القوات المسلحة تنظم زيارة لعدد من الملحقين العسكريين إلى إحدى القواعد الجوية    «إعلام بني سويف الأهلية» تحصد المركز الثالث في مسابقة العهد للفئة التليفزيونية.. صور    جامعة بنها تفتتح المؤتمر السنوي الثالث للدراسات العليا للعلوم الإنسانية    تحرك برلماني ضد رفض بعض الدول العربية الاعتراف بشهادات «الانتساب الموجه» المصرية    البورصة المصرية تقر القيد المؤقت لأسهم المصرف المتحد تمهيدًا للطرح    «بتكلفة بلغت 60 مليون جنيه».. محافظ أسيوط يتفقد وحدة طب الأسرة بقرية الواسطى    عاجل: ارتفاع أسعار الدواجن والبط في الأسواق المصرية اليوم    مسؤول أمريكي: بلينكن سيلتقي وزراء خارجية دول عربية في لندن الجمعة لبحث الوضع في غزة ولبنان    خبير: مصر تلعب دورا مهما في تجمع البريكس كمركز إقليمي للطاقة    رودريجو خارج كلاسيكو الريال ضد برشلونة في الدوري الإسباني    طارق السيد: فتوح أصبح أكثر التزامًا واستفاد من الدرس القاسي.. وبنتايك في تطور واضح مع الزمالك    أول سابقة بين أبناء الأهلي.. الكفراوي ونور يطعنان على العامري في انتخابات السباحة    تفاصيل سقوط دجال لقدرته على العلاج الروحانى ومزاولة أعمال السحر والدجل في الهرم    حالة الطقس اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024: طقس معتدل ليلًا ومائل للبرودة صباحًا    التعليم تعلن تفاصيل امتحان العلوم لشهر أكتوبر.. 11 سؤالًا في 50 دقيقة    ضبط مخدرات بقيمة مليونى جنيه بالاسماعيلية    «الإدارة العامة للمرور»: ضبط (28) ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان على قطاع غزة إلى 42792 شهيدًا    الثلاثاء.. ندوة عمارة المسجد النبوي الشريف عبر العصور في مكتبة الإسكندرية    محطات في حياة صلاح السعدني.. صداقة العمر مع الزعيم وكبير مشجعي الأهلي    لأول مرة.. هاني عادل يفتح قلبه لبرنامج واحد من الناس على قناة الحياة    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    منها انشقاق القمر.. على جمعة يرصد 3 شواهد من محبة الكائنات لسيدنا النبي    «الإفتاء» توضح حكم الكلام أثناء الوضوء.. هل يبطله أم لا؟    من توجيهات لغة الكتابة.. الجملة الاعتراضية    نجاح عملية جراحية لاستئصال خراج بالمخ في مستشفى بلطيم التخصصي    تلبية احتياجات المواطنين    إشادات عالمية بقضاء مصر على فيروس سي في 10 سنوات.. «تجربة استثنائية»    غدا.. "تمريض بني سويف" تحتفل باليوم العالمي لشلل الأطفال    محافظ بني سويف يتابع تنفيذ التوجيهات بشأن الحلول والإجراءات لمشكلات المواطنين    افتتاح فعاليات المؤتمر السنوي الثالث للدراسات العليا للعلوم الإنسانية بجامعة بنها    السوبر المصري.. مؤتمر صحفي لجوميز استعدادًا للقاء الأهلي    خلال الافتتاح.. مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكرم النجمة درة    موعد إعلان حكام مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري.. إبراهيم نور الدين يكشف    رشقة صاروخية من الجنوب اللبناني تستهدف مواقع إسرائيلية في إصبع الجليل    بعد صعودها 1.5%.. التوترات السياسية تجبر أسعار النفط على التراجع    مصدر أمني يكشف حقيقة إطلاق أعيرة نارية على منزل بالشرقية    تحرير 553 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1372 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    وزيرة التضامن تدعو عددًا من المسنين لحضور حفل هاني شاكر بمهرجان الموسيقى العربية    نشرة مرور "الفجر".. انتظام حركة المرور بشوارع القاهرة والجيزة    «التهديد والوعيد مايجبش نتيجة».. رسالة نارية من شوبير بعد أزمة ثلاثي الزمالك    محافظ الغربية يكرم بسملة أبو النني الفائزة بذهبية بطولة العالم في الكاراتيه    "وقولوا للناس حسنا".. