لا يمكن بأى حال من الأحوال أن نختزل نجاح زيارة الرئيس السيسى «التاريخية» لبرلين فى عدة عقود واتفاقات مهمة تم توقيعها مع شركات عالمية فى حجم ومكانة شركة «سيمنس»، وغيرها من الشركات الكبرى التى من شأنها دعم الاقتصاد المصرى بشكل ملحوظ. وإنما تتجلى أهمية الزيارة فى كونها جاءت بمثابة «صفعة قوية» على وجه التنظيم الدولى للإخوان الذى كان يرتع فى أوروبا من قبل، معتبرًا «ألمانيا» منطقة ارتكاز رئيسية يتحرك من خلالها صوب المشرق والمغرب لتنفيذ مخططاته «الجهنمية» التى تستهدف هدم الدولة المصرية منذ اندلاع ثورة 30 يونيو التى أطاحت بحكم تلك العصابة الإرهابية «جماعة الإخوان المسلمين» المنحلة. لقد اتسمت تلك الزيارة ب«الجرأة» فى أروع صورها، حينما اقتحم الرئيس السيسى الألمان فى عقر دارهم، موجهًا إليهم كلمته التى فاحت منها رائحة الكبرياء والاعتزاز بالنفس، مخاطبًا إياهم باللغة التى يفهمونها، وهى لغة تمت صياغة كلماتها ببراعة فائقة، خصوصًا وهو يصف لهم خروج الشعب المصرى إلى الشوارع فى «30 يونيو» لا لشىء إلا من أجل التخلص من الفاشية الدينية، فبهذه الكلمات استطاع الرئيس أن يربك حسابات الألمان ويلقى بحجر ثقيل فى بئر السياسة الغربية التى تتشكل من خلال توجهات السياسية الألمانية أينما اتجهت، نظرًا لما تمثله ألمانيا من ثقل سياسى واقتصادى فى القارة الأوروبية. واللافت للنظر أن زيارة برلين قلبت الموازين فى أوروبا بالكامل رأسًا على عقب، حيث تغيرت نظرتهم إلى ثورتنا الشعبية التى كانوا يرونها إلى وقت قريب وكأنها «بعبع»، ولا يرغبون حتى النطق باسمها، بل وينعتونها بصفات بعيدة كل البعد عن الحقيقة، وذلك من أجل إرضاء حليفهم الاستراتيجى وهو التنظيم الدولى للإخوان. ولأن تلك الزيارة كانت بمثابة مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى الإخوان فقد حاولوا عرقلتها بكل الأشكال، لكن جاءت النتائج بما لا تشتهى تلك الجماعة الإرهابية، ليس هذا فحسب، بل إنها كسرت أنوفهم و«مرمطت» كرامتهم فى الوحل، حيث لم يكن فشل الإخوان فى عرقلة زيارة الرئيس لألمانيا هو الأول، فقد سبقه قبل ذلك فشل آخر فى عدد من الدول التى زارها السيسى عقب توليه الحكم، فنفس الشىء حدث فى أمريكا، حينما حشدت الجمعيات التابعة لجماعة الإخوان عناصرها هناك لعرقلة الزيارة ومنع الرئيس السيسى من إلقاء كلمته الشهيرة فى الأممالمتحدة، بل وصل الأمر أيضًا إلى الاعتداء على بعض الشخصيات السياسية والإعلامية التى شاركت فى الوفد المصاحب للرئيس، لكنها فشلت فى هذا الأمر.. وفى إيطاليا «شحنت» الجماعة ائتلافاتها الدولية لتنظيم مظاهرات لعرقلة زيارة الرئيس لروما، ولكنها لم تنجح فى تشويه سمعة مصر، أما فرنسا فقد ركز التنظيم الدولى للإخوان على مخاطبة مسؤولين فرنسيين لمنع الزيارة، بجانب حشد عناصر الجماعة فى ميادين باريس، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل. وهنا تكمن الأهمية الحقيقية لما حققه الرئيس فى زيارته الناجحة لألمانيا التى تعد أكبر المعاقل التى يوجد فيها أعضاء الإخوان وأنصارهم بجانب جاليات سورية وتركية كبيرة يستغلها «الإخوان» لتنظيم المظاهرات، فقد فشلت الجماعة فى منع برلين من استضافة الرئيس السيسى ولقاء أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية، رغم الرسائل والمخاطبات التى وجهتها الجماعة إلى ميركل لمنع الزيارة، إلا أن المستشارة أصرت على الزيارة، إلا أنهم فشلوا أيضًا فى تشويه مصر خارجيا خلال وجود الرئيس فى ألمانيا والمجر. الأمر الذى يدعونى إلى القول بأن هذه الزيارة قد أغلقت باب أوروبا ب«الضبة والمفتاح» فى وجه التنظيم الدولى للإخوان، وهو ما سينعكس بشكل إيجابى على مكانة مصر الخارجية، ليس على المستوى الإقليمى فحسب، بل وعلى المستوى الدولى أيضا.