جرى العرف في التقاليد البرلمانية أن يجلس النواب تحت القبة في مجموعتين، مجموعة مؤيدة للنظام تجلس على يمين منصة رئيس المجلس، والمجموعة الأخرى المعارضة وتجلس على يسار المنصة. ويذكر التاريخ أن الجمعية الوطنية الفرنسية أول من طٌبق فيها هذا التقليد قبيل الثورة الفرنسية. وفي مصر بدء العمل بهذا التقليد في عهد الخديوى إسماعيل، الذى افتتح أول برلمان مجلس شوري النواب في نوفمبر 1866، وهو أول برلمان فى العالم العربى والشرق الأوسط وإفريقيا، وضم 75 نائبًا، وكانت مدة انعقاده شهرين كل عام. أصل التقليد الطائفة الثالثة في الجمعية الوطنية الفرنسية يعود الأصل التاريخي لكلمة يسار إلى أن الكتلة السياسية التي تسمى "الطائفة الثالثة" جلست على يسار مقعد رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية تعبيرًا عن موقفها المعارض للملكية قبيل الثورة الفرنسية. وأصبح تقليد غالب أن يجلس ممثلو المعارضة في مقاعد اليسار من قاعات البرلمانات معبرين بمواقعهم المكانية عن مواقفهم السياسية من الحكومة القائمة، فان تغيرت الحكومة بدّلوا مقاعدهم فأصبح اليسار يميناً وأصبح اليمين يساراً بدون أن يبدل أحد أفكاره. وهكذا كان أقصى ما يدل عليه الموقف اليساري هو الرغبة في "تغيير الحكومة"، ثم انتقل التعبير للدلالة على التغيير الاقتصادي والاجتماعي. التطبيق في مصر.. رغبة الخديوي في محاكة الغرب عند افتتاح أولى جلسات مجلس شوري النواب لأول مرة، وقف إسماعيل راغب باشا، – رئيس البرلمان المعين من قبل الخديوي آنذاك، ليُلقي على النواب الدرس الأول فى أصول الإجراءات البرلمانية، فقال لهم: إن الخديوى يرغب فى أن يكون هناك حزبين، إحدهما يؤيد الحكومة ويجلس على يمين المنصة التى يجلس عليها رئيس مجلس شورى النواب، والثاني يمثل المعارضة ويجلس على يسار المنصة طبقًا للتقاليد البرلمانية. وقبل أن يدخل الخديوى ذهب إليهم رئيس البرلمان مرة أخرى ليلقى نظرة، فوجد النواب جميعًا قد جلسوا على يمين المنصة. وتواترت قصة مؤداها أن الأعضاء رفضوا الجلوس في المقاعد الواقعة إلى اليسار، لأنها تعني أنهم معارضون، ويستحيل أن يكونوا كذلك لتعيينهم في البرلمان من قبل الخديوي، وقال أحدهم "كلنا عبيد أفندينا فكيف نكون مقاومين لحكومته". المستحيل أصبح ممكنًا مع مرور الوقت واختلف الأمر تمامًا، وبعد عشر سنوات اجتمعوا خارج القلعة مقر المجلس، بل وخارج القاهرة في طنطا، حيث أعلنوا معارضتهم لكثير من سياسات الحكومة. وبحلول الهيئة النيابية الثالثة 1876 أصبح هناك نواب يجلسون في مقاعد اليسار، وكانت جلسات مجلس شورى النواب دائمًا ما تعقد بالقلعة من سنة 1866م حتى سنة 1878م، ثم نُقلت بعد ذلك إلى قاعة بالمحكمة المختلطة بميدان العتبة. وشهدت الهيئة النيابية الثالثة 1876 ليس فقط ميلاد معارضة للحكومة والحاكم، بل أيضًا نشاط رقابي من قبل النواب على الحكومة وإصرار على حقهم في مناقشة الموازنة العامة قبل إقرارها، وكانت تلك التغيرات تمهيدًا لبرلمان الثورة العرابية 1881 الذي شهد ميلاد صلاحيات حق النواب في الأستجواب سؤال الوزراء. ومنذ ذلك العهد يجلس المعارضون لسياسات الحكومة في مقاعد اليسار، والمؤيديون في اليمين.