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة عن القول الحسن    بعد مقترح النائب محمد أبو العينين| خبير: خطوة نحو ربط التعليم بسوق العمل    مدبولي يلتقى أعضاء منظومة الشكاوى الحكومية بمجلس الوزراء    تداول 19 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و550 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    سعر كيلو العدس، أسعار العدس اليوم الأربعاء 23- 10- 2024 في الأسواق    تعاون مصري قبرصي لتعزيز الشراكات الصحية وتبادل الخبرات    «العمل» تُحذر المواطنين من التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية    الصحة العالمية: ‌نقل 14 مريضا من شمال غزة إلى مستشفى الشفاء ‌فى مهمة عالية الخطورة ‌    زعيم كوريا الشمالية يطالب بتعزيز الردع في مواجهة التهديدات النووية    عمرك ما ترى حقد من «الحوت» أو خذلان من «الجوزاء».. تعرف على مستحيلات الأبراج    هاريس: جاهزون لمواجهة أي محاولة من ترامب لتخريب الانتخابات    خبير يكشف موقف توربينات سد النهضة من التشغيل    بحفل كامل العدد|هاني شاكر يتربع على عرش قلوب محبيه بمهرجان الموسيقى العربية|صور    الخطوط الجوية التركية تلغى جميع رحلاتها من وإلى إيران    مدرب أرسنال يصدم جماهيره قبل مواجهة ليفربول بسبب كالافيوري    ملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد بروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عيد الفلاح.. «التحرير» في أرض المحاربين القدامى بالمنصورة
نشر في التحرير يوم 10 - 09 - 2015

بين مزيج من مشاعر الفرحة العارمة التي تعلو وجوه الفلاحين وتسكن نفوس زوجاتهم وأبنائهم غير مصدقين تمكينهم من أراضيهم التي طالما هُجّروا منها قسرا لشهور وسنوات طويلة بأمر الإصلاح الزراعي ورعاية قوات الأمن لصالح رجل الأعمال الشهير بالمنصورة وتخوفات وتوجسات مكتومة ولدت مبكرًا بداخلهم قبل أسابيع بمجرد صدور القرار الرسمي من مدير الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المهندس حسن الفولي، الذي يعترف بحقّهم في الأرض المنزوعة منهم وملكيتهم لها، تنفيذًا للحكم القضائي السابق رقم 3238 لسنة 2007 القاضي ببطلان قرار البيع ومحضر التسليم الذي بني عليه المحامي العام في المنصورة قرار التمكين في الحيازة في القضية المعروفة إعلاميًّا باسم "سرسو" يبقي الوضع على ما هو عليه، وعلى الفلاحين انتظار التنفيذ وتسلّمهم الأرض.
تخوفات الفلاحين الذين مرّ عيدهم، أمس الأربعاء، مرور الكرام جاءت نتيجة بطء إجراءات التنفيذ والتسليم من ناحية، ومن ناحية أخرى دخولهم في متاهات ودوامات جديدة ربما تدفعهم مجددًا إلى الصراع الدامي على الأرض وتكرار سيناريو الشهور والسنوات الماضية المرير، خصوصًا بعد مرور 7 أشهر من الطرد والتشريد والاعتداء والمعاناة والاحتجاز بعيدًا عن أرضهم وذويهم، ليكون لسان حالهم اليوم بعد رحلة العناء الطويلة: "نفّذوا القرار وسلّمونا الأرض وكفاية مرمطة لحد كده".

عقد ملكية عرفي ينزع الأرض من الفلاحين 8 سنوات لصالح ورثة «فريد المصري»
8 سنوات من النزاع القانوني والصراع المشتعل على الأرض الزراعية التي خُصصت ل23 جنديًّا من الجنود المصريين العائدين من حرب اليمن خلال فترة الستينيات، تعويضًا لهم عن مشاركتهم في الحرب، وذلك في منطقة سرسق التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية، حسمتها قبل أيام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بعد أن أقرت بحقهم في الأرض المنزوعة منهم، وأفاد مديرها ل"التحرير" باتخاذ قرار بتنفيذ الحكم القضائي النهائي بعودة مقاتلي اليمن 1962 إلى أرضهم التي انتزعها منهم ورثة فريد حامد المصري، وطردوهم منها بدعوى ملكيتهم لها في 17 فبراير الماضي والاعتداء عليهم وتلفيق تهم التعدي على قوات الأمن واغتصاب حيازة الغير وإتلاف المزروعات.. وغيرها من التهم الجائرة التي تم احتجازهم بسببها لأكثر من أسبوعين بعيدًا عن أرضهم وذويهم.
