاليًا. البعثة لم تحضر من أجل التدخل فى الشأن المصري لم أسمع تصريحات قمصان عن "الشورتات الساخنة" كلمة "مراقبة" تثير الحساسية لدى المصريين. نحن لسنا أكثر من شهود نوثق ما نشهده الدولة المصرية صاحبة سيادة وتدير العملية الانتخابية برمتها
وإلى نص الحوار.. بداية.. هل رصدت اللجنة أي انتهاكات أو تجاوزات خلال متابعتها لانتخابات البرلمان؟ بالفعل، رصدنا أكثر من 221 حالة انتهاك خلال المرحلة الأولى للانتخابات، وتمَّ إرسالها في تقرير مفصل للجنة العليا للانتخابات، وأحالت اللجنة ثلاث حالات منها إلى النيابة العامة بعد تأكدها بما لايدع مجالاً للشك بصحه هذه الانتهاكات، والتي كان أغلبها يتضمن التأثير على الناخبين ماديًّا من أجل الحصول على أصواتهم فى العملية الانتخابية. نريد أن نتعرف أكثر عن دور البعثة الدولية المحلية لمتابعة العملية الانتخابية؟ هي بعثة مشتركة لمتابعة الانتخابات المصرية، وتعد البعثة الدولية المحلية المشتركة هي الأضخم على الإطلاق بين بعثات المتابعة الدولية والمحلية للعملية الانتخابية الجارية في مصر، حيث تضم مؤسستين دوليتين وهما الشبكة الدولية للحقوق والتنمية بالنرويج، والمعهد الولي للسلام والعدالة وحقوق الإنسان بجنيف، وشريكهما المحلي ومنسق أعمال البعثة في مصر مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، وتضم البعثة منظمة السوق المشتركة لجنوب وشرق إفريقيا "الكوميسا" وهذه طريقة ابتكرتها الشبكة الدولية للعمل في مناطق التي تتابع فيها الانتخابات للوصول لأكبر تصور من المصداقية وضمان الشفافية وعدم التشكيك في نزاهتها،وأريد أن أشير إلى أنَّ هذه هي المشاركة الثالثة لنا في متابعة العملية الانتخابية في مصر بعد الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية.
البعض يرى أنَّ وجود بعثات دولية لمتابعة العملية الانتخابية بمثابة تدخلاً في الشأن المصري.. فكيف ترى هذا الأمر؟ على الإطلاق، وهذا لعدة أسباب رئيسية إيجابية، أبرزها أننا لسنا هنا للتدخل في الشأن المصري، ولا نؤدي أي عمل شرطي ولكننا نشارك الشعب المصري في عملية الانتقال والتحول السلمي الديمقراطي السليم وأقصى ما يمكن أن تصل إليه المراقبة الدولية هو تقديم توصيات لتحسين العملية الانتخابية في المرات القادمة إذا ما حدثت انتهاكات أو تجاوزات في العملية الانتخابية، ووجود المتابعة الدولية في بعض الدول يعطي نوعًا من المصداقية وضمانًا للشفافية والنزاهة، ويعطي ضمانة للناخب بأنَّ هناك من يتابع حقوقه، وأيضًا يعمل بشكل تحسيني لأداء السلطات، وحينما يكون هناك نوع من الرقابة والمتابعة يكون الأداء بشكل أفضل، وفي مصر بالتحديد تحتاج إلى شهود حق على أراضيها، وأريد أن أبتعد عن كلمة مراقبة لأنها تثير الحساسية لدى بعض المصريين.
وما هي أبرز الدول التي شاركت البعثة الدولية المحلية في متابعة العملية الانتخابية بها؟ كانت البعثة دائمًا حيادية ولا تتدخل في الشأن الداخلي وتحترم الثقافة المحلية للدول التي تتابع فيها العملية الانتخابية بها، وأريد أن أذكر أنَّ الشبكة الدولية للحقوق والتنمية سبق لها أن راقبت في السنوات القليلة الماضية، من بينها دول لم تكن تتصور أن تسمح بدخول بعثات دولية لمتابعة العملية الانتخابية بها مثل الجزائر والأردن وتونس والسودان، وتابعنا العملية الانتخابية الأخيرة في مصر ومن قبلها الاستفتاء على الدستور.
ألا يقلقك خروج بعض المنظمات الدولية بين الحين والآخر للهجوم على مصر؟ أرفض منهج المنظمات الدولية التي تحكم على العملية الانتخابية في مصر دون أن تكون موجودة على الأرض وتتفاعل مع المجتمع المدني المصري وتُصدر أحكامًا دون أن تصل إلى الحقيقة وتصدر أحكامًا مسبقة مثلما حدث في الانتخابات الرئاسية المصرية السابقة، وهناك منظمات كبرى كانت قد قدمت طلبًا للجنة العليا للانتخابات للقدوم إلى مصر والعمل وتمَّت الموافقة لعددٍ كبيرٍ من المراقبين وقبل الحدث الانتخابي بشهرين طلبت تخفيض العدد وبدون سابق إنذار تصدر تقريرًا مسبقًا عن الانتخابات الرئاسية قبلها ب15 يومًا تهاجم فيه مصر، وفي عرف الأدبيات للمنظمات الدولية هذا شيء مرفوض تمامًا. نحن عندما نتقدم من خلال المؤسسة الرسمية ولا نأتي متطفلين، ونحن بعثنا بطلب رسمي للدولة المصرية واللجنة العليا للانتخابات وتمَّت الموافقة على طلباتنا وللتذكير الهيئة العليا للانتخابات في مصر وفي تونس وكل المسؤولين عن العمليات الانتخابية هم مؤسسات كبيرة تنتقي بعناية ولا تعطي تصاريح لأي منظمة ليس لها سجل محترم سواء محلية أو دولية، وهذه شهادة نعتز بها واحترامناها وتقاريرنا وثقت في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف في الانتخابات الرئاسية السابقة، وأيضًا جلسات داخل البرلمان الأوربية أعدتها الشبكة الدولية للحقوق والتنمية بحضور برلمانيين أوروبيين كان لديهم صورة مغايرة عما حدث في مصر، ولكنهم عادوا واقتنعوا مرة أخرى وغيَّروا وجهتهم وأصبحوا يتكلمون عن العرس المصري الديمقراطي.
