كتب- محمد شرف الدين: اليوم هو الثاني من مايو عام 1945، الجنرال النازي هيلموت فايدلينج "Helmuth Weidling"، قائد قوات الدفاع عن برلين، يسلم المدينة للجيش الأحمر السوفيتي "Красная Армия"، الذي حقق هدفه أخيرًا ونجح في احتلال عاصمة النازية قبل قوات الحلفاء الزاحفة نحوها من الغرب. لم تمر سوى 6 أيام حتى انتهى كل شيء، فقبل انتصاف ليلة 8-9 مايو كان المارشال فيلهلم كايتل "Wilhelm Keitel"، قائد الجيوش الألمانية، يوقع وثيقة استسلام ألمانيا النازية، بمقر قيادة الجيش الأحمر في برلين، معلنًا انتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا، و"الحرب الوطنية العظمى"، كما أُطلق عليها في الاتحاد السوفيتي، وروسيا من بعده. وثيقة استسلام ألمانيا لم تكن الحرب الوطنية العظمى "Великая Отечественная война" حربًا مستقلة بذاتها، بل مثلت الصراع الدموي الهائل والأكبر في التاريخ، والذي نشب بين ألمانيا النازية والاتحاد السوفيتي في الفترة من 22 يونيو 1941 إلى 9 مايو 1945، خلال الحرب العالمية الثانية. سُمي الصراع أيضًا ب"الجبهة الشرقية"، و"الحرب السوفيتية الألمانية"، والذي بدأ باكتساح 190 فرقة ألمانية للاتحاد السوفيتي في عملية "بارباروسا"، حيث وصلت القوات الألمانية إلى تخوم موسكو، وانتهى بسحق الجيش النازي "Wehrmacht" في قلب ثلوج روسيا والقوقاز، وسقط فيه نحو 30 مليون قتيل، من بينهم 25 مليونًا من العسكريين والمدنيين السوفيت. رفع العلم السوفيتي فوق مبنى الرايخستاج "البرلمان الألماني" اليوم، وبعد 70 عامًا من استسلام الرايخ الألماني الثالث، نظمت روسيا العرض العسكري الأضخم في تاريخها بالميدان الأحمر في موسكو، بمشاركة 16 ألف عسكري، و190 قطعة من المعدات الحربية، و150 طائرة ومروحية، كما تم استعراض الدبابة "تي 14" عالية التقنية، والتي يتحرك برجها بجهاز التحكم عن بعد، وتضم كبسولة مدرعة للطاقم. ضم العرض أيضًا صواريخ " يارس 24" العابرة للقارات، والتي يمكن للواحد منها حمل 3 رؤوس نووية، بالإضافة إلى دبابات وعربات المشاة القتالية الحديثة "أرماتا"، والعربات القتالية "كورجانيتس"، و"راكوشكا"، و"تايفون"، علاوةً على الطائرات المقاتلة "سو – 34"، و"ميج – 29 أس أم تي"، وقاذفات القنابل الاستراتيجية "تو – 160"، إلى جانب المروحيات القتالية "مي –28 أن"، و"كا – 52 ". بدا العرض العسكري الروسي وكأنه ليس احتفالًا بانتهاء حرب، بل استعراضًأ لقوة دولة تخوض حربًا بالفعل ضد حلفاء الأمس، الذين كانت تسابقهم قبل 70 عامًا على الوصول إلى برلين. عرض عسكري روسي في الميدان الأحمر أعلنت كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأستراليا، وكندا، مقاطعة الاحتفالات الروسية ب"عيد النصر"، كما رفض العديد من الزعماء والمسؤولين الأوروبيين الذهاب إلى موسكو، حيث تجمع رؤساء "بلغاريا، التشيك، وأستونيا، وليتوانيا، ورومانيا، وأوكرانيا، وكرواتيا وقبرص"، في مدينة جدانسك البولندية، أمس الجمعة، للاحتفال ب"الانتصار على النازية"، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، دونالد توسك، كما أرسلت كل من "ألمانيا، وفرنسا، وإسبانيا، ولاتفيا، وسلوفاكيا، والمجر،" ممثليها لحضور الاحتفال. ورغم مشاركة بعض هذه الدول - مثل فرنساوالتشيك - في الفعاليات الروسية، إلا أن اجتماع جدانسك بدا وكأنه ردًا على موقف موسكو من الأزمة الأوكرانية، حيث تتهم أمريكا والاتحاد الأوروبي الكريملين بدعم الانفصاليين الأوكرانيين عسكريًا في دونيتسك ولوهانسك، شرق البلاد. يرى "الغرب" أن الدعم الروسي يُسهم في تأجيج الوضع المشتعل منذ اندلاع الثورة الأوكرانية في نهاية عام 2013، والتي انتهت بسقوط الرئيس الأوكراني الموالي لروسيا "فيكتور يانوكوفيتش"، وهو ما ردت عليه موسكو بإعلان ضم شبه جزيرة القرم التابعة لأوكرانيا، عقب استفتاء شعبي أُجري في 16 مارس 2014. كان ذلك قبل اندلاع القتال في الشهر التالي، بين مجوعات انفصالية موالية لموسكو والنظام الأوكراني الجديد، الذي يتمتع بصداقة الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي. جبهة القتال في أوكرانيا في الذكرى ال65 لعيد النصر، عام 2010، شاركت لأول مرة قوات من حلف شمال الأطلسي "ناتو"، في عرض عسكري مشترك مع الجيش الروسي بالميدان الأحمر، هذه المشاركة التي بدت بعيدة المنال هذا العام - والأعوام المقبلة - في ظل احتقان الأجواء بين حلفاء الأمس ضد النازية، خصوم اليوم في الأزمة الأوكرانية.