خلال الساعات القادمة سوف تصدر نقابة الممثلين قرارا تؤكد فيه تضامنها مع الشعب السورى، وفى نفس الوقت تناشد أعضاءها بالامتناع عن تلبية الدعوة لمهرجان دمشق المزمع افتتاحه يوم 20 نوفمبر.. كانت نقابة السينمائيين هى صاحبة المبادرة الأولى بمقاطعة مهرجان ملطخ بالدماء، التى أراقها شبيحة بشار الأسد، وسوف تمتزج فى فاعليات المهرجان السياسة بالفن ليتحول إلى سلاح يطلقه النظام السورى فى قلب شعبه الأعزل.. لا تستطيع أن تعزل مهرجانا يقام برعاية بشار الأسد، وعروضه الرسمية فى دار أوبرا الأسد، عن مؤازرة نظام يتداعى ولم يكتف فقط بأن يمارس ضغوطه على أغلب نجومه السوريين الذين يرتعدون خوفا من بطشه، ولهذا يتحولون فى أجهزة الإعلام إلى أبواق تسبح بحمده، لكنه يسعى لبث رسالة إلى الرأى العام بأن الأسد يحظى بتأييد من النجوم العرب، وليس فقط السوريين.. تذكروا أحاديث دريد لحام، ورغدة، وسلاف، وسوزان نجم الدين، وغيرهم، حتى النجوم المعتدلون أمثال جمال سليمان، فإنه لا يزال يحافظ من خلال آرائه على أن لا يثير حفيظة النظام، فهو ينتقد التغطية الإعلامية الرسمية للنظام السورى، ويطالب بالحرية والرحمة والمغفرة للشهداء، لكنه لا يستطيع أن يقترب من المطالبة بإقصاء بشار، بل إنه لا يزال يصرح فى أحاديثه أن بشار لم يرث الحكم لأنه ابن حافظ الأسد، لكن لكونه شابا نابها.. أهمس فى أذن النجوم الذين لا يزالون يحاولون الإمساك بالعصا من المنتصف، أنهم يواجهون الآن موقفا مصيريا، ومشاعر الناس تتابع ما يجرى، وتدرك أن الحياد صار بضاعة بائرة لا تنطلى على أحد.. عدد من الفنانين والمخرجين السوريين انضموا للشعب فى مطالبه العادلة بالحرية، أعلنوها فى مواجهة هتّيفة بشار للأبد «الله سوريا حرية وبس».. إقصاء الأسد أهم شرط لتحقيق الحرية، فهل من الممكن أن نصدق طاغية يتحدث اليوم عن الحرية؟! النقابات الفنية التى كانت مغيّبة قبل الثورة فى مصر استيقظت.. كنت أول من كتب مقالا على صفحات «التحرير» عنوانه «مهرجان دمشق السينمائى الدموى»، وطالبت النقابات الفنية المصرية بالمقاطعة، وبالفعل اعتذرت سوسن بدر عن الحضور بعد ترشيحها كعضو لجنة تحكيم.. لا يمكن لفنان أن يخاصم مشاعر الشعوب فى تطلعها المشروع من أجل الحرية. أعتقد أن المقاطعة لن تصبح فقط مصرية، لكنها سوف تتسع عربيا، وربما أيضا عالميا.. شعوب العالم تتابع ثورات الربيع العربى، ولهذا أتوقع أن تزداد جرعات المطالبة بالمقاطعة، بينما النظام السورى، طبقا لتركيبته التى تلجأ دائما للإنكار، سوف يواصل الاستعداد للمهرجان، مؤكدا أنه ليس مهرجانا سياسيا، وهو فقط يتوجه للثقافة.. ولكن المعركة أراها فى النهاية سوف تؤدى إلى خسارة فادحة وفاضحة.. الزمن ليس فى صالح مهرجان دمشق، لأن المظاهرات الغاضبة التى تطالب بإسقاط النظام السورى تزداد إصرارا، ولا تزال تدفع الثمن من دماء السوريين. مساحة المقاطعة للدورة التاسعة عشرة سوف تزداد، والنجوم باتوا الآن أكثر حذرا، فهم تعلموا الدرس من الثورات العربية فى تونس ومصر وليبيا.. الناس لن تغفر تقاعس النجوم.. الفنان الذى كان يعيش فى معزل عما يجرى فى وطنه العربى، لن يجد لنفسه مكانا فى قلوب الناس.النقابات الفنية التى كانت صوتا للدولة تنتظر الأوامر للتحرك، وكانت جزءا من تركيبة النظام الفاسد، فهم كانوا يدعمونهم فى الانتخابات من أجل أن يضمنوا ولاءهم فى القضايا الشائكة.. النقابات الفنية فى مصر والتى تورطت قبل عامين فى فتح النيران ضد كل من هو جزائرى بعد واقعة مباراة كرة القدم فى «أم درمان»، وذلك كنوع من المبايعة للنظام الفاسد، تلك النقابات هى نفسها التى تقاطع الآن مهرجان دمشق، وهى أيضا التى أيدت مظاهرة، أمس، فى التحرير من خلال بيان يعلن انحيازها للشعب.. الموقف السياسى الذى تتخذه النقابات الآن يعيد لها دورها المغتصب. الفنان سوف يسترد دوره كقائد رأى فى المجتمع عندما ينحاز إلى مشاعر شعبه.. أخيرا انتفضت النقابات الفنية فى مصر، وقالت لا لمهرجان ملطخ بالدماء، يقيمه السفاح الذى يتلذذ بقتل شعبه!