فجأة ودون مقدمات أعلنت قناة «الجزيرة» القطرية وقف بث «الجزيرة مباشر- مصر» وهى القناة التى كانت تتولى التحريض ليل نهار على مصر والمصريين، التى فتحت أبوابها لفلول الجماعة الإرهابية ومن التحق بهم من الإعلاميين لسب مصر والمصريين، وجاء فى البيان أن الشبكة فى انتظار الحصول على التراخيص اللازمة للبث من القاهرة، وهو بمثابة إعلان عن وقف السياسة العدائية التى كانت تنتهجها القناة ضد مصر والمصريين اعتبارًا من الثلاثين من يونيو 2013. وقد سبق وقف بث «الجزيرة مباشر- مصر»، حدوث تغيير فى لغة ومفردات قناة «الجزيرة» عامة التى توقفت عن وصف الرئيس عبد الفتاح السيسى بقائد الانقلاب، كما بدأت فى وصفه بالرئيس بل والزعيم. وقد سبق لمذيعين مصريين فى قناة الجزيرة مباشر أن تحديا التعليمات التى صدرت للشبكة بتغيير موقفها من مصر وتغيير مفرداتها على النحو الذى يتماشى مع أجواء المصالحة، فخرج أحدهم ذاكرًا اسم عبد الفتاح السيسى دون أن يسبقه بوصف الرئيس، كما خرج آخر واستغل تساؤل أحد المشاهدين عن حقيقة حدوث تغيير فى سياسة الجزيرة تجاه ما يجرى فى مصر، فقال إن قناة الجزيرة مباشر- مصر لا تصنع الأحداث فى مصر ولا تغير الواقع فحتى لو تم إغلاق القناة فذلك لن يغير من حقيقة ما جرى فى مصر. وعقب إغلاق القناة كتب أحد أعضاء الجماعة الذى يعمل مذيعًا فى القناة، إغلاق الجزيرة مباشر- مصر أفضل من تغيير سياستها. تكشف قراءة هذه التطورات والتصريحات عن أن أمير قطر وعقب الإعلان عن المصالحة مع مصر قد أصدر توجيهاته بتغيير سياسة القناة تجاه مصر، وأن يكون التغيير واضحًا ومحددًا من خلال استخدام مصطلحات مغايرة تماما لما كان مستخدمًا، وأن العاملين فى شبكة قنوات الجزيرة اتبعوا هذه التعليمات لا سيما فى القناة العامة وهو ما لم يحدث فى قناة الجزيرة مباشر- مصر لسبب جوهرى هو أن القناة برمتها مبنية على متابعة وتغطية الأحداث فى مصر، وجرى بناء هيكل القناة على توظيف عناصر معادية لمصر وأغلبها ينتمى إلى جماعة الإخوان ومن ثم فهو مؤمن بالرسالة التى يبثها ويعتبر عمله فى القناة نوعًا من الجهاد ومن ثم لم يكن من السهل على هؤلاء تنفيذ تعليمات تغيير سياسة القناة والتوقف عن الهجوم على مصر والمصريين، وعندما بدا ذلك واضحا وخرج أحد مذيعى القناة متحديا تعليمات الأمير، جاء قرار الأخير بإغلاق القناة، بل وتأكيد انتهاء بثها من الدوحة وأن القناة فى انتظار الحصول على التراخيص اللازمة للبث من القاهرة، وهو ما لا أعتقد فى صحته، فالقناة تم تدشينها لخدمة جماعة الإخوان بالأساس وهو الدور الذى قامت به على أكمل وجه، وعندما أطاحت ثورة الثلاثين من يونيو بحكم الجماعة تبنت القناة خط الهجوم على الثورة، وتولت التحريض ضد النظام الجديد، بل كثيرًا ما اُستخدمت لبث الرسائل المشفرة من قادة الجماعة والتنظيم الدولى فى الخارج إلى الأنصار فى الداخل. وعندما تأكدت قطر من قوة النظام المصرى الجديد، وتعرضت لتهديدات بعقوبات قاسية من مجلس التعاون الخليجى وتحديدا السعودية والإمارات، رضخت للأمر الواقع وقبلت بالمبادرة السعودية للمصالحة مع مصر، وهنا جاء قرار تغيير السياسة العامة لقناة الجزيرة ووقف الهجوم على مصر، وهو ما لم يلتزم به العاملون فى الجزيرة مباشر- مصر نظرًا إلى خلفياتهم الأيديولوجية وانتماء أغلبهم إلى جماعة الاخوان، فكان قرار إغلاق القناة. السؤال هنا هل يعنى ذلك أن المصالحة تمت مع قطر وانتهت الخلافات أم أن الدور الذى تتطلع قطر للعبه سوف يضع حدودًا للمصالحة؟ للحديث بقية.