أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي، أنَّ الظروف الصعبة التي لاتزال تشهدها المنطقة العربية من أعمال القتل والعنف والإرهاب التي تدفع إلى زيادة نزوح ولجوء المتضررين منها، تلقي مزيدًا من الأعباء على القطاع الصحي سواء في الدول التي تستضيف هؤلاء النازحين أو التي تواجه الأعمال الإرهابية، أو تعاني ظروف الاحتلال. وناشد العربي، في كلمته اليوم الخميس أمام الجلسة الافتتاحية للدورة ال43 لمجلس وزراء الصحة العرب، التي عقدت بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، بدعم البنية التحتية للقطاع الصحي في فلسطين، وتعزيزها بالتجهيزات الطبية وتدريب الكوادر الصحية، لتوفير خدمات صحية متميزة للشعب الفلسطيني، في ظل ما يواجهه من عدوان إسرائيلي متكرر يترك تداعياته على القطاع الصحي بأكمله من نقص في الدواء والمعدات الطبية وبالتالي صعوبة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، وقال: "أجريت زيارة لقطاع غزة، والوضع في بؤس ويحتاج مساعدات مستمرة". وأكد العربي أهمية الموضوعات والقضايا الهامة المدرجة على جدول أعمال المجلس، والتي تستجيب للأوضاع والمستجدات في المنطقة العربية، والتي كان من بينها ارتفاع نسبة الاضطرابات النفسية بين المتضررين من النزاعات والصراعات المسلحة. وأشاد العربي بجهود المجلس الرامية إلى تقديم الرعاية الصحية النفسية الشاملة لضمان حياة صحية أفضل للجميع وخاصة الأطفال، ومواجهة وحماية الشباب العربي للحد من مخاطر انتشار مشكلة تعاطي وإدمان المواد المخدرة في الوطن العربي، كونها بؤرة لنشر أمراض أخرى مثل الإيدز والتهاب الفيروس الكبدي الوبائي سي. ونوه العربي إلى الجهود الساعية لتحقيق التكامل العربي في مجال الدواء، من خلال اللجنة العربية العليا للدواء العربي، داعيًا إلى تشجيع شركات الدواء العربية للاستثمار في عمليات الأبحاث وتطوير منتجاتها والاستمرار في برامج تدريب العاملين في مجال الدواء لتطوير مهاراتهم. وأشاد العربي بتقديم أمير دولة الكويت مبلغ خمسة ملايين دولار أمريكي لدعم نشاط منظمة الصحة العالمية في مواجهة انتشار فيروس "إيبولا" الذي يشكل تهديدًا كبيرًا على الحياة الإنسانية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والجهود العربية التي بذلت لمواجهة انتشار هذا الفيروس وعدم وصوله إلى المنطقة العربية. وأضاف: "علينا مواصلة العمل من أجل وضع استراتيجيات لمواجهة الأجيال المستجدة من الفيروسات المسببة للأمراض، والاستفادة من التجارب والخبرات العربية والدولية، التي قطعت شوطًا في هذا المجال". ونوه العربي إلى التعاون البناء بين وزارة الصحة والسكان في مصر وجامعة الدول العربية في هذا الشأن، مؤكدًا ثقته في أنه من خلال الاهتمام بالبحوث العلمية سوف توظف التكنولوجيات الحديثة بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص لإنتاج الأمصال واللقاحات لمواجهة الفيروسات الجديدة. وأكد أهمية المشاركة في المؤتمر العاشر للهيئة العربية لخدمات نقل الدم المقرر انعقاده في شهر إبريل من هذا العام بالقاهرة، تنفيذًا للقرار الصادر في مارس من العام الماضي، والذي سيبحث مشروع مشتقات بلازما الدم الذي تقدمت به المملكة العربية السعودية للمضي قدمًا في تنفيذه والاتفاق على آليات العمل والتعاون مع الدول العربية بشأنه. وأشار العربى أهمية دور مجلس وزراء الصحة العرب في القضايا ذات الصلة بالعملية التنموية، خاصة مع تأهب المجموعة العربية في نيويورك المعنية بالتفاوض حول أولويات المنطقة العربية في الأجندة العالمية للتنمية المستدامة لما بعد 2015، وما تضمنته من مقترحات المجموعة الدولية لأهدافها من الخدمات الصحية الجيدة والشاملة بما فيها الصحة النفسية وصحة الأمهات والأطفال. وقال العربي إنَّ دور المجلس هام وحيوي وتزداد أهميته في التأكيد على التعريفات الواضحة تجاه بعض المصطلحات، والتي عليها أن تأخذ في الاعتبار خصوصية المنطقة العربية وتتوافق مع القوانين والتشريعات في الدول العربية. ومن جانبه، أكد سفير المغرب لدى مصر ومندوبها الدائم بالجامعة العربية، السفير محمد العلمي، أن انعقاد الدورة الوزارية لمجلس وزراء الصحة يأتي في ظل ما تتعرض له الأمة العربية من تحديات متزايدة الأمر الذي يتطلب مضاعفة الجهود وتكثيف التعاون وتوحيد المواقف بشأن مختلف القضايا الصحية الراهنة بما يتطلبه ذلك من اتخاذ إجراءات عملية مستعجلة