كتبت- يارا حلمى والمنيا- محمد الزهراوى والمنوفية - عاشور أبوسالم: تطور الأزمات بين الشرطة والمحامين ألقى بظلاله على رؤى أصحاب الأرواب السوداء للعلاقة بين الطرفين، التى كان آخرها واقعة الاعتداء من قبل ضابط شرطة على المحامى عماد محمد فهمى، مساء يوم الثلاثاء الماضى، وضربه بالحذاء على رأسه، وإصابته بجرح قطعى استدعى خياطته ب8 غرز، مما دعا النقابة للدعوة إلى تنظيم المحامين، إضرابا احتجاجيا صباح اليوم السبت، أمام جميع محاكم الجمهورية. وأكدت نقابة المحامين استمرار الإضراب عن الحضور فى القضايا باستثناء الأمور المستعجلة طبقاً لدعوة النقابة العامة واشترطت النقابة لوقف الإضراب إصدار وزارة الداخلية بيانًا رسميًا يدين الاعتداءات التى وقعت على المحامى وتوقيع عقوبة مناسبة على الضابط الذى قام بالفعل وتعهد الوزير بعدم تكرار مثل هذه الحوادث مرة أخرى وهو ما أكده وكيل نقابة المحامين بالقاهرة عبد الجواد أحمد. بينما نقيب محامى شمال القاهرة، محمد عثمان، قال ل«التحرير» إن أكثر الأزمات والمشكلات التى تحدث مع الشرطة بسبب وفى أثناء تأدية المحامى عمله، فهو يتعامل مع أطراف متعددة، مثل الشرطة والنيابة، وغالبا ما تُغلِّب تلك السلطات رأيها، فى حين يكون المحامى مُصِرا على رأيه، لكن السلطات الأخرى تجور عليه باعتباره ليس صاحب سلطة. عثمان تابع، «حصانة المحامى تقتصر على جلسة المحاكمة فقط، وعلى الرغم من وجود نص صريح بحصانة المحامى داخل الجلسة، لكن بعض القضاة لا يعيرون هذا النص أى أهمية، ويعتدون عليه»، موضحا أن المحامى يؤدى دورا محوريا وجوهريا، ومن لديه هذه الثقافة من الأطراف التى يتعامل معها المحامى سيعمل على وأد الفتن والأزمات التى تندلع من وقت إلى آخر بين جناح العدالة الواقف، والأطراف الأخرى التى يتعامل معها. ونصح عثمان جموع المحامين، لا سيّما الشباب منهم، بأن يعوا كيفية التعامل فى حال حدوث أزمات، مؤكدا أن اندلاع الأزمات مرتبط فى أغلب الأوقات بقلة الخبرة، وعدم الإلمام بالطبيعة الكاملة لهذه المهن، سواء من المحامين، أو الضباط، وأفراد الشرطة، مشددا على ضرورة التزام جميع الأطراف بضبط النفس. نقيب محامى شمال القاهرة، قال «التعامل مع شخص يسىء استخدام سلطته يوجب على المحامى التريث وعدم الرد، واللجوء إلى النقابة لإثبات خطأ الطرف الآخر، واتخاذ الخطوات الصحيحة الواجب اتخاذها، ويتعين على المحامى التسلح بالعلم بالجهات التى يجب اللجوء إليها لحل الأزمة، كما ينبغى على النقابة إمداد المحامى بالثقافة القانونية اللازمة، وثقافة التعامل مع الآخر، والإعداد والتأهيل كى لا يقع فى الخطأ، أو يفشل فى أخذ حقه حال الاعتداء عليه». بدوره، قال المحامى أسعد هيكل ل«التحرير»، إن مسؤولية ما يحدث من أزمات بين الشرطة والمحامين يتحملها قيادات جهاز الشرطة، ونقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة للمحامين، مضيفا أن الطرفين أهملا القيام بمهامهما الوظيفية «بالنسبة للشرطة»، والنقابية «بالنسبة للمجلس» منذ سنوات طويلة، وتقاعسا عن وضع أساس قوى للعلاقة بين المحامين والشرطة، «لا توجد قواعد للتعامل بين الطرفين سوى على الورق». هيكل أشار إلى أن كثيرا من مسؤولى الدولة شاركوا بشكل كبير فى احتدام الأزمة بين الطرفين، بل ويعدَّون طرفا أساسيا فى ما آلت إليه العلاقة بين رجال الأمن وأصحاب الأرواب السوداء، وتابع «الإعلام لا يقوم بدوره فى معالجة مثل هذه الأحداث، وأيضا كليات الحقوق والشرطة تنمّى لدى الطلبة منذ بداية الدراسة علاقة التعاون والتكامل بين الطرفين، كما أن النقابات والأجهزة الشرطية لا تضع حلولا لمنع حدوث مثل هذه الأزمات، أو حتى تقليلها، وإبعاد آثارها السلبية عن الطرفين». وأضاف هيكل أنه إزاء هذا التقاعس من المسؤولين عن الأزمة، لا بد أن تقوم الدولة بدورها فى إعادة تنظيم كل هذه العلاقات، بإحداث تعديل جذرى فى المؤسسات المعنية بتحقيق العدالة فى مصر، سواء فى ما يتعلق بمؤسسة القضاء وهيئاته المختلفة «قضايا الدولة والنيابة الإدارية وغيرها»، ومؤسسات الشرطة وأجهزتها الأمنية، ونقابة المحامين وفرعياتها، ولا بد أيضا أن تكون أهم وسائل هذا التغيير هو تحويل المؤسسات القائمة على شؤون العدالة فى مصر إلى كيان مؤسسى واحد، بحيث يتنقل المحامون من العمل فى مهنة المحاماة إلى العمل فى القضاء، وكذلك رجل الشرطة والقاضى، وتابع «هذا الأمر ليس بدعة، بل هو قائم فى كثير من الدول الأوروبية، وإن كان من الصعب خلال الفترة الحالية اتخاذ مثل هذه الخطوات». من جهة أخرى، قرر محامو المنيا وقف إجراءات التصعيد المقررة غدا السبت، حيث أصدر نقيب المحامين بالمحافظة طارق فودة المحامى، بيانا أكد فيه أنه سيتم وقف جميع إجراءات التصعيد، وذلك نتيجة قرار اللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية بتنفيذ قرار النيابة العامة بإلقاء القبض على الضابط، وكذلك قرار وزير الداخلية بوقف الضابط المعتدى عن العمل، وقرار النيابة العامة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق، موضحا أن غدا سيكون يوم عمل عاديا وطبيعيا بجميع محاكم المحافظة. وكان محامو المنيا قد نظموا الخميس، وقفة احتجاجية داخل مجمع المحاكم بمدينة المنيا، اعتراضًا على انتهاكات جهاز الشرطة ضد المحامين، ورفعوا خلالها عديدًا من اللافتات، المنددة بانتهاكات رجال الشرطة، كما رددوا هتافات منها «يا حرية فينك فينك.. رجال الشرطة بينا وبينك - إحنا مش مجرمين.. إحنا محامين». وفى المنوفية، قرر مجلس نقابة المحامين بالمحافظة فى اجتماعه الذى عقد ظهر أمس الخميس بمقر النقابة بشبين الكوم، المشاركة فى الإضراب الشامل بكل محاكم المحافظة اليوم السبت، ووضع المجلس عددا من الآليات لمتابعة الإضراب الذى سيبدأ بإثبات بمحضر كل جلسة، وقرر إحالة المخالفين إلى مجلس التأديب.