التحرير في أرض اليمن بعد قرار «التمكين»
"التحرير" كانت حاضرة مع الفلاحين منذ بداية الأزمة وسبق أن نشرت عن القضية في عددها الورقي الصادر بتاريخ 10 يونيو الماضي، تحت عنوان "فلاحون بلا أرض" حول معاناة فلاحي الإصلاح الزراعي مع رجال الأعمال وهيئة الإصلاح، هناك على أطراف مدينة المنصورة تقع أرض زراعية خصبة تتخللها أعمدة كهرباء الضغط العالي، وهي مقسمة إلي قطعتَين بينهما طريق إسفلتي، تبلغ مساحتها 42 فدانًا، حدّها البحري يقع علي طريق (طلخا- نبروه)، وفي الحد القبلي توجد فيلا ومسكن ومصنع "جرافينا" للأدوات الصحية، ملك رجل الأعمال عبد العزيز فريد المصري، بينما في حدّها الشرقي طريق ترابي تليه أرض ملك شريكه محمود سامي الرفاعي، تاجر لحوم مستوردة، مزروعة بمحصول الأرز، وفي الحد الغربي طريق ضيق يتسع لمرور سيارة، ويفصل بينهما قناة "ترعة صغيرة".
الأرض تحت حراسة وسيطرة «آل المصري»
خلال الفترة الأخيرة قام عبد العزيز المصري وأشقاؤه بتكثيف قوات الحراسة وأفراد الأمن المعسكرين على حدود الأرض الأربعة، خوفًا من سيطرة الفلاحين عليها مرة ثالثة بعد صدور قرار التمكين الأخير، ودفع المزارعون ثمن ذلك التأخير الكثير والكثير.
آخر ذلك كان خلال يوم 17 فبراير الماضي، ذلك التوقيت الذي تجددت خلاله المأساة ل24 أسرة مصرية معدمة قدمت شبابها فداءً لأرض الوطن خلال حربَي اليمن والاستنزاف، لا تملك إلا هذه المساحة الخضراء من الأرض الزراعية التي تصل مساحتها إلى نحو 42 فدانًا تقع بحوض بير إبراهيم بقرية "سرسق"، مركز طلخا، وهي جزء من الأرض الزراعية التي استولى عليها الإصلاح الزراعي، بتاريخ 9 سبتمبر 1961 من فريد المصري، أحد الإقطاعيين، وتمت مصادرتها منه بموجب قانون الإصلاح الزراعي رقم 127 لسنة 1961، والذي منع الملكية الفردية للأراضي لأكثر من مئة فدان ووزّعت على الفلاحين المحاربين في حرب اليمن وحرب 67 في تلك الفترة بأمر من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، للانتفاع بها بعد أن خيّرتهم الدولة، حينذاك، ما بين حصولهم على تلك الأرض أو توفير عمل ووظيفة لهم، فاختاروا الأرض لدرايتهم بأمور الزراعة.

3 أحكام قضائية توصي بحق الفلاحين في الأرض.. وقرار محامٍ عام يطردهم منها بقوة الأمن
تم توزيع الأرض على الفلاحين للانتفاع بها وزراعتها، وكانت تابعة لجمعية سرسق للإصلاح الزراعي التابعة لمنطقة دميرة التي كانوا يقومون بصرف كل المستلزمات الزراعية منها، كل بحيازته وببحث مساحة الأرض الموزعة عليه، حتى قام ورثة المدعو فريد حامد المصري بالمنازعة على تلك الأرض، وقدّموا اعتراضات عديدة للجان القضائية بأنهم ملاك هذه المساحة من الأرض محل النزاع، وقاموا بالطعن على قرار مصادرة الأراضي منهم بدعوى أن والدهم قد قام ببيعها لأبنائه عام 1959 بموجب عقد عرفي، أي قبل صدور القانون بعامَين، وأصبح هذا العقد العرفي هو محور النزاع على الأرض الذي استمر لأكثر من ثلاثين عامًا.

