كل من يدافع عن المبادرة باعتداء على معتصمين سلميين بحجة أنهم شخبطوا على الحيط وأهانوا الذات الرئاسية ويقومون بقلة أدب، وكل من يروّج للعنف فى مقابل اللا عنف، وكل من يدافع عن عنفنا وشهدائنا فى مقابل عنف الآخرين وشهدائهم لديه مشكلة أخلاقية كبيرة وخلل فى الإنسانية، وفى البوصلة المنطقية وتمركز حول ذاته ومعايير مزدوجة ومصاب بعدوى فيروس السلطة. إذن ما الفارق بين شهداء اليوم وشهداء ماسبيرو وشهداء موقعة الجمل؟ جميعهم كانوا ذوى مطالب سياسية معلنة، جميعهم بدؤوا سلميين حتى الهجوم عليهم، وجميعهم لم ولن يعاقب أى مجرم قتلهم، ببساطة لأن النظام القديم بتاع زمان لم يسقط، فقط ورثته الجماعة الأكثر تنظيما، رحم الله، جميع شهدائنا وضحايا الترويع السياسى لذوى السلطة أيا كان مصدر شرعيتها، ببساطة هى السلطة التى تعمى القلوب، ويبذل أصحابها كل أساليب الدعاية والكذب والحشد والتهديد للحفاظ عليها، الشرعية تسقط أمام قتل المعارضين أيا كان الغرض من الفعل: انتقام أو تأديب أو حفاظ على شرعية بالقتل! يبكون على المقرات المحروقة -وهو عنف ممقوت لم تدعُ إليه قوى سياسية منظمة- وأرد: ما علاقة المقرات المحترقة بالثوار السلميين أمام الاتحادية؟ هل تضمن شخصيا –يا صاحب قرار الحشد- أن كل من حرق مقرات الإخوان، وهو ما انتقدته مرارا وتكرارا، راح واعتصم عند قصر رئيس المصريين؟ هل تضمن عدالة فعل أنصار مرسى وشرعيته القانونية التى تتفانى فى الدفاع عنها أو هكذا تزعم؟ هل تضمن أن كل من سالت دماؤه على باب قصر من انتخبه كان يجب أن تراق دماؤه؟ المقرات المحروقة جريمة على الشرطة والنيابة البحث عن فاعلها أما حشد «المصابين بالبارانويا الجماعية» من مؤامرة لقلب الحكم من 3 مرشحين سابقين للرئاسة، ومنهم حلفاء الماضى قبل انقضاء المصلحة، فتصرف غير مسؤول وغرور وتكبر وصلف وظلم، وأحمّل صاحب القرار شخصيا مسؤولية دماء الإخوان ودماء غير الإخوان، كلهم ماتوا بلا سبب سوى حماية النص والمبانى والشرعية المفقودة. يقولون إننا ننصر الله أمام الليبروعلمانيين المتأمركيين، وهى معركة سياسية على الكرسى فى الأساس، وهم أول من يفاوض الأمريكان والكنديين والألمان ويحصلون على دعم من الغرب الكافر، يقولون الثوار أقحموا الفلول -مع تحفظى على المصطلح لعدم دقته أو وجود معايير له- وأرد عليهم رئيسكم هم من كرم أكبر الفلول وأعطاه قلادة النيل بدلا من فتح تحقيقات ضد ترويجه للأشاعات وقتل الأبرياء، ورئيسكم من هادن وتمسكن وهو من اصطحب الفلول معه فى الطائرات الرئاسية من أجل الصفقات الدولية، صحيح هناك فلول يريدون استغلال الموقف السياسى من أجل إعادة مبارك أو محبيه، وهذا محال ولن يقبله الرأى العام، لكننى لم أسمع عن أى فلول تضرب أو تسحل ليلة السادس من ديسمبر السوداء، كلهم ناس مشهود لهم بالنضال ضد مبارك بل وأحيانا حتى الوقوف فى صف الإخوان زمان؟ أنا أثق فى شهادات نجلاء بدير وشاهندة مقلد وخالد على وإبراهيم الهضيبى وعلا شهبة ومنى سيف وغيرهم ومن يقول عنهم فلول فإما جاهل بتاريخهم أو مضلل بضباب الدعاية والحقد. الإخوان أول من يعلم أن الأمور لا تقاس وقت الغضب الشعبى بالاستفتاءات وإلا كان مبارك يحكم حتى اليوم لأن الأغلبية كانت ستختاره، ولأنه أيضا كان رئيسًا منتخبًا من الأغلبية مع اختلاف السياقات، والإخوان أول من يعلم أن القرارات الانفرادية حتى لو غرضها خير لا تصلح اليوم لأننا ننشئ نظاما لا يجوز لرئيس منتخب بفارق أصوات عاصرى الليمون أن يخرج عليه ويقوّض سلطاته، والإخوان أول من يعلم أن الكثيرين من أمثالى ممن لم يعانوا الإخوانوفوبيا تشككوا فى قرارات الرئيس منذ انتخابه حتى الآن، والإخوان أول من يعلم أن هناك أكاذيب تطلق على معارضى الرئيس رغم أن منهم من دعموه وأيدوه سابقا مثل غنيم وماهر، الإخوان أول من يعلم أن الرأى العام متذبذب وأن ما أتت به الانتخابات منذ عام قد لا تأتى به اليوم مرة أخرى خصوصا مع تضاؤل شعبيتهم باستمرار. وعلى الهامش: ظاهرة الاعتداء على المعتصمين ليست ظاهرة سياسية فحسب، باعتبار أنه إطلاق أنصار الرئيس على معارضيه وباعتباره صراعًا بين استبداد وغرور الأكثرية ومعارضة الأقلية -وفقا لبيانات نتائج انتخابية متقادمة- بل به أبعاد اجتماعية اقتصادية تتعلق بحقد طبقى وجهل وغسيل مخ نتيجة تعليم فاشل وفاشى قائم على الحفظ والتلقين وسلطوية أبوية ديكتاتورية ومعاداة شديدة لفكرة استقلال المرأة عن الرجل. اليوم أعجز عن التحليل العلمى السياسى المحكم وأترك مشاعرى تتحدث: أندم من كل قلبى وأشعر بخيبة الأمل أننى انتخبت أو دعمت مرسى فى مقابل الفلول وأعده أن لا أفعلها أبدا، فأنت لا تختلف عنهم وفعلت ما خشيت أن يفعله الفلول من ظلم وقتل، وفى الآخر أبشره أن هذا حال كثيرين غيرى، يا من تريدون الاحتكام للصناديق، انتظروا الجولة القادمة!