بعد مرور أكثر من عام على الربيع العربى، فى تونس مهد الانتفاضة التى انطلقت منها شرارة ثورة الياسمين، وفى ظل الفوضى التى تجتاح البلاد، تتصاعد مخاوف الشعب ويزداد استياؤه وتزداد قناعاته بأن حكومة «النهضة» الإسلامية تنتهج سياسات تخدم مصلحتها الشخصية، بما يسهم فى إعادة إحياء ممارسات النظام القديم، نظام بن على الراحل. اللوم الأكبر الذى توجهه رموز المعارضة العلمانية إلى حكومة «النهضة» يتمثل فى غض الطرف وعدم فرض مبدأ المحاسبة، خصوصا ضد جماعات السلفيين المتشددين التى يميل أنصارها إلى تفسير الإسلام بطريقة متزمتة، لفرض مسار لم تؤمّنه الديمقراطية بعد الثورة. فبعد اندلاع مواجهات عنيفة بداية الأسبوع بين قوات الأمن ومتظاهرين منسوبين إلى التيار السلفى، إثر احتجاجهم على عرض لوحات فنية اعتبرت مسيئة إلى الإسلام بمعرض «ربيع الفنون»، تراجع حزب النهضة التونسى وتنظيمات سلفية مساء أول من أمس (الخميس) عن تنظيم مظاهرات دعوا إليها أمس (الجمعة) تحت شعار «الدفاع عن المقدسات»، فى ما يشكل إشارة إلى الرغبة فى التهدئة. وقال عجمى الوريمى القيادى فى حزب النهضة -الذى يقود الائتلاف الحاكم ويسيطر على غالبية مقاعد الجمعية التأسيسية- إنه «ألغيت المظاهرة احتراما لقرار وزارة الداخلية»، كما أعلن تنظيم «ملتقى أنصار الشريعة» السلفى إلغاء المظاهرات. ومن جهته قال حزب التحرير الإسلامى (غير المرخص) إنه قرر التراجع عن تنظيم مسيرة، لكنه أعلن فى المقابل تنظيم تجمع فى القصبة قرب مقر الحكومة لشرح مواقفه، بمشاركة كل التيارات الإسلامية، وفقا للمتحدث باسمه رضا بلحاج. وفى قرارها منع مظاهرات الجمعة، حذرت وزارة الداخلية الخميس من أنها «لم ترخص تنظيم أى مسيرة» الجمعة، بما فى ذلك تلك التى دعا إليها «النهضة»، محذرة فى بيانها من أن جهات لم تسمها أطلقت «دعوات (على شبكات التواصل الاجتماعى) تحرض على العنف وتدعو إلى استغلال المسيرات السلمية (ليوم الجمعة) لإحداث الفوضى والتخريب». وفى سياق متصل دعا الرئيس التونسى منصف المرزوقى أول من أمس (الخميس) «كل التونسيين إلى الالتزام بالقوانين المنظمة للتظاهر وقوانين الطوارئ والحذر واجتناب كل عمل يكون سببا فى سقوط دم تونسى، والتمسك بالوحدة الوطنية، وعدم السقوط فى فخ التناحر مهما كانت خلافاتهم»، حسب بيان أصدره الناطق الرسمى باسمه.