أصبحنا شعبا يستشهد فيه أطفاله، ليكتنز شيوخه ورجال دينه، ويتظاهر فيه قتلة أطفاله.. أصبحنا شعبا يستشهد فيه أطفاله، ويخرج شيوخه على المنابر يحرمون، ويهدرون الدماء، ممزوجة بكلمات عن الرب وعن الإسلام. «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنا قَلِيلا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» (البقرة). أصبحنا شعبا يرى الباطل باطلا، ويدعو الله أن يرزقه اتباعه، بدلا من أن يرى الحق حقا ويتبعه، فيموت جوعا، أو غدرا، أو تعذيبا، أو طفلا برصاص جلادى هذا النظام… أضحكتنى بشدة وقفات السادة ضباط وأمناء الشرطة، وكلماتهم الوطنية جدا فى تلك الوقفات عن أنهم يرفضون أن «يزج» بهم فى الأحداث الحالية، وأنهم جزء من الشعب، وحقوق الإنسان، وأهم حق من تلك الحقوق هو حق التظاهر والتعبير عن الرأى إلخ إلخ. - كانت هناك «شَخْرَة» قوية خارجة من فم أحد المتفرجين، أتبعها بجملة «مش عايزين يتزج بكم، ما تمشوا وتسيبوا الناس تتظاهر، وتقولوا مالنا دعوة، إنما دول كفرة وفجرة يقتلوا القتيل ويعيطوا فى جنازته». - حقيقة أوقنها تماما الآن، أن لو كان قد اجتمع ألبير كامو، وسارماجو، وأضف إليهما قليلا من كافكا، ما كانوا أبدا تصوروا واقعا بهذه العبثية… ضابط الشرطة يرفض العنف، ويخرج فى مظاهرات ضدها يطالب فيها بوقف العنف، وأيضا برفع التسليح الخاص به.. أنا أرفض العنف، لكن أعطنى سيدى أسلحة كبيرة وكثيرة لأثبت أنى أرفض العنف بتاتا... أعتذر يا سادة، لكن أخبرونى عن جثث من ملقاة فى مشارح الوطن بطوله وعرضه؟ أخبرونى عمن قتل أطفالا دون العاشرة واستحل دماءهم؟ أخبرونى عمن اعتقل وعذب بالفيديوهات والصور أطفالا دون الثانية عشرة فى معسكرات الأمن المركزى؟ أخبرونى عمن يقيم حفلات تعذيب وحشية فى قسم شرطة كفر الزيات، وسجن دمنهور العمومى.. وبالمناسبة كل ما سبق هناك أدلة وشهود عليه، لكن زيدونا يا سادة كلام عن اللا عنف، ودماء الشعب بمختلف أطيافه، طبقاته، ومناطقهم الجغرافية تسيل على أيديكم ولا تزال... ولا يوجد اعتذار، أو مساءلة… من طنطا الجندى، إلى القاهرة وقتلة الطفل عمر بائع البطاطا، أو إسكندرية الشهداء، أو جنازات بورسعيد؟ حدثنى أيها الضابط عن الشرعية، وانكسار الداخلية، وانعدام الأمن، واتبع حديثك بدعوات سلفى يقف بجوارك لقتل متظاهرين.. اذهب سيدى الضابط توضأ فى مسجد الشيخ، الرافع عقيرته عن الشرعية، والفوضى، والتخريب، والأمن المستباح. واجعله يعطيك أنت ومن مثلك، صكوك غفران، تغفر لك ما تقدم وتأخر من فجرك، ما دمت تحمى نظاما يرأسه سفاحون وقتلة. «حول منزلى أربعة مساجد، فى خطبة الجمعة، تستمع إلى خطيب يدعو للإخوان ويلعن معارضيهم، والآخر للسلفيين ويخطئ الإخوان ويلعن معارضى الاثنين، والثالث لمؤسسات الدولة المختلفة، والأخير يتحدث عن أحكام الوضوء والصلاة…….»