بلدى ينقسم ضد نفسه، ليعلن للعالم والتاريخ أن مصر قد دخلت إلى طور جديد لم تعرفه من قبل.. فطبول الحرب الأهلية تدق فى الميادين والشوارع فى كل المحافظات... بعد أن كانت تدق فقط فى الماضى على الحدود وعند موانى المدن الساحلية إذا داهمنا خطر الأعداء..! فمن بدّل الحال إلى حال! ومن زرع الفتنة فى البلاد؟! لقد زرعها مَن أقسم لنا أنه لا يرتدى تحت القميص سوى «الفانلة»! يومها فتح سترته وكشف عن صدره واستدار وتمايل يمينا ويسارا مختالا بشجاعته التى تَسلَّمها من حب شعبه الذى اختاره بالصندوق.. وما أدراك ما الصندوق! الرجل أقسم يا جماعة أنه لا يرتدى قميصا واقيا تحت قميص «عمر أفندى» يوم كان القميص من «عمر أفندى»! ونحن نقر ونشهد أننا لم نلحظ يومها من تحت القميص سوى الفانلة الداخلية، حيث طبعت ملامحها وحدودها وكتافاتها وحمّالاتها من تحت القميص.. نعم هى الفانلة، ونحن جميعا نعرفها جيدا ونحترمها ونُجِلُّها، خصوصا إن كانت فانلة رجل شجاع جاء به الصندوق.. وما أدراك ما الصندوق! يومها تَحدَّث الرجل من ميدان التحرير.. موجها خطابه إلى كل عموم الشعب المصرى وفئاته وشرائحه.. ولم ينسَ أفراد العائلة المصرية.. ذكرهم فردا فردا حتى إنه يا كبدى قد ذكر «التوك توك»، وتميز بذلك بأنه أول رئيس مصرى لم يفلت التوك توك من بين يديه! يومها بصق الشعب وقال اللهم اجعله خير.. لكن تلك الأيام الخوالى لم تدم طويلا.. ولا قصيرا.. فبدأنا نتعب ونكل ونملّ استراق النظر تحت القميص لنسعد بالفانلة… غابت ملامحها وحدودها الكاشفة عن وجودها واستقرارها فى أمان تحت قميص الرجل الذى بدا صدره أكثر اتساعا وتورُّما وانتفاخا، حتى إن رأسه لم يعُد يتناسب مع عرض شاسيه الجسد! إذن فهو القميص الواقى الذى استقر تحت القميص الباريسى الأنيق الذى سحق «عمر أفندى» لبِّيس الشعب العريق! ونحن لا نمانع بالطبع أن يحفظ لنا الرئيس نفسه ضد الغدر ويحافظ لنا على حياته الغالية ووجوده بيننا.. خصوصا أننا من تراصُّوا فى طوابير ليأتوا به عبر الصندوق.. وما أدراك ما الصندوق! والرئيس لم يلجأ إلى القميص الواقى إلا بعد أن عرف واستقر بداخله يقين أكيد بأنه قد انحاز تماما لجماعته وعشيرته وأحبائه وقد ضحى بكل شعبه حين استخفّ به وبقضائه ودستوره ومثقفيه وساسته وبسطائه وتوك توكه أيضا! هنا فقط وجد لزوما للقميص الواقى المنتفخ! ولكننا نقول لك سيادة الرئيس.. لا تخَفْ فشعبك كله ليس من القتلة أو الغادرين.. شعبك لا يغتال! فقط ارجع إلى التاريخ وستعرف مَن الذين تَمرَّسوا على القتل والغدر والاغتيال.. الشعب لم يقتل النقراشى ولا الخازندار ولا فرج فودة ولا رفعت المحجوب ولا السادات! ليتك تعى التاريخ وتعدل كما عدل عمر ونام تحت الشجرة (حكمتَ فعدلتَ فأمِنتَ فنِمتَ يا عمر)، والله إنى أستحيى أن أخاطبك بلغة الدين لتفيق من غيبوبة جماعتك التى تسببت لك فى خلع «الفانلة»!