وعلى صعيد آخر، فإن الإصلاح الزراعي لم يستجب إلى تلك الاعتراضات وأقام "المصري" دعوى قضائية ضدهم أمام المحكمة الإدارية العليا عام 83، وقضت المحكمة، حينذاك، بقبول الطعن شكلاً والرد في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبرفض الاعتراض رقم 737 لسنة 1977 المقام من المطعون ضدهم وألزمتهم بالمصروفات وصدور الحكم بجلسة 25 نوفمبر 1986، في القضية رقم 2143 لسنة 29 من محكمة القضاء الإداري، والتي قضت فيها بعدم صحة العقد العرفي المزعوم وتزوير التوقيع، وبالتالي تمكين الفلاحين من أرضهم، لم يكن ذلك الحكم نهاية النزاع وبعد 9 سنوات من الحكم الأول أصدر وزير الزراعة، آنذاك، يوسف والي قرارًا بإنشاء لجنة تصالح جديدة للنظر في نزاعات ملكية أراضي الإصلاح على مستوى الجمهورية.

ذلك القرار الوزاري الذي استغله عبد العزيز المصري وأشقاؤه، وقدّموا اعتراضات أخرى في 25 يناير لعام 1996 لتسوية النزاع مع هيئة الاصلاح والتصالح معها لشراء تلك الأرض من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على أقساط منذ عام 96 عن طريق الرشوة والفساد والمحسوبية، حسب شهادات عدد من الفلاحين، بالمخالفة للقانون والقرار الوزاري رقم 1091 لسنة 1994، والذي ينص في مادته الثالثة علي التأكيد أنه لا يتم التصالح بين الهيئة والمتنازعين معها إذا كانت الأرض محل النزاع تم توزيعها على صغار المزارعين.

هنا لجأ المزارعون إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة وأقاموا دعاوى قضائية ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وصدر حكم القضاء الإداري بالمنصورة بتاريخ 4 يوليو 2007 بأن قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رقم 27 الصادر بجلسة 195 بتاريخ 15 فبراير لعام 1995 بالموافقة على التصالح لورثة فريد المصري مخالف لأحكام القانون، مما يقتضي الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار تقضي ببطلان تسليم الأرض لورثته وبطلان قرار المصالحة التي أنشأها والي وعدم جواز المساس بتوزيعات الأراضي، ومن ثَمّ الحكم بتمكين الفلاحين من أرضهم.
مستشار «المصري» .. كلمة السر
رجل الأعمال عبد العزيز المصري، أكبر أبناء فريد المصري، يرفض تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة لصالح الفلاحين، مستغلًّا علاقاته القوية "زوج ابنته مستشار معروف، وابن شقيقته وزير الإسكان الأسبق محمد فتحي البرادعي"، وعبر قاضٍ سابق يعمل لديه مستشارًا قانونيًّا يدعي "م.ن" نجله معاون مباحث بقسم شرطة طلخا، قام بالطعن على الأحكام الصادرة على الرغم من أنه ليست له صفة في الحكم لكون الفلاحين هم مَن رفضوا تلك الدعوى ليس ضد الشاكي وإنما ضد اللجنة التي سلمتهم تلك الأرض محل النزاع في عام 67، وهي الإصلاح الزراعي، وظلّت تحت حيازتهم حتى عام 1996، أي ما يقرب من 30 عامًا، وقام المصري بالطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التي أجّلت الحكم عدة مرات، آخرها كان في السادس والعشرين من الشهر الجاري، وأن الشاكي استمرت حيازته منذ عام 96 حتى عام 2011، أي ما يقارب 15 عامًا، تتخلل الفترتين نزاعات في الملكية والحيازة من الطرفين.

