فقط أقل من ثلث الناخبين المسجلين هم من شارك في المرحلة الأولى للاستفتاء على الدستور المثير للجدل، والذي كان ينتظر له أن يكون خطوة تاريخية على طريق رسم مستقبل مصر، وهو ما تقول وكالة الأسوشيتدبرس الأمريكية إنه يظهر بحسب المراقبين شكوكا عميقة في شرعية الدستور الذي أدى بالفعل لاستقطاب حاد في البلد. وقالت الوكالة الأمريكية في تقرير لها إن الأداء الكئيب في الاستفتاء، يثير أيضا شكوكا عما إذا كان المصريون أحجموا عن المشاركة بكثافة بسبب الاضطرابات التي شابت الحياة السياسية على مدار عامين تقريبا، منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك.
وقالت الوكالة الأمريكية إنه إلى جانب نسبة المشاركة الضعيفة التي وصلت إلى 32% فقط، فإن نسبة من قالوا "نعم" جاءت أيضا بهامش باهت حيث وصلت 56%، وهي ليست إلى حد كبير النسبة التي كان يتطلع إليها الإسلاميون ليسكتوا المعارضة التي يزداد صوتها قوة باستمرار والتي دعت أنصارها للتصويت ب"لا".
وأشارت إلى أنه منذ أسابيع والخبراء القانونيون في مصر يقولون إن المشاركة الضعيفة، ونسبة الأغلبية التي تقل عن 70% حتى يكون الاستفتاء شرعيا، وإن هذا سيثير شكوكا مدمرة عن مدى تمثيل هذه الوثيقة للبلد.
ومع هذا، تقول الوكالة إن المتحدث باسم الرئيس الإسلامي محمد مرسي يستعبد كل ذلك ويقول إن الاستفتاء سيتم تبنيه ويصبح نافذا إذا كانت النتيجة 50% +1 وهذا هو قانون الانتخابات الذي لم يتغير.
وقالت الوكالة إن الوثيقة الحالية أثارت مشاعر سخط في مصر على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، وأثارت أعمال عنف بين المعسكر الإسلامي ومعارضيه أدت لسقوط 10 قتلى وألف جريح، كما أنه يتضمن زيادة دور الشريعة الإسلامية في القانون المصري، وهو ما يثير مخاوف منتقدين من أنه سيؤدي لقيود حادة على العديد من الحريات المدنية.
وتابعت الوكالة أن المعارضة شعرت بالغضب لأن حلفاء مرسي الإسلاميين اندفعوا لتمرير الدستور في جلسة متسرعة وفي ليل، رغم مقاطعة أعضاء اللجنة التأسيسية من الليبراليين والأقباط. وهناك قطاع كبير من المصريين رأى هذه الخطوة على أنها الأحدث ضمن سلسلة من التحركات من جانب جماعة الإخوان المسلمين لاحتكار السلطة.
وربما يعكس تراجع إقبال الناخبين – حسب الأسوشيتد برس – الشكوك حول نزاهة التصويت بعد أن رفض معظم القضاة الإشراف على الاستفتاء، احتجاجا على تصرفات مرسي. كما أن ضيق الوقت بالنظر إلى أن مرسي أعلن موعد الاستفتاء فقط يوم الأول من ديسمبر، أدى إلى فوضى في معظم مراكز الاقتراع. ومعظم القاضاة الذين وافقوا على الإشراف على الاستفتاء كانوا موالين للرئيس وجماعته. واتهمهم النشطاء بغض الطرف بينما كانت الانتهاكات تحدث في عملية التصويت.
كما تشير الوكالة إلى أن البعض الآخر اتهم السلطات الموالية للإخوان بمحاولة قمع الناخبين للتصويت ب"نعم". وتقول إنه في بعض الدوائر في القاهرة والإسكندرية اضطر الناخبون للانتظار في طوابير لمدة 10 ساعات، وبعضهم غادر دون الإدلاء بصوته.
أضاع العديد من القضاة وقتا كبيرا في تناول وجبات فيما أغلقت معظم مراكز الاقتراع أبوابها عند السابعة مساء متجاهلة قرار لجنة الانتخابات مد التصويت حتى الساعة الحادية عشرة.