فى رحلة سريعة إلى لندن بحثا عن أفيشات لأفلام غربية قديمة ستستغل فى أعمال الجرافيك الخاصة بفوازير شريهان، التى كنت أنا وزميلى خيرى بشارة نعدها فى براغ (تشيكوسلوفاكيا) على أمل اللحاق بشهر رمضان 2000. كان مشروعا طموحا تفرغنا له أنا وخيرى فى الغربة نحو ثمانية أشهر، ليتم إلغاؤه بكل بساطة بعد ذلك دون مبررات واضحة، دليلا على مدى شراسة ولا مبالاة -أحيانا- أى إنتاج حين تتضارب المصالح الاقتصادية لتطيح من الوجود بأى جهد فنى بُذل. ربما من ثمار التجربة أنه فى رحلة لندن اكتشفت قيمة أفيش الأمس الذى أصبح كنز اليوم. فمثال لذلك هو إذا عدنا عدة سنوات إلى الوراء لاكتشفنا أن أفيش فيلم لنجمة الإغراء مارلين مونرو فليكن لفيلمها الشهير «محطة الأتوبيس Bus Stop» (1956) كان من الممكن اقتناؤه بمبلغ ربما لا يزيد على خمسة جنيهات إسترلينىة فى عام 1999، صدق أو لا تصدق، وجدت النسخة الأصلية للأفيش ذاته تباع بعشرة آلاف جنيه. بالتالى أصبحت أفيشات أفلام الأربعينيات والخمسينيات والستينيات كنوزا من ورق تعرض كأنها لوحات فنية فى معارض متخصصة، وأصبحت هذه الأفيشات مثل الطوابع البريدية النادرة لها زبائنها المتخصصون. هذا التيار أو التقليعة انتقل إلى السينما المصرية المعرّضة دائما لداء التقليد، لدرجة أن بعض تجار الأفيشات القديمة يتخلصون من الأعداد الضخمة لأى أفيش إما بإعدامها حتى يظل ما تبقى لديهم منه عدد قليل باستطاعتهم رفع سعره ليدرج كأفيش نادر. وما يوصف بالأفيش الأصلى ليس إلا الطبعة الأولى عام توزيع الفيلم. وحين كان مشروع فوازير شريهان مبنيا على فكرة أفيشات الأفلام لتصبح شريهان مع كل فزورة بديلا للبطلة التى على الأفيش عن طريق الجرافيك، فكان من المستحيل شراء الأفيشات الأصلية المطلوبة بأسعارها الخيالية. فتمكنت من إقناع صاحب أحد المعارض فى لندن بأن يطبع لى نسخة من نيجاتيف الأفيشات المصغرة المستعملة فى الكتالوجات للتعامل معها جرافيكيا فى ما بعد وبسعر تسمح به الميزانية. اليوم أصبح للأفيشات كتب ومراجع وأراشيف فى متناول أى شخص عن طريق الإنترنت وللهاوى، تباع فى حجم الكارت بوستال ليجمعها مثل طوابع البريد بالضبط.