إن حاول متابعو السينما والمهتمون بمهرجانها الأول فى مصر نسيان الارتباك الذى سيطر على حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى جاء باهتًا أيضًا، فإن المسؤولين بالمهرجان بدوا وكأنهم يريدون تأكيد فكرة الارتباك فى كل يوم من أيام المهرجان، ومع كل واقعة تحدث تحت سماء دار الأوبرا المصرية، حيث تُقام جميع وقائع الدورة الخامسة والثلاثين. فبمجرد مرور ثلاثة أيام على بداية المهرجان بدأت الأزمات تتوالى بدءًا من سوء التنظيم، فمثلًا فى الفيلم البولندى «موسم السنة الخامسة» المشارك فى المسابقة الرسمية بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، والتى أدارتها الناقدة خيرية البشلاوى يوم الخميس الماضى، عانى مخرجه «Jerzy Domaradzki» فى أثناء دخول قاعة العرض، بسبب أوامر إدارة المهرجان بعدم دخول أى من الحضور بعد بدء الندوة، مما تسبّب فى مشادة بينه وبين أمن الأوبرا.أيضًا فى ندوة السينما الإفريقية التى كان من المفترض أن يفتتحها وزير الثقافة محمد صابر عرب، ورئيس المهرجان الدكتور عزت أبو عوف، إلا أنهما تغيّبا دون إبداء أسباب، وناب عنهما محمود قابيل، ولم يقدّم أحد من إدارة المهرجان مبررًا لغيابهما عن الندوة، كما أن وزير الثقافة تأخّر عن افتتاح سوق الفيلم أيضًا، بخلاف أنه لم يتم إبلاغ الناقد رفيق الصبان باعتذار صناع فيلم «الشتا اللى فات» عن عدم حضور الندوة، رغم علم إدارة المهرجان بالأمر قبلها، مما وضعه فى موقف حرج اضطره إلى إنهاء الندوة سريعًا. على جانب آخر بدأت عروض اليوم الثالث بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، حيث العرض الأول للفيلم البرازيلى اللبنانى «المحطة الأخيرة»، وهو الفيلم الذى أثار إعجاب الحضور من نقاد وصحفيين بشكل ملحوظ، وربما يكون الفيلم الأول فى المسابقة الرسمية الذى يحظى بهذا الإجماع من التأييد بعد الفيلم المصرى «مصور قتيل».الفيلم تدور أحداثه حول أخّين لبنانيين يسافران إلى البرازيل على مركب إيطالية مع مجموعة من الشباب اللبنانى والسورى عام 1950، ويسير كل واحد منهما فى طريقه لمحاولة إيجاد مصدر رزق فى المهجر، وبعد مرور 50 عامًا تموت زوجة البطل «طارق» ويبدأ فى البحث عن أصدقائه الذين هاجروا معه ولم يرهم منذ 50 عامًا وهى الرحلة التى تأخذ أكثر من محطة إلى أن يصل إلى المحطة الأخيرة.وفى ندوة الفيلم التى كان من المقرر عقدها فى المسرح الكبير حضرت مديرة المهرجان سهير عبد القادر، طالبة من الجمهور الانتقال لإقامة الندوة فى المجلس الأعلى للثقافة نظرًا لطول مدة الفيلم وضرورة عرض فيلم آخر بعده. وبالفعل انتقل صناع الفيلم المخرج ماريو كورى، والفنان اللبنانى الكبير منير مصرى، ومنتجة الفيلم نهى شوفانى، إلى قاعة الفنون بالمجلس الأعلى للثقافة لإقامة الندوة التى أدارتها ميرفت أبو عوف، التى استمرت لما يقرب من الساعة.وخلال الندوة أكد بطل الفيلم أن قصة الفيلم تتعلق بأكثر من 9 ملايين لبنانى يعيشون فى البرازيل، هذا بخلاف ما يقرب من 20 مليون لبنانى يعيشون فى المهجر، فى حين أن لبنان نفسه يعيش به 4 ملايين لبنانى فقط.كما أكد مخرج الفيلم أنه من أصل لبنانى، لكنه هو ووالده لم يزورا لبنان منذ 100 عام، والمرة الأولى التى ذهب فيها إلى لبنان كانت فى أثناء تصوير الفيلم. كما أضافت منتجة الفيلم نهى شوفانى، أن الفيلم تكلّف ما يقرب من 7 ملايين دولار وتم تصويره فى 8 أسابيع، لكن فترة تحضيره زادت على ال7 أسابيع. أكثر ما أثار حفيظة صناع الفيلم فى أثناء الندوة وتحديدًا بطل الفيلم «سؤال أحد الصحفيين عن ملّة بطل الفيلم إذا كان شيعيًّا أو سنيًّا، لأن طريقة الصلاة كانت غريبة عن صلاتنا»، فانفعل البطل وقال له «وهل هذا موضوع مهم بالنسبة إليك؟ ألم تلاحظ أن البطل اسمه طارق ويصلّى مع صديقه علِى وصديقهما اسمه محمد والآخر اسمه حنا، وهناك أيضًا جوزيف.. هذا هو المجتمع اللبنانى». وفى نفس السياق عرض مساء السبت الفيلم اللبنانى «تنورة ماكسى» على المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، وهو يأتى ضمن مسابقة الأفلام العربية الطويلة، حيث أعقبته ندوة أدارها السيناريست تامر حبيب، بحضور مخرج الفيلم جو بو عيد، الذى واجه هجوما حادا من قِبل جمهور القاعة الذين وجدوا الفيلم غير متماسك ويتضمن ألفاظًا ومشاهد خادشة للحياء دون سبب أو هدف، وزادت حدة الهجوم حينما أقر المخرج بأن قصة الفيلم حقيقية، وتتناول سيرة حياة والديه، والفيلم يسرد قصة واقعية، وقعت أحداثها عام 1982 حينما حاصر جيش إسرائيل بيروت، وتتناول سيرة أحد القساوسة الذى وقع تحت إغواء فتاة متهورة.