حذَّر مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء من "خطورة استغلال الجماعات التكفيرية والمتطرفة لما يسمى ب"الإنترنت المظلم"، الذي يعد الآن ساحةً مظلمةً وسريةً مفتوحةً أمام جماعات العنف والتكفير لممارسة كافة أنشطتها غير المشروعة بعيدًا عن الملاحقات الأمنية. وقال المرصد، في تقريره التاسع والعشرين تحت عنوان "الإنترنت المظلم.. الساحة الآمنة لجماعات الإرهاب"، الصادر السبت: "الإنترنت المظلم يُعد وسيلةً لعدم الكشف عن الهوية على الإنترنت، فهو مصطلح يشير إلى مواقع الويب التي تحجب عناوين ال IP عن الخوادم التي تنشر من خلالها، ما يجعل من المستحيل معرفة هوية المواقع أو القائم عليه، حيث لا يظهر على محركات البحث، وطبقًا لصحيفة لجارديان، فإنَّ محركات البحث مثل جوجل لا تستطيع الدخول سوى على أقل من 0.03٪ من المعلومات على الإنترنت، بينما تقطن بقية المعلومات في شبكة مجهولة يستخدمها أشخاص مجهولون ولا يمكن لأحد الدخول على تلك الشبكات". وأضاف: "الإنترنت المظلم يعتبر أحد أكبر التحديات التي تواجه جهود مكافحة ومواجهة الجماعات التكفيرية والمتطرفة، وقد نشر أحد مراكز الأبحاث تقريرًا يشير إلى أنَّ تنظيم داعش يجمع الأموال ويجنِّد الأفراد عبر المواقع المظلمة، ففي عام 2014، تمَّ العثور على حاسب آلي محمول تابع لأحد أعضاء تنظيم داعش، وهو تونسي ويدعى أبو محمد، يحتوي على العديد من الخطب والأناشيد الجهادية، وآلاف الوثائق الجهادية التي نشرها صاحبها، ومعظمها على الإنترنت المظلم، وتشير العديد من التقارير إلى أنَّ الشبكة المظلمة تحتوي على ما يزيد عن 50 ألف موقع و300 منتدى لمنظمات إرهابية حسب أحد التقارير الصادرة في عام 2011 لأحد المراكز البحثية الأمريكية". وأوضح التقرير: "استخدام الإنترنت المظلم لدى الجماعات الإرهابية يتمثل في الإعداد للعمليات الإرهابية، وتوفير الموارد المالية اللازمة للتنظيم، والحصول على صفقات السلاح مع الجهات المشبوهة، والحصول على الوثائق السرية والحكومية، وهي كلها مواد متوافرة بكثرة على مواقع الإنترنت المظلم". وذكر التقرير: "عُثر على وثيقة لأحد مناصري تنظيم داعش بعنوان بيتكوين وصدقة الجهاد، من تأليف تقي الدين المنذر، حدَّد فيها الأحكام الشرعية لاستعمال "البيتكوين" وهي عملة رقمية إلكترونية يتم تداولها عبر الإنترنت المظلم مشدِّدًا على ضرورة استعمالها لتمويل الأنشطة الجهادية، وعلى عكس العملات التي تصدرها الحكومات، فإنَّ الميزة الأقوى لعملة البيتكوين هي أنها مجهولة، فنظامها الشبكي اللامركزي يجعل من الصعوبة بمكان تتبع عمليات الشراء والبيع التي تتم عبرها". وأكد التقرير: "المواجهة العسكرية مع التنظيمات الإرهابية لا يمكن أن تؤتي ثمارها طالما ظلت الساحات الافتراضية المظلمة آمنة ومتاحة لتلك التنظيمات، فمواقع الإنترنت المظلم توفر مساحة آمنة وسهلة وبعيدة عن أعين الجهات الأمنية بالإضافة إلى أنَّها تتيح تجنيد الأفراد ونشر الأفكار والمناهج المتطرفة، والحصول على الدعم المادي وشراء كافة أنواع الأسلحة والمعدات اللازمة لتنفيد العمليات الإرهابية التي تنال من أمن واستقرار الدول والشعوب، وبالتالي فإنَّ المواجهة العسكرية لتلك التنظيمات لابد أن تتزامن مع مواجهة أخرى تكنولوجية في ساحات الإنترنت المظلم بمظلة دولية وإقليمية".