، لا وجود لطاغية-دموى، دون أن تكون يده اليمنى العسكر-الشرطة، واليسرى رجال دين يسبحون باسمه ليل نهار. فالشيخ يحلل كل خطوة يخطوها، أو سيخطوها، والشرطى، سيؤمن ويحمى كل الخطوات، ويقتل كل من يقترب منه. الشيخ لديه كلام الله، «الحمال أوجه» كما قال سيدنا ومولانا على، يبيعونه لمن يدفع أكثر، والشرطى يحمل ترسانته من الأسلحة، والأفكار السادية، والطاعة لسيده.. فالشيخ سيوعدك بالجنة، والشرطى سيحرص على أن لا ترفع رأسك أو صوتك حتى تموت وتلاقى وعدك... أحاول بكل جهدى أن أصدق أن هناك رجال شرطة شرفاء، لكن أخبار التعذيب تأتينا من كل مكان. «يقوم السادة ضباط قسم شرطة كفر الزيات، بمعاقبة المسجونين لديهم، سواء سياسيين، أو جنائيين، بإيفادهم فى رحلة أسبوعية إلى سجن دمنهور العام، ليتلقى المساجين حفلات من التعذيب وهتك العرض، ويعودوا بعدها إلى حجز قسم شرطة كفر الزيات مرة أخرى، ليلاقوا أنواعا مختلفة من التعذيب». لمَ كفر الزيات أو غيرها من المدن الصغيرة؟ لسبب بسيط، لن يوجد إعلام يتحدث، ولا وجود لأى حركات حقوقية أو مكاتب حقوقية، مع سيطرة شبه كاملة فى محافظة كالغربية لجماعة الإخوان المسلمين… بالتالى، حينما سيحاول أى شاب، أو مواطن أن يرفع عقيرته بالاعتراض، سيفكر ألف مرة، لأن لا أحد سيسمع، أو يرى، أو يحاول حتى أن يخفف عنه التعذيب حينما يعتقل... عذب، أو اقتل، أو شرد، أو اجعل أبا يركض باكيا طوال الليل، محاولا إنجاد ابنه من التعذيب، ولا مجيب... فلا إعلام سيتحدث، وسيخرج علينا السيد الضابط الملائكى الوجه، يتحدث عن الحرية وحقوق الإنسان والزج بهم... فرجال الشرطة كرجال دينهم، يفجرون ليلا، ويسبحون نهارا بحمد من يجلس على الكرسى، يعذبون، يقتلون، أو يغتصبون رجلا كان أو امرأة، فكلنا حلالهم، ويخرجون عليك نهارا، سواء بمسبحة فى اليد وعمة على الرأس، أو فى انتفاخ داخل بدلة سوداء من قطران الشوارع. عندما يخرج علينا أحد ضباط الشرطة، أو رجال الدين بكلام جديد، يصدقه قوله، فلن يكون جواب زملائه إلا كما الآية «أَخْرِجُوا الَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ» (الأعراف). اخلع الكاب، وضع العمة، لن تجد فرقا أبدا، فالاثنان واحد فى القمع والتسلط، الفرق أن أحدهما يحلل الدم قبل أن يسفحه الآخر… العار أنتم، بتحريفكم كلام الله عن مواضعه.. العار أنتم، بفجركم فى الأرض ليل نهار... العار كتب عليكم، وسيستمر، سواء طال المدى أو بعد، ستظلون قتلة أطفالنا، المستحلين أعراضنا فى الزنازين والشوارع.. العار كتب عليكم، والله شاهد عليكم، سواء متنا، أو استمررنا، سيبقى عاركم... قتلة الأطفال، مستحلين كلام الله، بائعيه على النواصى والطرقات، لما يملك سلطة أكثر-أكبر. سيزيد السواد، وسنرى ليالا أحلك من كل ما مضى، لكن لا يوجد فى هذا الوطن غير طريقين، أن تستسلم وتكفر بثورتك، أو أن تقبض على إيمانك وتموت فى سبيلها.... ولا تنتظر حين تكفر أنك ستكون آمنا، أيضا ستموت، لكن راكعا.