شكاوى التعذيب المتكررة للمتهمين المحبوسين بسجن العقرب وغيره، وتقارير لجان حقوق الإنسان التي تؤكد أن «كله تمام»، ورفض المساجين التعاون مع مندوبي حقوق الإنسان رغم ما يعانوه، وقائع تؤكد فقدان حلقة الثقة بين الفريقين، بما يتطلب مواجهة حاسمة بين الفريقين، تنتصر فيها عدالة القانون، واحترام الحق في الآدمية، مهما كانت الجريمة التي ارتكبها المسجون. متهم ب «خلية إمبابة الإرهابية»: بنتعامل أسوأ معاملة في قضية «خلية إمبابة الإرهابية» اشتكى أحد المتهمين من تعنت القوات في سجن العقرب ضدهم، ومنع الزيارات عنهم، وانعدام النظافة، وانتشار الأمراض بين السجناء ومنها داء «الجرب»، لدرجة أن عددًا منهم ينزف دمًا من شدة ما لحق بهم، وهو ما دفع رئيس المحكمة المستشار محمد ناجي شحاتة بتوجيه سؤال للمتهم: «ألم تأتيكم لجنة من حقوق الإنسان، قالت إنه لا توجد تجاوزات، والمعاملة والطعام ملائمين؟» فأجاب المتهم: «مفيش حاجة من اللي قالوها دي بتحصل، إحنا بنتعامل أسوأ معاملة، ومفيش أكل كويس».
«قومي حقوق الإنسان»: المتهمين رفضوا مقابلتنا «التحرير» واجهت الدكتور صلاح سلّام، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، بما قاله المتهم خلال الجلسة العلنية، فقال: «المتهمين بسجن العقرب هم من رفضوا مقابلة وفد حقوق الإنسان، حتى النزلاء الذين قدم أهلهم شكاوى تعذيب للمجلس، وحينما زار وفد المجلس السجن وطلب لقاء المتهمين، فوجئوا بثلاثة مندوبين عن باقي المساجين، هم أحمد أبو بركة، وأحمد سبيع وأحمد الأنصاري، أبلغوا الوفد أن باقي المتهمين يرفضون لقائهم؛ لأنهم معينين من الحكومة التي يعتبرونها انقلاب -حسب قولهم». وأضاف سلّام: «العقرب سجن انفرادي، كل متهم فيه محبوس على حدة، بما يستوجب تخيير السجين في الموافقة على لقاء زائره من عدمه، بخلاف باقي السجون الأخرى بنظام العنابر، والتي قد يدخلونها دون حاجة لإذن من فيها، فكانت النتيجة أمام الرفض هي المرور على العيادة والمطبخ ومطالعة كشوف المرضى والكشف الطبي، ولم يرصد الوفد مخالفات فيها». وعن مبرر الشكاوى المتكررة أمام محاكمة الجنايات، في جلسات علنية، وهل يتابعها المجلس من عدمه، ذكر سلّام: «معروف أن السجن ليس جنة، ولكنه مذلة، ومكان لا يطاق وكل شيء فيه إجباري، لكن نحن نتحرك بناءً على شكاوى مباشرة يتلقاها المجلس». وتساءل: «إن رفض أصحاب الشكاوى مساعدة أنفسهم فكيف لنا أن نساعدهم؟، وكيف لنا أن نعلم بشكوى متهم للمحكمة بقضية لم نحضرها ولسنا طرف فيها، ولابد من شكوى مباشرة للمجلس، وإرشاد المسجون عن التجاوزات التي يتعرض لها سواء بمنع الزيارة، أو سوء الطعام، ومنع الكتب وغيره».
البطاوي: تجاوزات بالجملة ومن ناحية أخرى، قال الدكتور عصام البطاوي، محامي وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي: «المتهمون يتعرضون لتجاوزات بالجملة داخل السجون؛ حيث تعاني السجون من التكدس، علاوة على سوء الصرف الصحي، بجانب حبس المتهمين 23 ساعة في اليوم بزنازين مغلقة، ومنعهم من التريض والخروج إلى الهواء إلا في ساعة واحدة يوميًا، مما يتسبب في انتشار الأمراض والأوبئة بينهم، علاوة على نقص الإمكانيات اللازمة لعلاجهم». واستشهد البطاوى علفى غياب الرعاية الصحية داخل السجون، بحالة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حين كان مسجونًا في سجن طرة، ولم تتوافر الإمكانيات اللازمة لعلاجه، قائلًا: «لولا حيثيات شخصه لما تمكن من إدخال معدات خاصة وحديثة إلى داخل السجن في وقتها، وبسببه تم تسليط الضوء على تحسين الرعاية بالسجون». وأضاف: «المسجون لا يأخذ حقه الإنساني في احترام آدميته، ويخاف من التعرض للمضايقات، كمنع الزيارات، أو مضايقة أسرته خلال الزيارة، أو حتى تلفيق قضايا تهريب ممنوعات لأقاربه، أو له شخصيًا داخل السجن، إذا تقدم بشكوى، علاوة على عدم اتخاذ التدابير القانونية من قبل جهات التحقيق فور تلقيها شكاوى من المساجين، بما يجعلهم يكفون عن تقديم الشكاوى والاكتفاء بإثباتها أمام المحاكم، كنوع من إثبات الحالة». وبشأن نفور المتهمين من مقابلات وفود المجلس القومي لحقوق الإنسان وغيره من اللجان الحقوقية خلال زيارتها للسجون، أكد البطاوي: «هذه الزيارات "شو" إعلامي برفقة مسئولي السجن، مما يجعل المتهمين لا يثقون بها، ويعتبرونها جزءً من الأجهزة التنفيذية الحكومية، خاصة أن هؤلاء الحقوقيون لا يتبعون الأساليب الصحيحة، بالانفراد بالمسجونين وسماع شكواهم منعزلين، وليس تحت سمع وبصر المسئولين في السجون بما يجعل الأمر أمام السجين يبدوا كاستعراض إعلامي فاقد للقيمة والرجى المنشود منه». واختتم البطاوي: «أطالب بتشكيل إدارة خاصة في وزارة العدل، لا تتبع أية جهة تنفيذية بالدولة، تشن زيارات متكررة أسبوعيًا ومفاجئة للسجون، حتى لا يكون في تقريرها أي شبهة أو مجاملة لأحد».