لم تتطور مسلسلات الجاسوسية كثيرا، منذ مسلسل «دموع فى عيون وقحة» فى بداية الثمانينيات مرورا بثلاثية «رأفت الهجان»، وانتهاء بمسلسل «عابد كرمان»، تخلو دراما الجاسوسية من الخيال والإبداع، وتبدو مقيدة بشكل وتفاصيل جامدة، كأنها مسلسلات يصنعها جهاز الشؤون المعنوية للمخابرات. حاول مسلسل «حرب الجواسيس» الذى قدم العام قبل الماضى الخروج من إطار حبكة الشاب الذى تجنده المخابرات المصرية داخل إسرائيل للحصول على معلومات سرية، وقدم المسلسل جاسوسا خائنا تحاول خطيبته الصحفية المصرية الإيقاع به، إنه تغير تكتيكى فى «فورمات» مسلسل الجاسوسية الذى يركز على نوعية نمطية من قصص التجسس، يبدو غرضها فقط إعلاء الإحساس الوطنى والفخر بجهاز المخابرات العامة، هذا الجهاز الغامض الذى لا يعرف أحد كثيرا عنه. مقارنة مسلسلات الجاسوسية بأعمال درامية أجنبية عن الجاسوسية محض عبث، فرغم أن أغلب الأعمال القليلة التى قدمت عن الجاسوسية حملت عناصر النجاح، فإنها ظهرت أيضا بصورة دعائية فجة لهذا الجهاز، ويظهر رجال المخابرات أقرب إلى ملائكة تمشى على الأرض، فى مسلسل «عابد كرمان» يصل رجل المخابرات المسؤول عن عابد كرمان «إبراهيم يسرى» إلى باريس، وأول شىء يسأل عنه مساعده حينما يدخل الشقة التى سيقيم بها مكان قبلة الصلاة. تفتقر مسلسلات الجاسوسية إلى خيال «الجاسوسية» نفسها، المغامرات، والمطاردات، والصعوبات الفنية التى تقابل الجاسوس للحصول على المعلومات وتوصيلها فى الوقت المناسب، ويفتقر أيضا إلى دقة رسم الشخصيات المختلفة فى العمل، فمن غير المنطقى أن نشاهد مدير جهاز الشاباك فى المسلسل يظهر كأنه ضابط شرس فى قسم شرطة، لا يمتلك أى مؤهلات للذكاء، إنه يشك فى عابد كرمان صديق الطفولة لله فى لله، ويطارده فى كل مكان ويسأله عن تصرفاته بشك مفضوح، ويرد عليه عابد كرمان مبررا تصرفاته ببرود مفضوح أيضا. أداء تيم الحسن فى هذا العمل أقل من المستوى الذى قدمه فى مسلسل «الملك فاروق»، شخصية عابد كرمان التى قدمها لم تكن جذابة بهدوئها وخمولها الزائد.