موقف سياسى بالغ الحرج، وُضعت فيه السياسة الخارجية المصرية، بعد القرار التركى بطرد السفير الإسرائيلى أمس. المقارنة التى لم تعد أبدا فى صالح مصر، مع الأتراك، كشفت حجم التردد والتخبط فى القرار المصرى الخارجى على وجه الخصوص، ما برره الخبراء ل«التحرير» باختلاف ميزان القوى مع تركيا، وحصول مصر على المعونات الأمريكية، وعدم استقرار الوضع الأمنى الداخلى.. الخبير فى الشؤون الإيرانية والتركية الدكتور مصطفى اللباد، قال إن القرار التركى الأخير، انعكاس لقوة تركيا واستقلالها فى مواجهة إسرائيل، على العكس من الوضع فى مصر، حسب اللباد، الذى أشار إلى التزام مصر المبالغ فيه بمعاهدة السلام مع إسرائيل، إلى جانب استسلامها للتبعية الاقتصادية، بقبول المعونات الأمريكية. اللباد، أوضح أن الصراع بين تركيا وإسرائيل، يدور حول الزعامة الإقليمية فى الشرق الأوسط، معتبرا أن قرار تركيا سيضع إسرائيل فى عزلة نسبية، ولو مؤقتة، إذ ستصبح «دولة منبوذة»، وهو ما فشلت مصر فى تحقيقه، بفشلها فى تحويل «أزمة الحدود المصرية-الإسرائيلية الأخيرة» إلى مكاسب سياسية على الصعيد الخارجى معها. «طرد السفير الإسرائيلى من مصر لن يحقق مكاسب سياسية»، حسب اللباد، لكن الحل الأكثر عملية، من وجهة نظره، السعى لتعديل معاهدة السلام وزيادة القوات المصرية على الحدود، لتتمكن مصر فى المرحلة المقبلة من التعامل بقوة مع إسرائيل، واتخاذ مواقف حادة مثلما تفعل تركيا أو غيرها. رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية فى مركز الأهرام للدراسات، الدكتور محمد السعيد إدريس، أشار إلى أوجه التشابه فى تعامل إسرائيل مع كل من مصر وتركيا، خصوصا إصرارها على رفض الاعتذار لمصر عن اعتداءات الحدود الأخيرة، والاكتفاء بإبداء الأسف على ما حدث. كما سبق وأن رفضت الاعتذار لتركيا عن الاعتداء على أسطول الحرية، لافتا فى الوقت نفسه إلى اختلاف رد الفعل فى البلدين، ما بين التخبط والتردد المصرى، والقرار التركى الحاسم. مشددا على أن قرار مصر بطرد السفير، لن يتم إلا إذا سبقته قرارات «صعبة» من نوعية تخليها عن المعونات الأمريكية. الخبير السياسى فى مركز الأهرام للدراسات، الدكتور نبيل عبد الفتاح، أوضح أن أى خرق لمعاهدة السلام دون تعديلها سيؤدى إلى مشكلات إقليمية بين مصر وإسرائيل، منبها إلى أن تركيا لم تتخذ قرارها بطرد السفير الإسرائيلى، إلا بعد التدرج فى الإجراءات الدبلوماسية والسياسية، والحصول على تقرير دولى بإدانة إسرائيل. الباحث السياسى المتخصص فى شؤون الإسرائيليات، الدكتور عماد جاد، لفت إلى تأثير البعد الجغرافى على القرارين المصرى والتركى، إذ إن توتر الحدود الدائم بين مصر وإسرائيل، لا يقابله توتر حدودى بين إسرائيل وتركيا إلى جانب تأثير ظروف المرحلة الانتقالية التى تمر بها مصر، وتوتر الأوضاع الأمنية الداخلية بها، مما يصعّب الموقف على مصر، فى المرحلة الراهنة على الأقل.