أوقات عصيبة للقوات المسلحة التى تخوض الآن معارك لإثبات كفاءتها بينما تستهدفها المؤسسات الرسمية للدولة وعلى رأسها الرئاسة والحكومة بمواقف تضعف حجتها، وخرجت الجماعات الدينية من جهة أخرى ممثَّلة فى الجماعة السلفية الجهادية لتعلن ربما للمرة الأولى تحديها للمؤسسة التى تشرف وتدير معارك تأمين سيناء على وجه الخصوص. فمع تواصل العمليات الغامضة للجيش فى سيناء خرجت تصريحات منسوبة إلى كل من الرئيس محمد مرسى ورئيس الحكومة هشام قنديل تنفى وجود مشكلة أنفاق فى شمال سيناء والتى كشف عنها محافظ شمال سيناء اللواء السيد عبد الفتاح حرحور فى اجتماعه بممثلى القوى الشعبية الذى اجتمع بهم خلال المؤتمر الذى عُقد بديوان عام المحافظة مساء أول من أمس وتغيب عنه وزيرا الدفاع والداخلية. حرحور أكد أنه التقى الرئيس لمناقشة موضوع الأنفاق المفتوحة مع غزة لتهريب الإرهابيين إلى مصر والسلع المدعومة خارج مصر، فكان رده: «انتو ما عندكوش مشكلة أنفاق». وأضاف حرحور، حسب رواية عماد البلك، رئيس التيار الشعبى بشمال سيناء: «توجهت للدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، فرد بنفس الطريقة، وقال: ماعندكوش مشكلة أنفاق، ومافيش أنفاق مفتوحة»، واختتم حرحور قائلا: «شوفوا انتو بقى»، فى إشارة إلى أنه أدى ما عليه، فى الوقت الذى يرون فيه بأعينهم تهريب البضائع وانتقال الأشخاص خلال الأنفاق وما تمثله من مشكلات، بالإضافة إلى عبور أشخاص مجهولى الهوية من قطاع غزة إلى سيناء، فضلا عن الأسلحة وغيرها. كلام مرسى وقنديل على لسان المحافظ ترك انطباعا سيئا للغاية لدى أهالى شمال سيناء لكن الأنكى أنه يناقض مزاعم الجيش عن خطورة وضع الأنفاق ويهدم أساس العملية «نسر» التى تقوم بالأساس على ضرب نشاط الأنفاق ومطاردة العناصر المسلحة التى استوطنت سيناء فى غفلة من النظام القديم ثم فى حماية النظام الجديد، حيث أعلن المتحدث العسكرى فى مؤتمريه الصحفيين الأول والثانى تفاصيل تعقب الأنفاق وهدمها، وقال نَصًّا فى سبتمبر إنه تم تدمير 31 نفقا، وإن العدد الرسمى للأنفاق 225 بينما يصل العدد الحقيقى إلى 550 نفقا، وأسهب على مدى نصف ساعة فى شرح صعوبة الكشف والتوصل إلى الأنفاق التى تبدأ فى مطبخ بيت أو حمام مدرسة وهو ما كرره فى مؤتمره الثانى فى مطلع أكتوبر، ولكن نفى الرئيس والحكومة وجود مشكلة أنفاق يكشف إما معارضة النظام لخطة الجيش فى إغلاق الأنفاق وإما تبرير الجيش فشله برواية الأنفاق الصعبة. من جانبه، أكد الدكتور ياسر علِى، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، أن ما تردد من أنباء حول رفض الرئيس هدم الأنفاق غير الرسمية التى تربط بين سيناء وقطاع غزة، غير صحيح، قائلا: هذا الكلام ليس له أساس من الصحة. لكن متحدث الرئاسة لم يبادر بتوضيح موقف الرئاسة من إغلاق الأنفاق ولا من تصريحات محافظ شمال سيناء ولا توضيح ما قصده الرئيس من حواره مع المحافظ. مصادر خاصة أكدت ل«التحرير» أنه من المتوقع إقالة محافظ شمال سيناء بعد هذه التصريحات بزعم الاستجابة لطلب أهالى المحافظة التى تجاهلها مرسى وأبقى ورقة الإقالة لخطوة تالية رغم أن المتحدث الرئاسى نفى قبل يومين اتجاهه لإقالة المحافظ على خلفية الاضطرابات الواسعة التى شهدتها المحافظة بدعوى أنه لم يلبث فى موقعه غير شهرين فقط. على صعيد آخر قدمت الجماعات المسلحة رسالة جديدة للسلطة فى مصر بالهجوم على سيارة مفتش الأمن العام بالمحافظة وإصابته وفروا إلى مناطق جبلية، وتم نقله إلى مستشفى العريش فى حالة حرجة، وقالت مصادر أمنية إن المسلحين يستقلون سيارة لاند كروز بيضاء أطلقت النيران تجاه كمائن الأمن للجيش والشرطة عند الطريق الدائرى بالعريش، فى أثناء مرورها بسرعة فائقة. جماعة «السلفية الجهادية» فى سيناء أصدرت بيانا الثلاثاء اتهمت فيه أجهزة الأمن المصرية «بافتعال أزمات وحوادث أمنية فى سيناء من أجل إعادة النظام القمعى السابق»، مشيرة إلى أن «حالة الغليان غير المسبوقة فى سيناء للمطالبة بالقصاص من مرتكبى حادثتى القتل المتعمد من قبل الأمن المصرى». واستنكرت الجماعة أن تشن السلطات حملة إعلامية تصور الأمر على أنه انفلات أمنى أو استهداف للشرطة، وقيام البعض باتهام الجماعات «الجهادية» بالوقوف وراءه، واعترفت الجماعة «بامتلاكها أسلحة وقيامها بعمليات لكنها ضد اليهود أعداء الأمة». تحدى السلطات الحاكمة فى سيناء وعلى رأسها الجيش تمادى إلى تنظيم وقفات احتجاجية من أهالى رفح أمام مقر المخابرات الحربية الأحد للمطالبة برحيل ضباط الأجهزة الأمنية لتورطهم فى أعمال تهريب المواد البترولية بالإضافة إلى مطالب فئوية أخرى، وهو ما تصدى له المتحدث العسكرى ببيان آخر أشار فيه إلى احترام المطالب الفئوية لكنه قلب الاتهام بتورط الأجهزة الأمنية فى تهريب المواد البترولية إلى قطاع غزة، ووصفه بادعاء مغلوط وباطل وكاذب، ويأتى ردا على رفض مكتب المخابرات الحربية برفح الإفراج عن العربات التى تم ضبطها بواسطة عناصرنا الأمنية فى عديد من قضايا التهريب.. وأضاف أنه «فى إطار ممارسة تلك العناصر الضغوط على العناصر الأمنية للحد من نشاطهم فى مكافحة أعمال التهريب والتسلل بالمنطقة الحدودية خلال الفترة القادمة. وفى هذا الصدد، نؤكد استمرار جهود كل عناصرنا الأمنية فى ملاحقة جميع محاولات تهريب السلع المصرية ومنها المواد البترولية، حفاظا على الاقتصاد الوطنى وحقوق المواطنين المصريين.. ونؤكد عدم الخضوع لأى محاولات أو ضغوط لإيقاف جهودنا فى ذات الشأن».