يتعرض المصريون فى ليبيا لاعتداءات همجية من قبل جماعات إرهابية مثل ميليشيات «فجر ليبيا» و«أنصار الشريعة»، يتعرضون لأعمال قتل وتمثيل بالجثث على النحو، الذى حدث مع أسرة الطبيب المصرى المسيحى، الذى قتل هو وزوجته الصيدلانية وابنته الكبرى، التى لم تتجاوز خمسة عشر عاما، حيث جرى قتلهم والتمثيل بالجثث والتنكيل بجثة الطفلة بشكل لا إنسانى. وكان لدى الخارجية الكثير من الوقت، مما مكنها من كتابة بيان يعبر عن القلق الشديد، واستمرار المتابعة لحادثة إبرام النار فى مسجد بالسويد أسفر عن إصابة خمسة باكستانيين، ولم تجد خارجيتنا المبجلة ولا الوزير سامح شكرى ولا المتحدث الرسمى باسمها الدكتور بدر عبد العاطى وقتا للتعبير عن مجرد شجب أو إدانة قتل والتمثيل بجثث أسرة مصرية، وهو أمر ليس جديدًا على الخارجية المصرية، التى يبدو أنها لم تتخلص من ميراث نظام مبارك، فى توظيف العامل الدينى فى السياسة الخارجية، فإذا كان لدى الخارجية المصرية من الوقت كى تعبر عن الانزعاج الشديد من حادثة مسجد السويد، فعلى الأقل كان عليها ولو من قبيل أداء مهامها، أن تدين أو تشجب القتل والتمثيل بجثث أفراد أسرة مصرية. وفى تقديرى أن هذا الموقف من وزارة الخارجية غير مقبول بالمرة، ولا يمكن أن يمر مرور الكرام، فكل المواطنين المصريين سواسية، لا فرق بين أى منهم على أساس من دين، أو عرق أو طائفة، ومن ثم فقضية المواطنة ومسؤولية الدولية كان يفرض على الخارجية المصرية الاهتمام بقضية مواطنين مصريين جرى قتلهم والتمثيل بجثثهم، أما قضية مسجد السويد فالاهتمام بها جاء على حسابات دينية أحسب أنها تخص باكستان والمملكة العربية السعودية أكثر من مصر. عمومًا ولا نريد أكثر من أداء وزارة خارجية المصرية مهامها بشكل مبدئى، وعلى أرضية وطنية خالصة، ولسنا فى حاجة إلى مزايدة على قضية الدين من قبل وزارة الخارجية المصرية. وقد جرى اختطاف عشرين مواطنًا مصريًّا من قبل الميليشيات المسلحة، والمخطوفون مواطنون مصريون، مسلمون ومسيحيون، ولم نرَ حتى هذه اللحظة تحركا من خارجيتنا للتعامل مع هذه القضية، الميليشيات المسلحة التى تحتجز المواطنين المصريين تهدد بقتلهم وتشترط استجابة الحكومة الليبية لمطالب هذه الميليشيات المتمثلة فى الإفراج عن عدد من الإرهابيين المعتقلين ومطالب أخرى. نحن هنا لا ندعو إلى الاستجابة لمطالب الجماعات الإرهابية، لكن إلى اهتمام الحكومة المصرية وانشغال الخارجية المصرية بهذه القضية، فالدول المحترمة تدافع عن مواطنيها، وتسخر علاقاتها من أجل إنقاذ مواطن واحد مختطف وهو ما لم نرَه حتى هذه اللحظة. المختطفون فى ليبيا شباب مصرى صغير السن ذهب للعمل هناك هربًا من ضيق ذات اليد، وصعوبة الحياة فى البلاد، وأيا كان الأخطاء التى وقعوا فيها، فإن مسؤولية الدولة المصرية حمايتهم ورعايتهم والعمل على إنقاذ حياتهم. نعم الدولة المصرية نظمت جسرا جويا لإعادة أعداد كبيرة من المصريين من ليبيا، لكننا نريد من الدولة المصرية تبنى خطة شاملة لإعادة مصريين من ليبيا والاستفادة بهم فى المشروعات التنموية الجديدة، نريد خطة شاملة للتعامل مع ملف المصريين فى ليبيا على نحو عاجل.