من نزيف الأسفلت إلى الموت غرقا فى نهر النيل، كوارث يواجهها أبناء المحروسة، كان آخرها مقتل 20 شخصًا في حادث غرق مركب نيلي، أمس الأربعاء، أثناء رحلتهم من الوراق بالجيزة إلى جزيرة القلل الشهيرة بمنطقة عبد المنعم رياض، وفى أثناء خروجها اصطدام المركب ب«صندل» بضائع عائم مملوك لشركة النيل الوطنية للنقل النهري، إحدى الشركات التابعة لجهاز الصناعات والخدمات البحرية للقوات المسلحة، ما أسفر عن غرقه، وعلى الفور انتقلت قوات الحماية المدنية بالجيزة إلى مقر الواقعة، لانتشال جثث الضحايا والمصابين. «المركب غير مرخص، والصندل كانت أنواره مطفأة، ولم يره أحد، كما أن قائده خالف جميع قواعد السير واصطدم بالمركب النيلى وقسمه من المنتصف وتسبب فى غرقه»، هذا ما قاله المهندس سمير سلامة، رئيس هيئة النقل النهرى، للتهرب من المسؤولية، إذ ألقى بها على عاتق طاقمي المركب والصندل، لافتًا إلى أن صاحب المركب النيلى لم يحصل على تراخيص للإبحار ولا يحمل أى أوراق قانونية. وأكد سلامة، ل«التحرير»، أن صندل البضائع التابع للقوات المسلحة غير مسموح له بالإبحار ليلا، لأن مجرى نهر النيل غير مجهز للإبحار ليلا، لعدم وجود إضاءات على طول المجرى تسمح بذلك، كما أن المركب لم يخضع لأى فحص من قبل هيئة النقل النهرى، باعتباره لا يحمل ترخيصا للإبحار من الأساس، مشيرا إلى أن الصندل البالغ طوله 50 مترا اصطدم بالمركب البالغ طوله 9 أمتار، بعد ركوب عدد من الأهالى والأطفال من الحديقة العامة أمام معدية الجزارين فى الوراق، وفور انطلاقة بدقائق اصطدم بالصندل وغرق. وأضاف رئيس هيئة النقل النهرى، أن شرطة المسطحات المائية تحفظت على طاقمى المركب والصندل، وأن المسؤولين بالهيئة يتابعون انتشال الضحايا بناء على تعليمات وزير النقل، المهندس هانى ضاحى، لافتا إلى أنه يتابع بنفسه عملية انتشال المركب النيلى. بينما اكتفى وزير النقل والمواصلات، هاني ضاحي، بإجراء اتصالًا هاتفيًا برئيس هيئة النقل النهرى، طالبه فيه بتشكيل لجنة فنية لمعاينة موقع غرق المركب، ولم يسع لمعاينة موقع الحادث، كما أغلق هاتفه المحمول ورفض التواصل مع وسائل الإعلام يوم إجازته الرسمية، كأن الذين دفعوا حياتهم «مواطنين درجة ثانية». المستشار البحرى السابق لوزير النقل، الدكتور أحمد سلطان، حمل هيئة النقل النهرى التابعة لوزارة النقل، مسؤولية غرق المركب وإزهاق كل تلك الأرواح البريئة، لافتا إلى أن سلامة الوحدات والمراكب وتراخيص الملاحة هى اختصاص أصيل للهيئة. وأبدى تعجبه من عدم وجود معدات إنقاذ بالمركب والصندل، متسائلا: «إزاى مافيش معدات إنقاذ بالمركب وفين دور لجنة التفتيش بالوزارة!»، مؤكدا أنه لا يجوز لأى مركب الملاحة النهرية ونقل الركاب دون الحصول على ترخيص من هيئة النقل النهرى، واستيفاء متطلبات السلامة فى أثناء الملاحة النهرية. وفى الوقت نفسه، قال الدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، إن منظومة النقل النهرى فى مصر تضم أكثر من 35 ألف عامل و8 آلاف وحدة نهرية تعمل فى النيل، علاوة على 50 ميناء نهريا، لافتا إلى أن النقل النهرى يشارك بنسبة 50% من حجم البضائع المنقولة فى مصر، لذلك يجب إعادة النظر فى تأهيل هذا القطاع الحيوى والشريان الهام فى مصر، وذلك من أجل تقليل الحوادث والحفاظ على كفاءة شبكة الطرق وتقليل استخدام الوقود.