وزارة الداخلية، هى المؤسسة المعنية اصلا بحماية أمن المجتمع، بما يتضمن حماية حقوق أفراده و سلامتهم و صون حقهم فى العقيدة و العمل و غير ذلك، إلا أنه و بعد الثورة التى أطاحت بنظام كان من أعتى النظم المستبدة فى العالم، أصبحت الداخلية اليوم تنأى بنفسها عن التدخل فى شؤون هذا المجتمع، وتركته بلا غطاءً أمنيا عقابا له على ثورته التى سلبت من ضباط الشرطة و قادتها كل الميزات التى كانوا يتمتعون بها فى عهد مبارك والعادلى . المواقع الإلكترونية أصبحت هي المصادر السرية التي تعتمد عليها وزارة الداخلية في تحريك قواتها وتأمين منشآتها, حيث تقوم الوزارة بتأمين الأقسام والمنشآت الهامة فور تسريب معلومات على شبكة الإنترنت تتضمن الهجوم على موقع ما من مواقع الشرطة. او تغريدة على تويتر كلفت الدولة ملايين الجنيهات , وهو ماحدث مؤخرا في قسم شرطة الدقي والذي تم تحصينه ب 5 سيارات مدرعة و 3 تشكيلات من قوات الأمن المركزي، أضف إلى هذا العدد رجال القوات الخاصة الذين تولوا عملية تأمين القسم من الداخل, و أيضا عشرات المخبرين السريين الذين أنتشروا فى محيط قسم الدقى لرصد أى تحرك قد يثير الشك، وتبين فيما بعد أن كل هذا التكتيكات الدفاعية التي تعد إهدارا للمال العام لم تكن ذات جدوى, خاصة بعدما تبين أن المعلومة التي نشرتها بعض المواقع لم تكن دقيقة. وبعيدا عن إهدار المال العام الذي يتم خلال عملية التعبئة السريعة للقوات وأنتقالها، فإن الخوف الأكبر يكمن في الخسائر البشرية التي قد تحدث نتيجة هجوم مفاجئ على إحدى الأقسام أو المنشآت التي تفتقر إلى التأمين و التى تركتها الداخلية عارية تماما عن الحماية الأمنية، و يمتد الامر ليصل إلى قسم الدقى نفسه الذى من المفترض أن يكون مؤمنا دون وضع كل هذه التدابير التى تشير إلى هوس أمنى بمؤسسات الشرطة، بينما فى الوقت ذاته يتم إهمال تأمين وحراسة كل المؤسسات و المنشآت و الأبنية العامة التى يتعاطى معها ملايين المصريين. اللواء محسن حفظي الخبير الأمني أكد أن الضعف والوهن الذي أصاب الداخلية في الوقت الحالي ربما يكون سببا أصيلا فى حالة عدم الأمان التى بات عليها الشارع، مشيرا إلى أنه من المفترض أن أقسام الشرطة في العادة تكون على أهبة الإستعداد لأي هجوم مباغت في أي وقت, وقال حفظى إنه من المفترض أن الداخلية لديها مايسمى بالأمن الوقائي الذي يعمل على استحضار المعلومة والوقوف على الأحداث قبل وقوعها, وهو مايعرف بالطريقة الكلاسيكية التي يتعرف بها رجال المباحث على مثل هذا النوع من الخطر عن طريق المرشدين والمخبرين الذين يتم دسهم وسط الجماعات وغيرها حتى تتمكن الجهة الأمنية المنوط بها التدخل لوأد الخطر قبل وقوعه. حفظي شبّه مايحدث الآن بما حدث من إرهاب خلال فترة التسعينات فى اثناء صراع الدولة مع الجماعات الإسلامية، عندما كانت ترد العديد من الاتصالات الهاتفية الى الشرطة بوجود متفجرات بالفنادق المختلفة وذلك بهدف إنهاكها, وأشار بأن هناك خططا لتأمين الاقسام خاصة مع انتشار تنظيم القاعدة في مصر بشكل غير طبيعي قادما من فلسطين, وأرجع سبب ذلك إلى غياب قانون للإرهاب في مصر، مؤكدا أن هذا القانون لو طبق لأمكن إنهاء الكثير من أعمال العنف قبل بدئها. وعن كيفية تأمين أقسام الشرطة، أكد حفظى بأن هناك قوات احتياطية إسمها "قوات سريعة الحركة" توجد في الميادين القريبة من المناطق الهامة, لكن المشكلة تكمن في قصور الحصول على معلومات، وهذا القصور يمتد إلى الآليات التي يمكن من خلالها التعامل مه هذا النوع من المخاطر, فالمفترض أنه في الظروف العادية تقوم خطط تأمين الأقسام على نظرية الأضلاع، و وجود كمين مختفي ببندقية آلي لايراه المهاجمون، وهذه الخطط مستمدة أصلا من القوت المسلحة, لكن هذا غير كاف، لأننا نحتاج نقاط امنية بقوة لاتقل عن 100 عسكري. حفظى يعتقد بحسب ما يراه أن الرئيس مرسى ليس لديه أى رغبة فى إعادة بناء الشرطة المهزوزة منذ الثورة، بحيث أنه تركها مهلهلة و على رأسها قيادات فاسدة ضعيفة بأفكارها التي تنتمي إلى عصر حبيب العادلي بما هو معروف عنها من عداء شديد للمواطن. من جانبه أكد اللواء رفعت عبد الحميد، أن وضع الجريمة واحد بصفة عامة سواء كان اعتداء على مقرات الشرطة أو غيرها، وأن الجريمة تعتمد على مبدأ المباغته والمصادمة, بمعنى أن المجرم يفكر قبل أجهزة الشرطة, وحتى لو كان هناك تسليحا على أعلى مستوى لدى وزارة الداخلية وحتى لو تسلح المواطن ليحمي نفسه وعرضه ومنزله، فلن يفيد هذا في دولة لاتحترم القانون، فالعبرة بالمعالجة قبل المواجهة, إذ لابد من احترم الشرعية والقانون, أما التداعيات الأمنية المتتابعة والمتلاحقة فلن تستيطع أي قوة منعها طالما هناك خروقات للشرعية والقانون. عبد الحميد قال بإنه يلزم الداخلية أن تنوع من تسليح الأٌقسام طبقا لما يسمى بالملائمات الأمنية، أي تتناسب تسليح هيئة الشرطة مع حقيقة الواقع في ظل مناخ ديمقراطي, فلا يعقل أن تواجه رجال الشرطة فوضى المظاهرات وحالات الشغب ومستعملي السيوف والمولوتوف والاسلحة النارية والخرطوش بخراطيم المياه أو الغازات المسيلة للدموع, والمواجهة الامنية لابد وأن تكون بنظام المواجهة الرئيسية وليس الأفقية, فقد فشل نظام المواجهة الأفقية وجها لوجه بين رجال الشرطة والمجرمين ولم يؤتي ثماره إلى الآن, لذا يلزم تحديث الأسلوب أو تغيره عن طريق استخدام الطائرات الهيليوكوبتر سريعة الحركة لفض حالات الشغب العنيف وخاصة التي تدوم لفترات طويلة، وكثيرا من الدول المحيطة لجأت إلى هذا الاسلوب، وتستطيع أجهزة الشرطة من خلاله و بأقل التكاليف والخسائر أن ترصد المحرضين على أعمال العنف و الشغب.