عرفت أن ابن زميلى وصديقى القديم مصطفى السعيد الصحفى ألقى القبض عليه فجر السبت، اسمه فادى، سنه لم تصل إلى العشرين، طالب فى معهد السينما، يعمل مصورا بجانب دراسته، كان أمام السفارة فى طريق عودته من عمله. اتصلت بمصطفى فى ساعات الصباح الأولى لأطمئن عليه وسألته: فين شادى دلوقتى؟ قدرت تعرف مكانه؟ قال: آخر حاجة وصلت لها إنه ممكن يكون فى سجن الاستئناف. أنا قاعد من ساعات مش عارف أقابل حد. هتفت بسعادة: ياه والله! الحمد لله. يعنى هيتعرض على نيابة عادية؟ كويس جدا. قطع مصطفى المكالمة: أنا هاقفل معاكى، هارد على المحامى وأكلمك تانى. بمجرد أن أغلق مصطفى الخط أدركت ما وصلت إليه حالتنا، كل هذه السعادة لأن ابننا محبوس فى سجن الاستئناف الذى هو واحد من أقبح الأماكن فى مصر. لكنه على الأقل ليس سجنا حربيا. ومعناه أن فادى سيمر بإجراءات التحقيق والعرض على المحكمة الطبيعية. قال لى خيالى الساذج إن هذا الإجراء بسبب أن رسالة جمعة تصحيح المسار وصلت إلى المجلس العسكرى، فأدرك أخيرا أن المطلب الأول وربما الوحيد الذى يتفق عليه الجميع هو رفض المحاكمات العسكرية. كنت فى ميدان التحرير يوم الجمعة، وسرت فى مسيرة تضم آلافا إلى دار القضاء العالى، كانت قوية ومؤثرة ومتحضرة وأهدافها محددة فى المطالبة بعدم محاكمة المدنيين أمام محاكمات عسكرية والمطالبة باستقلال القضاء. كان الناس من حولى يسيرون فى المسيرة بمختلف أطيافهم، يلصقون على ملابسهم ملصقا مكتوبا عليه «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين». وبينما أنا أقول لنفسى «والله بشرة خير لو فعلا اتلغت المحاكمات العسكرية يبقى تعوض العك اللى حصل»، ورن التليفون ليأتينى صوت مصطفى ملتاعا يقول «المعلومة طلعت غلط.. فيه ناس فعلا فى باب الخلق لكن فادى مش منهم.. فادى فى مكان اسمه س28، نفس المكان اللى قعدت قدامه ساعات وقالوا مش موجود». فهمت أن الرساله، رسالة جمعة تصحيح المسار، لم تصل. بالصدفة اكتشفنا أن أحد المقبوض عليهم فى نفس المجموعة مع فادى هو المهندس ياسر الإبيارى، وهو ابن خال زميلتى وصديقتى القديمة أيضا نجوان عبد اللطيف الصحفية. يا محاسن الصدف. وصل ياسر مع أخيه مصطفى فى الثانية صباحا عند السفارة، بعد أن شاهد على شاشة التليفزيون العلم الإسرائيلى يسقط والعلم المصرى يرتفع والأوراق تطير فى الجو والاحتفالات على أعلى مستوى قرر أن ينزل ليحتفل، ويلتقط صورا تذكارية. لم يخطر ببال أحد أن مصيره سيكون س28، يحكى أخوه أن أحد الضباط منع ياسر من التصوير، وطلب منه أن يأتى معه فذهب معه بمنتهى الهدوء، سأل الضابط مصطفى عن علاقتهما فقال إنه أخوه، فطلب منه أن يمشى لأن ياسر سيبقى معهم دقائق ليروا الصور. فامتدت الدقائق إلى خمسة عشر يوما. فسّرت نجوان اختيارهم ياسر وتركهم مصطفى بأن ملابس ياسر كانت رياضية وغير منسقة، صدقتها لأننى كنت قرأت هذا التفسير على لسان أكثر من شاب كانوا فى المكان، حتى إن شبابا على «تويتر» اقترحوا أن يكون شعار حملة «لا للمحاكمات العسكرية» الجديد «اتشيك والبس نضيف عشان ماتقابلش منى سيف». واحدة تكتب تغريدات باسم «مصرية» أو «بنت مصر» كتبت تدافع عن صديق لها نشرت «الأهرام» صورته فبدا فى الصورة يشبه أصحاب السوابق قالت «بص فى صورتك فى الرقم القومى وانت تعرف ليه أحمد عبد الكريم طلع شكله كده فى صورة (الأهرام)». بحثت عن الأهرام.. رأيت الصور.. قلبى اتوجع.. فيهم صورة فادى. يا ترى من منهم أحمد عبد الكريم؟!