طالب مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، اليوم الثلاثاء، الدول الكبرى بتوحيد الجهود العلمية والفكرية لمحاصرة ظاهرة التنظيمات الإرهابية المسلحة ومنها "داعش"، ودعم إنشاء المراكز الإسلامية بها لتوضيح الصورة الصحيحة للإسلام، والقضاء على ما يسمى بالتمييز ضد المسلمين. وأشار المرصد، في نشرة "إرهابيون"، التي يصدرها بقراءة تحليلية في فكر الجماعات والتنظيمات الإرهابية، إلى أن العلاج العسكري وتنظيم التحالفات لن يجدي وحده نفعًا في غياب التوعية الدينية خاصة أن الدول الغربية هي الأكثر عرضة لانضمام أبنائها لتلك التنظيمات الإرهابية. وكشف المرصد عن أن "داعش" تضم بين صفوفها مقاتلين لأكثر من 80 دولة من مختلف دول العالم، من أوروبا وإفريقيا وآسيا، حلَّت أوروبا في المركز الأول، تليها أفريقيا، ثم آسيا. وأرجع المرصد وجود أوروبا في المركز الأول إلى مجموعة من العوامل: أولها عنصر اللغة والتي تقف عائقًا أمام وصول الفكر الوسطي المعتدل إلى أبناء تلك الدول، والذي بغيابه يعطي الفرصة لأصحاب الفكر المعوج لتسميم أفكار مسلمي الغرب، والتي تنقطع صلتهم بمنابع الإسلام الصحيح، لوجود عوائق الزمان والمكان واللغة، مما يجعلهم صيدًا ثمينًا لجماعات الإرهاب الأسود. وأوضح المرصد ضرورة الحاجة إلى دراسة العقلية الإسلامية بالغرب من خلال إنشاء بعض المراكز الإسلامية هناك؛ ليتسنى لها التعامل مع الأفكار والمستجدات الحديثة، وهو ما انتبهت إليه دار الإفتاء المصرية واقترحته في المؤتمر العالمي للإفتاء الذي عقدته مؤخرًا، تحت مسمى "مراكز فقه الأقليات"، وذلك ليقينها بضرورة وجود مثل هذه المراكز في الغرب، لبيان الصورة الصحيحة للإسلام، وغلق منابع التطرف. وحذر المرصد من اضطهاد المسلمين في المجتمعات الغربية أو التمييز بينهم على أساس الدين، مما يدفع البعض منهم إلى اعتناق العنف، كوسيلة للحصول على حقوقه المسلوبة، وللتغلب على التمييز الذي يشعر به في تلك المجتمعات ويدفعه للانضمام الى التنظيمات الإرهابية. ولفت المرصد النظر إلى خطورة "ظاهرة الساخطين" قائلاً:" والتي لا تقل خطورة، عما تناولناه في عدد سابق مما يسمى "المظلومية"، حيث تلعب تلك التيارات على هذين المحورين لاجتذاب عناصر جديدة لها، من الأفراد الذين يعانون من إهمال الدول لهم، أو من سوء المعاملات الأمنية وغيرها، مما يجعلهم - مع قلة الوعي - ساخطين وعرضة لحمل السلاح ومعاداة الدولة والانضمام إلى التنظيمات المتطرفة، وهذا ما ظهر جليًّا في الفترة الأخيرة - عقب الثورات العربية - من مبايعة الأفراد والتنظيمات الإرهابية ل"داعش" وغيرها من الكيانات المتطرفة". وناشد المرصد حكومات الدول إلى التنبه لمثل هذه الأمور وتذليلها، وتفويت الفرصة على المتربصين بأمن الأمم والأوطان، فتلك التنظيمات - مع وجود شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل الإعلامية - تسوِّق بعض السلوكيات الفردية على أنها أمرعام ومنهج للدول وهذا مغاير تمامًا للحقيقة. وأهاب مرصد دار الإفتاء بوسائل الإعلام عدم بث أو نشر بيانات التنظيمات الإرهابية وفيديوهاتها التي تبرز القتل المعلن من طرفها للأبرياء ؛ لأن بنشرها لتلك الأخبار أو الفيديوهات تقدم دعمًا لوجستيًّا لتلك التنظيمات الإرهابية، وتساعدها على نشر أفكارها ومبرراتها لقتل الأبرياء، من خلال الإرهاب وبث الرعب في نفوس الجميع. وبيَّن المرصد أن تحقيق الأمن والأمان في أي دولة هو بمثابة عقبة أمام التيارات الإرهابية على كافة مشاربها؛ إذ إنها ترى في الانفلات الأمني بيئة خصبة لنشر أفكارها، وتنفيذ مخططاتها، وإحداث الفوضى التي تضمن لها التمكين والسيطرة على بعض الأماكن. وتابع: "الأمر بالنسبة للتنمية والعمل والبناء فهو لايختلف عن عنصر الأمن؛ لأنها جميعًا تشكل ما يسمى الكيان الأساسي للدولة، وفي حالة إذا ما تحقق هذا الكيان واستقرت الدولة؛ فإن ذلك يصعِّب عليهم مهمتهم في إحداث الفوضى التي تمثل قُبلة الحياة بالنسبة لهم".