البعض انتقد تصريحات اللواء رفعت قمصان مستشار رئيس الوزراء بشأن منعه المنظمات الدولية من دخول اللجان بسبب الشورتات الساخنة.. فما تعليقك؟ لم أسمع هذا التعليق، وأؤكد أنَّ كل دولة لها سيادة، وسيادة الدولة المصرية ترى أنَّ هناك منظمات مارقة وعلينا أن نحترم هذه الأمور، ونعتبرها شهادة شرف لمنظمتنا والمنظمات الشريكة لنا لأنها دليل مصداقية ونزاهة لنا في عملنا،ونحن لم نكن مصفقين أو تابعين لنظام ما، وأصدرنا تقارير في الانتخابات الرئاسية الماضية للمساعدة في الانتقال الديمقراطي وتحسين العملية الانتخابية، ونحن أول من أشرنا إلى قله الخبرة عند بعض القضاة وهذا ليس انتقاص، ومبدأ وجود مراقبين محليين ودوليين بادرة لحسن النوايا، ولكن إذا اتخذنا موقف بعض المنظمات بالحكم جزافًا على الحكومة المصرية هذا معناه أنَّنا نقطع الطريق على المجتمع المدني ومنظمات الحقوقية داخل دول ترحب بنا.
ما السبب وراء التخوف الزائد من قبل العديد من المنظمات والشخصيات والجهات المصرية من تواجد منظمات حقوقية على أراضيها؟ في وقت ما قبل الثورة والأنظمة الديكتاتورية، كان من الطبيعي ومن المطلوب على الدولة أن تتحرى عن كل منظمة تقدمت بطلبات، ولها أن تحكم على تاريخ المنظمة وإذا كانت تقاريرها إيجابية ومتوازنة وغير موجهة، فعلى السلطات المصرية أن تعي ذلك، ويجب أن ننطلق انطلاقة جديدة مع الشعب المصري لأنَّه صاحب الكلمة وليس المنظمات الحقوقية، ومن سيدخل الصندوق هو صوت الناخب المصري والعملية الانتخابية برمتها تحت إدارة الدولة المصرية،ونحن لسنا أكثر من شهود نوثق ما شهدناه، في مؤتمراتنا وتقاريرنا.
وهل هناك تنسيق بينكم وبين اللجنة العليا للانتخابات؟ لا نستطيع العمل بدون تصريح من اللجنة العليا للانتخابات وبإذن منها، وتقاريرنا الأولية والنهائية تسلم للجنة العليا للانتخابات، وهي الجهة التي تمَّ تكليفنا والتصريح لنا من خلالها. كيف تُقيم الوضع الحقوقي حاليًا فى مصر؟ لا تستطيع أن تحكم على الوضع الحقوقي بهذه السهولة في بلد خاض ثورتين في ثلاث سنوات وسبع عمليات انتخابية وانتقال ديمقراطي بعد 80 سنة من الاحتلال البريطاني و50 سنة من حكم بمن قادوا ثورة التحرير، لكن المجتمع المدني المصري برمته فى حالة تطور، وهناك نزاع وشائعات بين منظمة وأخرى وشخصية وأخرى، وسيأتي وقت لإيضاح أهمية العمل الحقوقي، وكل منظومة تعمل في بناء هذا الوطن هي مجتمع مدني، وهناك بالفعل بعض المنظمات التي تدخلت سلبيًّا في بعض القضايا العربية والإقليمية والدولية لكن هذه السنوات أصبحت مكشوفة لكل الدول. وأمس الأحد، انطلقت المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية في دوائر محافظات المرحلة الأولى وهي الجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط والوادي الجديد وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح. وسادة حالةٌ من "ضعف الإقبال" بأغلب اللجان الانتخابية بمحافظات المرحلة الأولى، وهو الأمر الذي قررت الحكومة مواجهته بمنح العاملين في الحكومة والقطاع العام اليوم الاثنين إجازة "نصف يوم"، بهدف تشجيعهم على المشاركة في الانتخابات. ويبلغ تعداد من لهم حق التصويت في المرحلة الأولى 27 مليونًا و402 ألف و353 ناخبًا، يتوزعون على 103 لجان انتخابية عامة، في حين يبلغ عدد المراكز الانتخابية 5460 مركزًا يضم كل منها مجموعة من اللجان الفرعية المخصصة للانتخاب. ويتنافس على المقاعد الفردية، البالغ عددها 226 مقعدًا، في المرحلة الأولى 2548 مرشحًا، بينهم 112 سيدة، وتبلغ نسبة المستقلين بينهم 65%، في حين تبلغ نسبة المرشحين المنتمين للأحزاب السياسية 35%.