بالأمس القريب كان من الصعوبة بمكان أن تعثر عين المرء على صورة لأى شخص فى شوارع العاصمة الليبية طرابلس أو أى من المدن الليبية، سوى العقيد معمر القذافى، الذى حكم ليبيا بقبضة حديدية لما يزيد على أربعة عقود، كانت خلالها الديمقراطية بالنسبة إلى كثير من الليبيين حلما بعيد المنال. لكن الآن وبعد مضى نحو عام على رحيل القذافى، يتنسم البلد أول أنفاس الديمقراطية عندما يتوجه نحو مليونين و800 ألف ناخب فى جميع المدن الليبية يومى السبت والأحد القادمين إلى صناديق الاقتراع، فى أول انتخابات برلمانية منذ نصف قرن، وتملأ الآلاف من صور المرشحين من الشباب والرجال والنساء الشوارع، سواء المنتمون إلى كيانات أو أحزاب سياسية أو أشخاص مستقلين. ويختار الليبيون أعضاء المجلس الوطنى الذين سيكون عددهم 200 عضو من 13 دائرة انتخابية رئيسية و73 منطقة و69 دائرة انتخابية فرعية عبر كل مناطق ليبيا، بينما بدت ملامح الأمن القصوى فى عدد من شوارع وميادين العاصمة طرابلس لتأمين الانتخابات. وخصص 120 مقعدا للمرشحين المستقلين والمقاعد ال80 المتبقية للأحزاب السياسية، لتجنب سيطرة حزب واحد على المجلس، حسب السلطات. لكن هذا لم يحُل دون دعم بعض الأحزاب مرشحين مستقلين، مما قد يوصل الإسلاميين إلى السلطة كما حصل فى تونس ومصر، اللتين اكتسحتهما موجة الربيع العربى. فى الحملة الانتخابية التى انتهت الخميس تبرز 3 تشكيلات سياسية من بين 142 شاركت فى الانتخابات، وهى حزب العدالة والبناء الإسلامى المنبثق عن الإخوان المسلمين، وحزب الوطن التابع للقائد العسكرى السابق فى طرابلس عبد الحكيم بلحاج، الإسلامى المثير للجدل، الذى تعهد بالالتزام بالشريعة حال فوزه، وائتلاف الليبراليين الذى تشكل من أجل الانتخابات برئاسة رئيس الوزراء السابق للمجلس الوطنى الانتقالى فى أثناء الثورة محمود جبريل. ويشير مراقبون إلى أن معظم الأحزاب والكيانات السياسية الناشئة فى ليبيا ما زالت تخطو أولى خطواتها فى مجال العمل السياسى، لكن الإخوان المسلمين كيان منظم وموجود فى الساحة الليبية، وهم يسعون لإكمال مسيرة رفاقهم فى تونس ومصر، فى مواجهة الليبراليين والعلمانيين وأعضاء من الكتل السياسية الجديدة التى تحتاج إلى وقت لكى تنضج سياسيا وتوجد لها قواعد شعبية. تجرى الانتخابات وسط مخاوف من أحداث عنف، خصوصا فى مناطق شرق ليبيا، حيث يوجد التيار الدينى السلفى الذى يعتبر بعض أنصاره الديمقراطية خصما يحارب الشريعة الإسلامية، كما يطالبون بالتساوى فى تقسيم مقاعد المؤتمر الوطنى العام