رغم التحسن النسبى فى مستوى كفاءة شبكات الكهرباء الفترة الماضية، فإن القلق من العودة إلى مواسم الظلام لا يزال قائما، لا سيما أن شبكات الكهرباء بدأ بعضها فى التأثر، مع أول موجة حارة تضرب البلاد منذ أيام، الأمر الذى يثير التساؤلات حول مستقبل الكهرباء فى مصر، «التحرير» التقت يسرى أبو شادى رئيس قسم الضمانات، وكبير خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا، وأجرت معه هذا الحوار. ■ هل أنت مع الأمر المباشر لتنفيذ مشروع الضبعة النووى، الذى يعد توليد الكهرباء أحد أهدافه؟ - أنا أرى فى الوقت الحالى نحن لا نحتاج إلى مناقصة، والمناقصة من أجل اختيار من يعجبنى، والشركات التى تصنع مفاعلات نووية، توجد فى دول «روسياوكوريا الجنوبيةوفرنسا وأمريكا مع اليابان مع بعض، والصين»، وال5 شركات، واضح جدا خروج اثنتين من المنافسة، وهما الصين لأنها جديدة فى هذا المجال، ولم تحصل على رخصة بناء المحطة ال1000 ميجاوات، وبعدها فرنسا، أكبر دولة أوروبية لها مفاعلات بعدد 60 مفاعلا، و80% من الكهرباء الخاصة بها منتجة من مفاعلات نووية، وتجربتنا مع الأمريكان غير جيدة، والأمريكان لا يزالون فى بناء المحطات، وعليهم علامات استفهام، ولهم تاريخ من الفشل فى المفاعلات النووية. وكوريا الجنوبية صاعدة بقوة وأنشؤوا 26 مفاعلا، بخلاف الأربعة مفاعلات لدولة الإمارات، وكوريا الجنوبية لها مميزات وعيوب، حيث إن لديها تكنولوجيا على أعلى مستوى، ومن عيوبها عدم وجود التخصيب، مما سيضطرنا إلى اللجوء إلى دولة أخرى للتخصيب، فضلا عن أن كوريا الجنوبية لا تملك التراخيص، وتحصل عليها من الشركات الأمريكية للموافقة، ويتبقى روسيا، فوروسيا تصنع ال1000 وال1200 ميجاوات التى ستصنعها مصر فى المفاعلات النووية لإنتاج الكهرباء، وعلى أرض الواقع روسيا وشركة «روزاتوم» أكبر بعدة مراحل فى هذا المجال. ■ تحدثت عن الحل، فما سبب تأخر الخوض فى تنفيذ الملف النووى حتى الآن، على الرغم من توقيع مذكرة تفاهم مع الجانب الروسى فى الزيارة الأخيرة للرئيس بوتين لمصر فى فبراير الماضى؟ - عندما يسافر الرئيس ويتعاقد على 13 ألف ميجاوات مع شركة «سيمنس» الألمانية، وهو ما يعادل 50% من المحطات الحالية، فضلا عن حديث الرئيس عن أن مشكلة المحطات هى الوقود، الذى ثمنه لكل محطة ألف ميجاوات مليار دولار سنويا، هذا فضلا عن أن محطات «سيمنس» تحتاج إلى 13 مليار دولار سنويا وقودا، بما يقارب 100 مليار جنيه سنويا، فى حين أن المحطة النووية قدرة ألف ميجاوات تحتاج إلى وقود نووى سنويا ب25 مليون دولار، فلك أن تتخيل الفرق من نفس القدرة، فمحطات «سيمنس» يمكن بناؤها فى سنتين بسرعة، بينما تكاليف المحطة بعد 5 سنوات من تشغيلها بقدرات ألف ميجاوات ستصل إلى 5 مليارات دولار من الوقود فقط، وهو ثمن بناء المحطة النووية قدرة 1200 ميجاوات، والمحطة النووية ستعمل لمدة 60 سنة، وبنسبة وقود زهيدة «والكهرباء من النووى هتبقى ببلاش»، أما محطات «سيمنس» فعمرها الافتراضى لن يزيد على 25 سنة، فضلا عن أن الزيادة فى الوقود النووى «ضعيفة.. جدا»، فالمحطات النووية أرخص بعشرات المرات من المحطات الغازية. ■ ما تقييمك للتعاقد مع شركة «سيمنس» الألمانية؟ - خطأ جسيم، وظلم للأجيال القادمة، فتخيل نحن سنحتاج لتشغيل هذه المحطات فقط إلى 13 مليار دولار وقودا سنويا، الذى هو العقبة الأساسية للكهرباء، بخلاف باقى المحطات، فهل الدولة قادرة على توفير هذا المبلغ الضخم لمحطات كهرباء فقط سنويا. ■ هل يوجد نية لمشروع الضبعة من الأساس أم لا من وجهة نظرك؟ - أتمنى أن يكون حقيقيا أن نبدأ، ولكن الواضح الآن فى الرؤية المصرية، رفض مشروع الضبعة الآن، وقضية المفاعلات النووية حياة أو موت، وأتمنى أن القيادة، وأنا لم أرم طوبتهم، والسيسى ينفذ مشروعات قوية، ولو عاوز ينفذ مشروع الضبعة كان نفذه، ومن يتحدث عن دراسة المشروع، هرد عليه «دراسة.. إيه؟»، فالمشروع قتل بحثا، ويوجد هيئة اسمها هيئة المحطات النووية فى وزارة الكهرباء منذ 40 سنة، وظيفتها عمل المناقصات الخاصة بالمفاعل النووى، فالمرتبات التى يحصلون عليها حلال ولّا حرام، ومرتباتهم «حلوة». ■ كيف ترى خطوات وزارة الكهرباء للتصدى لانقطاع التيار الكهربائى؟ كيف ترى محطات الخطة العاجلة؟ - مع كل احترامى، فإن كل ما حدث من تحسن فى الكهرباء تم بتكليف من الرئيس، ولا بد من النظر إلى استهلاك الغاز الطبيعى والوقود، فما حدث جهد مشكور لوزارة الكهرباء والبترول معا، من خلال الافتتاحات المتتالية للكهرباء، والحديث عن الوصول إلى إضافة 6000 أو7000 ميجاوات مع نهاية العام الجارى، رقم المحطات الجديدة التى تمت إضافتها وكان لها عامل مؤثر، وخطة الصيانة التى أضافت تحسنا فى أداء المحطات، ولكن من أين «الفلوس»؟، ■ ما رأيك فى قانون الكهرباء الجديد؟ - كان لى اقتراح يغنينا عن قانون الكهرباء، فوزارة يعمل بها قرابة ال180 ألف موظف، 2/3 الموظفين بالوزارة يعملون بشركات التوزيع، وفى أغلب دول العالم هذا الجزء خارج نطاق وزارة الكهرباء، فوزارة الكهرباء وزارة طاقة وإنتاج فقط، وعرضت أن يتم تقسيم الوزارة إلى جزئين، جزء إنتاج، والجزء الآخر يخرج خارج الوزارة ويتم توظيفه فى أى مكان، والإنتاج للبترول ومحطات الكهرباء، يكون له وزير الكهرباء والطاقة، وهو المسؤول عن الطاقة بكل أنواعها بما فيها طاقة البترول والغاز. ■ كيف ترى زيادة الأسعار مؤخرا؟ - أنا مع رفع الدعم عن الكهرباء للفئات القادرة، وهذا الأمر لا يحتمل النقاش، ولكن لا بد من تعويض الفئات الخاصة بمحدودى الدخل، عن طريق كروت للدعم فى الكهرباء، كما هو الحال فى كروت بطاقات التموين، لكن بكل الأحوال لا يمكن أن يستمر الدعم كما هو عليه. ■ هل تؤيد الطاقات المتجددة من الشمس والرياح؟ - أنا مع الطاقات المتجددة، وهى طاقة مكملة، لأن المستقبل بعد 20 سنة لهذه المشاريع، ولا بد من الدخول فيها، بينما لا بد من وجود محطات ثابتة وأساسية «نووى وغازية»، لأن محطات الشمس والر ياح تعمل بشكل متقطع. ■ هل سيستمر الاستقرار فى الكهرباء للعام المقبل؟ - الأمر متوقف على الفلوس، هل نحن معانا فلوس أم لأ؟ فمصر تكلفت مبالغ ضخمة وأهم عنصر فى هذا النجاح هو استيراد الوقود من الخارج، فالقدرة على الاستيراد جاءت نتيجة زيادة احتياطى النقد المصرى زيادة كبيرة بصورة خاصة من دول الخليج، وهذا الأمر يصعب تكراره، واستمرار الإنتاج عبر محطات كهرباء تعمل بالغاز الطبيعى والوقود فكر خاطئ تماما وهيضيع البلد. ■ إذن ما هو تصورك للصيف المقبل؟ - الصيف المقبل لو الأشقاء العرب «إدونا شوية فلوس»، سيستمر حل الأزمة، لكن الصيف المقبل، دون مساعدات العرب، ودون وجود فلوس.. هنجيب منين؟ وسعر الغاز الطبيعى العالمى مرتفع على الرغم من انخفاض أسعار البترول، وهى مرشحة للعودة للارتفاع بصورة كبيرة، وفى هذه الحالة ستعود أزمة الكهرباء العام القادم، وإن كانت بوادرها تظهر خلال الأيام الحالية من إغلاق الغاز على المصانع لصالح محطات الكهرباء. ■ ما رؤيتك لاستخدام الفحم فى توليد الكهرباء؟ - الفحم خطأ كبير، وبعض الأطباء عملوا لجنة مع رئيسة قسم الطب الوقائى والبيئى بطب قصر العينى، لدراسىة تأثر التلوث فى مصر خصوصا من مصادر الطاقة، فوجدوا أنه تنتج عنه أمراض تتسبب فى إحداث تشوهات للأطفال، وشرطنا أن مواصفات الفحم الذى يحضر لتوليد الكهرباء، أن يكون دون شوائب، والفحم الذى ليس به شوائب الذى تتحدث عنه الكهرباء، سعره أغلى من الغاز الطبيعى. ■ ولكن هناك دول متقدمة تستخدم الفحم كمصدر أساسى للطاقة؟ - نعم مثل ألمانياوالصين، ولكن بمعدلات الزيادة والنقص سنجد الكل يخفض فى استخدام الفحم، ولا توجد دولة واحدة فى العالم تبنى محطات الفحم، وأنا لن ولم أقل إن دول العالم ليس عندهم فحم ولكن عندهم بالفعل، ويوجد فحم حجرى وفحم نباتى، والفحم النباتى الذى تستعمله ألمانيا، وهو فحم نظيف، أما الفحم الحجرى فهو فحم ردىء، ومصانع الأسمنت من زمان تستورد الفحم، لأنه جزء مباشر فى الصناعة، وهو أعلى تلوث فى العالم كله. ■ حدّثنا عن رؤيتك للاتفاق النووى الإيرانى الموقع مؤخرًا؟ - كملخص عام، هذا الاتفاق فى صالح العالم والغرب والعرب، وهذ الاتفاق لم يضر ضررًا بالغًا بإيران، ودون هذا الاتفاق إيران كانت دولة تمتلك قدرات نووية عالية جدًّا، وقدرات على صنع الأسلحة النووية بشكل كبير جدًّا، والاتفاق الآن هو «تقليم لأظافر المارد النووى الإيرانى»، لأنه قيّد من تحركهم النووى فى أهم مادتَين للسلاح النووى. ■ ما المادتان؟ - اليورانيوم عالى التخصيب، والبلوتنيوم، وإيران كانت تمتلك قبل الاتفاق 20 ألف وحدة طرد مركزى لو استعملتها، فلها القدرة على إنتاج 4 قنابل نووية فى السنة الواحدة، من النوع التقليدى القديم الذى تستخدمه الآن، وفى حالة عدم إتمام الاتفاقية فإيران كانت تعمل على تطوير 8 أنواع من التخصيب، وبصورة خاصة النوع الأخير «I R A»، وهذا النوع قدرته تتعدَّى 10 مرات النوع القديم الذى كانت تستخدمه إيران، بمعنى أنه لو تم إبدال ال20 وحدة بالنوع الثامن، فإن إنتاج اليورانيوم المخصب سيتضاعف 10 مرات، وفى هذه الحالة ستكون إيران قادرة على تصنيع قنبلة نووية كل أسبوع، وفى المقابل هناك ما يقلق الدول العربية. ■ ما هذه الأشياء التى تقلق العرب؟ - الأمر الأول هو نجاح إيران من خلال الدبلوماسيين الإيرانيين للوصول إلى اتفاق ضخم ومهم كهذا دون خسائر جسيمة، فهى قللت نشاطاتها النووية، ولكنها لم تلغِها، مثلما كان ينادى مجلس الأمن، فالمفاوض الإيرانى مفاوض كفؤ نجح فى الوصول إلى اتفاق مع الغرب، فهذا الاتفاق من الممكن أن يمتد خارج إطار الملف النووى والدخول فى ملفات أخرى سياسية أو اقتصادية، وأظهر أن إيران تستطيع الوصول إلى اتفاقيات مع قوى تبدو معادية لها، وتصبح إيران لها تأثير قوى وزيادة ثقل ووزن فى منطقة الشرق الأوسط على حساب العرب، فالمنطقة مليئة مشكلات، أما الأمر الثانى فهو رفع العقوبات، وهو الأمر الذى سيوفّر لإيران مبالغ مادية ضخمة جدًّا، ويقال إن إيران لها أكثر من 100 مليار دولار محجوز عليها فى البنوك الغربية، ورفع العقوبات عن تصدير البترول، فضلًا عن رفع العقوبات عن الأسلحة والصواريخ، والتى قيّضت بشكل ما لمدد أطول ب8 سنوات، وإيران تتحدَّث عن رفض كامل وشامل وفورى، بينما الغرب يتحدَّث عن رفع العقوبات تدريجيًّا، وفى حقيقة الأمر فإن رفع العقوبات تدريجيًّا، على 8 سنوات، وبأسلوب معقد للغاية، وسيكون هناك جزء فورى منها الاقتصاد، مما سينعكس على أن تصبح إيران قوى اقتصادية كبيرة تزاحم الاقتصاد العربى، لا سيما الاقتصاد فى الخليج، المعتمد بنسبة كبيرة على النفط.