فرحة وخوف بين الفلاحين في عيدهم
"إحنا شُفنا أيام سودة مع الأرض دي، ودخلنا السجن لأول مرة في حياتنا واتضربنا واتبهدلنا وأُهِنّا واتطردنا من قلب أرضنا وكنا ننام في المواتات (القش) برّه بيوتنا لأكتر من شهرين.. فين بقى عيد الفلاح اللي بيقولوا عليه!!".. هكذا تحدث عماد عبد اللطيف، أحد الفلاحين أطراف النزاع الذين التقتهم "التحرير" داخل منزل عم علي الحماقي، شيخ الفلاحين، وأشقائه على بعد خطوات قليلة من الأرض، ويضيف: "لما عبد العزيز المصري طردنا من أرضنا أول مرة عام 96 وفصل أهلنا من المصنع وأخدوا أخويا العاجز للحجز في المرة الأخيرة بقينا مش عارفين نقرب من أرضنا اللي موجودة قصاد البيت وبيفصلنا عنها سلك متكهرب وكام غفير وموقفنا وقتها كان زي واحد مراته بتغتصب قدام عينيه وواقف متكتف من إيديه ورجليه مش قادر يعمل لها حاجة"، وذلك لما يزيد على 15 عامًا حتى استرد الفلاحون الأرض بعد ثورة يناير 2011 بموجب حكمين قضائيين صادرين في حقّهم وفرضوا كامل سيطرتها عليها، وفي يوليو 2014 أيّدت المحكمة الإدارية العليا حكم القضاء الإداري الصادر في 2007 لصالح الفلاحين، فاستولوا على أرضهم حتى يوم 17 فبراير الماضي حينما أصدر المحامي العام قرارًا بتمكين ورثة فريد المصري من الأرض بالمخالفة للأحكام القضائية الثلاثة الصادرة وقامت قوة من الأمن المركزي بطرد الفلاحين من الأرض مرة أخرى، ومنذ ذلك اليوم والفلاحون في معاناة شديدة مع الأمن والبلطجية وورثة فريد المصري، وحررت ضدهم بلاغات بالسطو المسلح والسرقة وترويع المواطنين والتعدّي على قوات الأمن ومقاومة السلطات، وآخرها إتلاف المزروعات، وتم احتجازهم 20 يومًا من تاريخ 25 أبريل حتى 14 مايو الماضي، وكانت بينهم طفلة صغيرة لم تتعدّ الشهور السبعة بعد، وتدعي هند رضا الهلالي، إذ تم احتجازها 5 أيام مع والدتها منى سامي.
الفلاحون يطالبون هيئة الإصلاح بسرعة تنفيذ قرار التمكين وتسليمهم عقود أراضيهم المنزوعة
جموع الفلاحين من قرية سرسو والعزب السبعة الأخرى "كفر جنينة، سرسق، منشية البدوي، جوجر، ميت الكرماء، العزبة الحمراء، كفر الخوازم"، أكدوا ل"التحرير" ملكيتهم الأرض بالأوراق والحيازات لأكثر من ثلاثين عامًا عبر ثلاثة أحكام قضائية صادرة بحقّهم، ومستندات وشهادات وحيازات زراعية قديمة عبر جوابات التسليم الصادرة لهم بعد عام 67، واستمارات البحث الخاصة بهم، قائلين: "مش هنفرط في أرضنا تاني أبدًا، بس إحنا نستلم الأرض الأول وعلى جثتنا حد يقرب منها".

عمّ علي الحماقي، التقط خيط الحديث، ثم بدأ يسرد مخاوف الفلاحين المشروعة، بداية من تعرُّض البلطجية المستأجرين من قبل "المصري"، حسب تعبيره، لجموع الفلاحين حال التسليم، مرورًا بعدم توزيع عقود الأرض عليهم، كما وعدهم مدير الهيئة ووزير الزراعة، مرارًا وتكرارًا، لتكون حصن الأمان لهم وطوق النجاة من أي نزاعات أخرى قادمة، وصولاً إلى مطالبته بمحضر التمكين ومنع التعرض لهم بعد ذلك، خصوصًا في ظل وجود اثنين من قيادات مديرية أمن الدقهلية السابقين (س.ا، م.ن) يعملان في مصنع عبد العزيز المصري كمسؤولي أمن، وسبق أن نكلا بالفلاحين، حسب شهادات عدد كبير منهم.
