أتفق مع الأراء الرافضة للسماح بترشح مزدوجي الجنسية، وأتفق مع رفض الأخذ بالتفسير الضيق للدستور، أرى أن التفسير الواسع له كان كفيل بإخراجنا من هذا المأزق، أتفق مع أن مواد الدستور لا يجوز أن تُفسر بمعزل عن مواده الأخرى، لابد من اعتبار الوحدة الموضوعية للدستور عند تفسير مواده، لا خلاف على أن الدستور المصري الحالي ينقصه كثيرا من "الدسترة ".. أختلف مع بعض الأراء التي تفضل تأجيل الانتخابات لحين إعادة توازن القوى في المجتمع، توازن القوى لا يتم بفعل فاعل، وإنما يحدث مع مرور الوقت، ومن خلال السلوك والممارسات والتفاعل الحياتي لهذه القوى مع الناس على أرض الواقع، لا أحد يستطيع أن يقرر وجوب تغيير توازنات القوى في المجتمع، ولا على أي أساس، ولا لصالح أي توجه أو اتجاه، ثم من هذا الذي يمكن أن يفرض "مُحصلة التوازن" واتجاهها..؟ بالتأكيد لا فرد يملك السلطة، ولا مؤسسة لديها الحق، ولا إرادة لديها الشرعية لفعل ذلك، اللهم إلا إذا كان ذلك تنفيذا لإرادة الأمة، يبقى أن إرادة الأمة لم تعد تعبيرا مجازياً ينفصل عن إرادة الشعب، كما كانت تتبناه الأنظمة الشمولية والديمقراطية القديمة، والتي كانت إرادة الأمة فيها لا تعدوا أن تكون إرادة النخبة الحاكمة، لقد هجر الفكر الدستوري نظرية سيادة الأمة منذ زمن بعيد، آخذًا بنظرية سيادة الشعب نتيجة ظهور المذهبية التحررية المعاصرة، ترتب على ذلك الاعتراف بتجزئة السيادة بين أفراد الشعب، صار معنى الإرادة العامة للأمة هو مجموع إرادات الأفراد، أصبح التعبير عن الإرادة العامة لا تلحقه "قُدسية" بل هو قابل للنقد والمعارضة من قِبل الأقلية، فتحولت الديمقراطية من ديمقراطية محكومة على أساس مبدأ "سيادة الأمة" إلى ديمقراطية حاكمة طبقا لمبدأ "سيادة الشعب"، وهو المبدأ الذي أتاح للشعوب ممارسة حرياتها السياسية، إذن.. ليس هناك طريقة لتغيير القوى فعلياً الا بإرادة الشعب، وإرادة الشعب تتمثل في إرادة الأغلبية، لذلك كانت الأحزاب والتجمعات السياسية هي الوسيلة الوحيدة لتجميع إرادات المواطنين وتفعيل الحريات السياسية، ولأن غاية الأحزاب والتجمعات السياسية هي التعبير عن إرادة أفرادها ومؤيديها في ارادات جزئية فإن التوازنات تتغير بينها طبقاً لقدرتها على اكتساب الأغلبية أو فقدانها، إذن فإن الشعب وحده هو صاحب الحق في تغيير توازن القوى وهو المسئول أمام نفسه.. عن اختياره.