يحلو للناس فى هذه المنطقة الطفلة، بالأحرى الحاصلة على شهادة معاملة أطفال، الاعتقاد بأنهم طيبون، وأن العالم الشرير يتآمر عليهم. ولديهم قصص كثيرة، ينقصها دائما سؤال واحد: أين أنتم (نحن) من القصة؟ هادّيكى مثال: قصة «سايكس-بيكو». مهم جدًّا بدايةً أن تتخيلى شبه الجزيرة العربية عام 1915 على حقيقتها. كان هذا نتاج 1300 سنة من حكم إسلامى خالص لا فيه نصارى ولا يهود ولا استعمار. جزء كبير منها يعيش فى قبائل زى قبائل إفريقيا، بس «صحراوى». الشريف حسين حاكم للحجاز (مكةوالمدينةوالطائف..)، وآل سعود حكام لنَجْد. تستقر لهم حينًا، ويفقدون السيطرة أحيانا. وباقى شبه الجزيرة العربية كما تعلمين. أما الحواضر/الدول، زى مصر والعراق وسوريا، فتحت الحكم العثمانى والاحتلال العسكرى الغربى فى ذات الوقت. خدى بالك منهم دول، أنا بالِفّ وأدور علشان أرجع لهم. هذا إقليميا. أما عالميا فكانت الحرب العالمية الأولى، وهى أبشع حرب فى تاريخ البشرية. الإمبراطوريات فيها تتقاتل قبل أن تفنَى. الإمبراطورية العثمانية وروسيا القيصرية وفرنسا وبريطانيا وغيرها. ملحوظة لوذعية 1: الإمبراطورية (الخلافة) العثمانية طرف إذن، وليست ضحية. لا تخرجى قبل أن تقولى سبحان الله! الشريف حسين، مش بيتر ولا جورج، قاد «الثورة العربية» ضد الخلافة. ونسَّق مع البريطانيين. بالتحديد مكتبهم فى القاهرة. فى نفس الوقت منافسوه، آل سعود، نسّقوا مع البريطانيين، بس مع مكتبهم فى الهند. سوريا ولبنان فى ثورات مستمرة ضد الأتراك من قبل ذلك. مصر على خلاف مع السلطة التركية من أيام محمد على ولها شكل من الاستقلال الذاتى. دا حتى جوّه تركيا -الله وكيلك- كانت حركة المعارضة قوية (وبعد الحرب هتسقط الخلافة تماما). فيه مين تانى ضد تركيا؟ الأخ اللى هناك دا سمع اسمه؟ الأخت اللى ورا وبتاكل السندوتشات.. سمعتى اسمك؟! أوكيه! طيب «سايكس-بيكو» جات فى الظروف دى إزّاى؟! لا. ماينفعش نبتدى من «علشان تركيا مسلمة». إنما لأنها عدو فى الحرب. تمام زى ما اتعمل فى ألمانيا فى الحرب التالية. أى أنها جات كتدبير سياسى موجَّه من أحد طرفى الحرب ضد الطرف الآخر، بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية ضد عدوهم المشترك تركيا. وهو يستفيد من طموحات أطراف «فاعلة وموثوق بها» فى المنطقة. ملحوظة لوذعية 2: الناس فى الحروب مش بتوزع على بعض مصاصة. المهم. جزء من «نتائج» «سايكس-بيكو» إن الشريف حسين، خوفًا من البريطانيين لما عرف بالاتفاق، أصر على إعلان نفسه «خليفة» للعرب، حلمه المستمر قبل «سايكس-بيكو» وبعدها. ودا طبعا خوِّف آل سعود، معناه إنه هيرجع يحاول يبسط نفوذه على كل ما حوله. اتحرك آل سعود وأخذوا منه الطائف، وبعدين المدينة. وهنا اضطر إلى للتنازل عن العرش لصالح ابنه الشريف على. لكن آل سعود لم يرضوا بالحل دا، واستمر النزاع. وفى الآخر اضطر إلى التنازل عن العرش تماما. وآل سعود وحّدوا المملكة تحت اسمها الحالى. ويُقال إن الثمن كان تعاونا أكثر مع البريطانيين فى ما يخص فلسطين. دا مسار. فى المسار الثانى، أبناء الشريف حسين (الأسرة الهاشمية) كوفئوا على دورهم فى الثورة ضد العثمانيين بالصعود إلى العرش. فين؟! فى دول تحت الانتداب، دول من اللى كانت اتفاقية سايكس بيكو مختصة بيها. يعنى الملك فيصل بن الشريف حسين تولى عرش سوريا، لمدة شهر واحد، وحصلت مواجهات مع الفرنسيين فراح تولى عرش العراق اللى كان تحت الانتداب البريطانى، والملك عبد الله بن الشريف حسين تولى عرش إمارة/مملكة اتعملت له مخصوص اسمها الأردن. طيب أنا باقول الكلام دا ليه؟ الله! هو مش باين من العنوان ولّا إيه؟! «سايكس-بيكو» كانت نتاج خناقة، صراع سياسى. فيها أطراف كتير. انتصار طرف لا يحوّل الطرف المهزوم إلى ضحية. هه! لا يحوّله إلى ضحية. ضحية ليست مرادفا لمهزوم، ولا مهزوم مرادف لضحية.. مش محتاج أجيب طبلة واغنيها لك. اتفقنا على دى؟! لو كده يبقى كفاية علينا قوى، وبكرة تكون الفكرة اشتغلت فى دماغك ونتناقش فى الأهم: إيه علاقة الكلام دا باللى بيحصل حاليا؟ ما انا مش غاوى حكى حواديت يعنى.