مسؤول بالوزارة تقاضى رشوة 50 ألفًا من الفلاحين لاسترداد الأرض
خلال فترة النزاع على الأرض اضطر الفلاحون إلى استخدام كل الطرق المشروعة وغير المشروعة لاسترداد أرضهم المنزوعة منهم قسرًا والتي دفعتهم للجوء إلى دفع ما يزيد على 50 ألفًا كرشوة لأحد مستشاري وزير الزراعة من العاملين بالمكتب الفني للوزارة ويدعي "م.ا" كوسيط لهم لدى الوزير والهيئة لتمكينهم من الأرض واستخراج قرار التمكين ويخلصهم من النزاع، يقول إسماعيل رزق صالح، أحد الفلاحين: هذا المستشار قال لنا إنه سيساعدهم في تنفيذ القرار من بره لبره، وطلب منهم 200 ألف جنيه، أخذ منها 50 ألفًا كرشوة وطلب منهم توكيل عام بجميع الأوراق الخاصة بالقضية، الأمر الذي أثار تخوفاتهم من بيعهم لصالح رجل الأعمال الذي يملك المال، ومن هنا قطع الفلاحون صلتهم به.
ويصف ذلك إسماعيل ب"الغلطة الكبري" تحت ذريعة أن "الغريق بيتعلّق بقشاية"، وخلال وجود المحرر مع الفلاحين جاءهم اتصال هاتفي من ذلك الوسيط المدعي يبارك لهم صدور القرار لصالحهم ويطلب منهم باقي المبلغ المتفق عليه.

محامي الفلاحين ل«التحرير»: كل الأحكام القضائية والجنح تسقط عن الفلاحين بقرار التمكين والتسليم الصادر من الهيئة بملكيتهم الأرض
ومن جانبه، أكد المحامي سيد أبو العلا، عضو حزب التحالف الاشتراكي وأحد أفراد هيئة الدفاع عن فلاحي سرسو، أن قرار وزير الزراعة الصادر بشأن تمكينهم من الأرض تأخّر كثيرًا بعد أن سبق له وعد مزارعي القري السبع بالمنصورة بالنظر في ورقهم خلال 15 يومًا منذ شهر أكتوبر الماضي، حينما كان يتولّى مستشار الوزير السابق، وأكد لهم عرض الملف على الوزير لاتخاذ الإجراءات اللازمة لاسترداد الأرض وتمكينهم منها بعد أن تملكوها على مدار ثلاثين عامًا، فضلاً عن عدم تنفيذ هيئة الإصلاح الزراعي لحكم المحكمة الإدارية العليا النهائي الصادر لصالح الفلاحين بتمكينهم من الأرض بعد قرار تصالحها مع ورثة فريد المصري خلال عام 1996.

وأوضح أبو العلا ل"التحرير" أنه بصدور قرار التمكين وتنفيذ المحكمة إجراءات استلام الفلاحين للأرض، فإن ذلك يعد بمثابة إعلان من قبل الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أن تلك الأرض ملكية نهائية للفلاحين، وبالتالي تسقط كل التهم الموجهة إليهم بخصوص النزاع على الأرض "جنايتا إتلاف مزروعات، وأكثر من جنحة"، لتنافي حجة الاعتداء على أراضٍ ملك الغير ومزروعاتهم التي هي ملك لهم، ومن ثَمّ فإن قرار التسليم ينهي الصراع القانوني على الأرض.
بعد تدخل الرئيس.. رئيس هيئة الإصلاح الزراعي ل«التحرير»: تحرير 718 عقد تمكين الأرض لصالح فلاحي الإصلاح الزراعي
وعلى صعيد آخر، قال المهندس حسن الفولي، مدير هيئة الإصلاح الزراعي، إن الرئيس
عبد الفتاح السيسي، طالبهم مؤخرًا بحل كل مشكلات فلاحي الإصلاح الزراعي، وإنهاء النزاعات على أراضيهم المنتفعين بها بموجب قوانين الإصلاح الزراعي، وسرعة إنهاء إجراءات العقود الخاصة بأراضيهم، وبناءً على ذلك تم النظر في نحو 718 عقدًا خاصًّا بفلاحي الإصلاح الذين تم منحهم العقود التي تضمن ملكيتهم للأرض لضمان عدم تعرضهم لأي نوع من أنواع النزاعات على تلك الأراضي مرة ثانية، بما في ذلك فلاحو سرسو بالدقهلية، ممن سيتم تسليمهم الأرض خلال أيام وتحرير عقود ملكية لهم لحمايتهم من تكرار عمليات الطرد والإجلاء من الأرض.
* * * * * * * * *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.