من أجل النهوض بالمنظومة الصحية العربية والارتقاء بها إلى مستوى طموحات وتطلعات الشعوب العربية. وقال السفير العلمي، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للمجلس: "عملنا المشترك أسهم في تحقيق عدد هام من الإنجازات في مجال الصحة في العالم العربي غير أن كل هذه النتائج التي تحققت لا تزال تحتاج منا إلى مزيد من التشاور والتنسيق والتعاون وتبادل الخبرات ودون أن نغفل في أي وقت عن الأوضاع الصحية المزرية التي تشهدها بعض المناطق العربية وفي مقدمتها الأراضي الفلسطينيةالمحتلة حيث تزداد معاناة الفلسطينيين وتتواصل محنتهم نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة أو ما يتكبده أشقاء لنا في مختلف مناطق التوتر والنزاع التي تمزق الجسد العربي" . وأشارالعربى إلى أَّنَّ المغرب حرصت على تحقيق الأهداف الصحية لذات الأولوية الصادرة عن الدورة الأخيرة لمجلس وزراء الصحة العرب خاصة تلك المتعلقة بالألفية الثالثة وذلك عبر وضع خطط عمل وطنية خاصة ببرامج صحة الأم والطفل والصحة العقلية . ولفت العلمي إلى أنَّ المغرب سبق أن أعلنت موافقتها على استضافة الاجتماع المشترك بين الدول العربية ودول أمريكا اللاتينية على مستوى الخبراء في مجال "الأهداف التنموية للألفية المتعلقة بالصحة ما بعد 2015" وذلك خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري مما يؤكد الانخراط الفعلي للمملكة المغربية في دعم العمل العربي المشترك في المجال الصحي وتنفيذ البرامج الصحية المتفق عليها في إطار مجلس وزراء الصحة العرب. وقال العلمي إن المغرب ستستضيف يومي 13 و14 مارس المقبل بمدينة الرباط ملتقى دوليًا حول "التغطية الصحية للفئات المعوزة" وذلك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثالثة لتعميم نظام المساعدة الطبية. ومن جهته، أكد وزير الصحة والسكان الليبي، رضا العوكلي، رئيس الدورة السابقة أهمية الارتقاء بنظم وجودة الخدمات الصحية في العالم العربي، والعمل على توفير التمويل لبرامج الرعاية والخدمات الصحية للحصول على أعلى مستوى من الخدمات باقل الاسعار . ولفت إلى أنَّ أكثر السبل نجاحًا لتمويل القطع الصحي يتم عن طريق نظام حساب التوفير والتأمين الصحي والذي يلزم المواطن والدولة بإيداع قيمة في حساب يخصص فقط للانفاق على الخدمات الصحية سواء كان ذلك بشراء بوليصة تأمين أو دفع فواتير المستشفيات، معربًا عن أمله في تطبيق ذلك في ليبيا في القريب العاجل. وأعرب العوكلي عن رغبة ليبيا في الإعداد لمؤتمر دولي في مجال تمويل القطاع الصحي بالتعاون مع عدد من دول الجوار على أن يكون موعده خلال الاشهر القليلة المقبلة. وقال العوكلي إنه سوف يتقدم بمذكرة تتضمن مشروع قرار لمجلس وزراء الصحة العرب لمناقشته في الاجتماع المقبل لبحث سبل تمويل الصحة اثناء الكوارث والحروب، فيما تلتزم الدولة بتوفير مبلغ ولو دولار واحد لكل مواطن سنويًا يخصص للانفاق على القطاع الصحي أثناء الكوارث والحروب وبهذا يتيح المجال لكل دولة أن تعتمد على نفسها أثناء الخدمات في الوقت الذي تنهار فيه قدرة الحكومات على شراء الأدوية وقت الكوارث وهو الأمر الذي تعانيه ليبيا وعدد من دول المنطقة الآن. ومن ناحيته، أكد وزير الصحة الكويتي، الدكتور علي العبيدي، رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، أهمية الاجتماع في ظل التحديات التي تواجه المنطقة والتي تتطلب الخروج بقرارات تلبي طموحات الشعوب وتتحول إلى اجراءات على أرض الواقع، منوهًا إلى الدعم الذي قدمه أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لمنظمة الصحة العالمية بمبلغ خمسة ملايين دولار لمكافحة فيروس"إيبولا". وقال العبيدي إنَّ الدورة الحالية تناقش العديد من الموضوعات المهمة من بينها التحضير للقمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقررة العام الجاري في تونس، والتعاون العربي مع التجمعات الاقليمية والدولية، منوهًا إلى أهمية إعلان ليما الخاص بالتعاون العربي مع دول أمريكا اللاتينية إبريل 2014 والذي يشكل إطارًا مرجعيًا لمجالات التعاون بين الجانبين، إلى جانب متابعة التعاون العربي – الصيني في المجال الصحي، بالإضافة إلى متابعة الأوضاع الصحية في الأراضي المحتلة، مشيرًا في هذا الإطار إلى معاناة الشعب الفلسطيني جرَّاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكدًا أهمية الاستراتيجية العربية لمكافحة الإيدز.