طلبت من الأستاذة نهى يوسف صاحبة حملة «مش من حقك تمنعنى» أن ترسل لى نبذة عن فكرة الحملة، وجاءنى خطابها الآتى: «منع المحجبات من شغل بعض الوظائف فى الشركات ودخول بعض الأماكن والقرى السياحية والترفيهية ليس شيئا جديدا فى مصر بعد أن عانت النساء من العنصرية لسنوات، ولكن مؤخرا ازداد الموضوع فجاجة وإهانة على مرأى ومسمع من الجميع دون اعتراض أحد، مما جعلنى لا أحتمل الوقوف مكتوفة الأيدى وقررت أن أستخدم السوشيال ميديا، فأطلقت هاشتاج (#مش-من-حقك-تمنعنى). وفى غضون ساعات حقق الهاشتاج استجابة غير متوقعة ودعم من شخصيات لها كثير من المتابعين على السوشيال ميديا، وصفحات عديدة مثل (Hijab Racism) و(Respect My Veil) التى أنشئت لنفس الهدف، بالإضافة إلى صفحات معروفة للمحجبات وأهمها صفحة (Surviving Hijab) التى تساعد المحجبات على التواصل ومشاركة تجاربهن الحياتية مع الحجاب. وقد ساعدت فكرة الهاشتاج فى تجميع الجهود وإلقاء مزيد من الضوء على ظاهرة منع المحجبات وتوضيح أسماء بعض الأماكن التى مارست التمييز والتأكيد على أن المشكلة ليست فردية أو شخصية. قضية منع المحجبات ليست قضية سياسية أو دينية، والحملة هى حملة ضد التمييز وتقييد الحقوق والحريات التى يكفلها لنا الدستور والقانون. وأى محاولات للخوض فى قضايا فرعية واستخدام جمل مثل (وهى تروح الأماكن دى ليه؟) و(ما دام اتحجبت تستحمل).. إلى آخره، يبعدنا تماما عن الهدف من الحملة. المحجبة هى مواطن مصرى عاقل وراشد، ولها كامل الحقوق فى اختيار الأماكن التى تود أن ترتادها والوظائف التى تتناسب مع مؤهلاتها! فكفانا محاولات لفرض الوصاية على حياة واختيارات الآخرين!». انتهى! وضعت الأستاذة نهى يوسف يدها على لُب الموضوع فعلا، فنحن لسنا بصدد الحديث عن حجاب أو أى قضايا دينية! الموضوع هو التمييز العنصرى وتقيد الحريات دون أى أساس دستورى أو قانونى. هذا هو حال مجتمعنا المتخلف فكريا، ولهذا لست متعجبا وأرى أن هذا طبيعى ومنطقى بعد أن اعتمد كثير من فئات مجتمعنا على تقييم بعضهم بعضا على أساس الزى والمظهر الخارجى. التحجب وإطلاق اللحية يعنى التدين لفئة معينة ولكنه رمز للتخلف لفئة أخرى، وبالمثل التعرى يعنى التمدين والتحضر لفئة ويعنى التخلف لفئة أخرى. تحضر الدول والمجتمعات يقاس بناءً على احترامهم للدستور والقانون وليس بمستواهم المادى أو الاجتماعى أو العلمى أو التكنولوجى أو حتى الدينى. إذن، ما الفرق بين المجتمع المصرى والمجتمع الكندى؟ خبر نشر فى «المصرى اليوم» بتاريخ 02/ 08/ 2015 عن تظاهر مئات الأشخاص، معظمهم من النساء فى كندا، للدفاع عن حقهن فى السير عاريات الصدر بالأماكن العامة، وهذا بعد أيام من قيام أحد أفراد الشرطة بتوقيف ثلاث شقيقات وأمرهن بتغطية صدورهن! المجتمع الكندى تظاهر لأن قانون المقاطعة يسمح للنساء بالسير عاريات الصدر منذ عام 1996 بعد معركة قضائية طويلة أطلقتها سيدة بعد أن فرضت عليها غرامة مالية عام 1991 واتهامها بالقيام بفعل غير لائق. باختصار، مسألة الزى هى شأن شخصى فى المقام الأول، ولكن إن أراد المجتمع أن يفرض بعض القيود سواء فى التعرى أو التحشم فيجب أن يكون بالدستور والقانون، مش بمزاج بعض التافهين والمتخلفين!