«تسابق.. تلاحم.. تدافع.. عيون مليئة بالدموع»، هكذا يمكن أن نصف مشهد الأقباط أثناء تلهفهم ورغبتهم في التزاحم لالقاء النظرة الأخيرة على البابا شنودة الثالث بابا البطريرك والكرازة المرقسية، داخل مقر الكاتدرائية بالعباسية، وهو يسكن علي كرسيه وحيدا. الدخول لرؤيه البابا والنظر إلية أقل ما يمكن أن يقال عليه أنه أشبه بمحاولة إنتحار، نظرا لتواجد الآلاف من الأقباط أمام مقر الكاتدرائية لرؤية البابا خلال الثلاثة أيام التي تم تحديدها، حيث إحتشد الآلاف من الأقباط أمام البوابة رقم 4 ، علي أمل الدخول إلى الكنيسه لرؤية البابا وأخذ البركة، لكن تدفق الإعداد القادمة من مختلف محافظات مصر والتي لم تنخفض حتي ساعات متأخره من ليلة أمس وحتى اليوم كانت تقطع هذا الأمل بين الحين والاخر. «التحرير» قضت أيام كاملة أمام الكاتدرائية ووسط الأقباط، ورصدت خلال جولتها للتعرف على ما يحدث بالداخل، حيثأبواب الكنيسه جميعها موصده ماعدا بوابه رقم 4 التي كانت بوابة العبور الوحيده إلي الداخل بعد إن تم إغلاق البوابه الرئيسية بشارع رمسيس، وأغلقت قوات الامن الكوبري الذي يصل إلى ميدان العباسية بالحواجز الحديدية والخرسانية، ولم يكن يسمح سوى للسيارات بالمرور من اسفله والمشاة من أعلى، وأمام البوابه تجد كافة الأعمارما بين أطفال وشباب وشيوخ ونساء وفتيات جاءوا من كافة المحافظات لنيل البركه-على حد قولهم. كما رصدت «التحرير» قيام عدد من الشباب الأقباط والبائعين الجائلين بتوزيع ملصقات لصور البابا شنودة الثالث، وأعلام تحمل صورته بمبلع يتراوح ما بين 10 الى 20 جنية، وأيضا بعض الاشياء التذكارية للبابا مكتوب عليها «شعبك يحبك». عشرات من سيارات الاسعاف وقوات الشرطة العسكرية انتشرت بشكل ملحوظ أمام الكاتدرائية، وكثفت تواجدها أمام بوابة رقم (4) ولم تستطع السيطرة على الناحية الامنية بشكل كامل، وعلى اعداد الوافدين من الاقباط، حيث تركزت اغلبها منذ بداية كوبرى العباسية حتى نهاية سور الكاتدرائية، وانتشرت أيضا على مدار السور بأكملة. «التحرير» بدأت محاولات الدخول عند خروج احدي سيارات الإسعاف من داخل الكنيسه، والتي كانت تحمل احدي الحالات التي فقدت وعيها بسبب التدافع، السيارة أفسحت مجالا وشقت طريقا بين الجموع المحتشده أمام البوابه وكانت تلك هي فرصة العبور الأسهل لدخولنا بعد ساعات من التدافع مع مئات الأشخاص. ساحة الكاتدرائية امتلئت بالعديد من السيدات والرجال والنساء والاطفال، الذين احتشدوا في ساعات ليلة أول من أمس في محاولة لرؤيه البابا، وكان اغلبهم من محافظات المنيا وسوهاج واسيوط. فى أماكن مختلفة داخل فناء الكاتدرائية، وجدنا أقباط ورهبانا ونساء وفتيات من مختلف انحاء المحافظات يفترشون الأرض مستغرقين في النوم بعد أن أجهدتهم محاولات العناء لرؤية البابا، والقاء النظرة الأخيرة عليه طوال النهار، فأخذوا من الستائر الزرقاء المعلقه على الجنبات وأقمشه الفراشات غطاء يحميهم من شدة البرودة. كانت المحاولة أشبه بالإنتحار ، حينما أصرت «التحرير» على الدخول لإلقاء النظرة الأخيرة على البابا شنودة الثالث، فى البداية تجبرك الشرطة العسكرية المتواجدة داخل الكاتدرائية على المررو من أماكن معينه، تلك الأماكن جميعها أبوابها مغلقة، ولا تستطيع من خلالها العبور لرؤية البابا. مجموعة من شاب الاقباط لا تتجاوز أعمارهم 30 عاما أخبرونا بأن هناك فرصة للدخول ورؤية البابا عن طريق أحد الأبواب الجانبية للكاتدرائية، لم نتردد، وخضنا معهم المغامرة، وبعد نجاحنا للوصول للباب المنشود وجدنا المئات من الشباب والرجال والنساء مصطفين فى طابور لم نتمكن من رؤية نهايته راغبين فى الدخول للبابا، وهنا تعالت أصوات بعض المنظمين لعملية الدخول موجهين كلامهم لتلك الحشود الغير منظمة «حرام عليكم كده، فيه 3 ماتوا من تدافعكم ده ، اقفوا فى الطابور ، وذنب الناس اللى ماتت دى فى رقبتكم». «ميلاد فتحي حنا» أحد الشباب الذي جاء من المنيا هو وثلاثه من أصدقائه، قال «للتحرير» أنه متواجد أمام مقرالكاتدرائيه منذ الأحد الماضي ولم يتمكن من الدخول إلي الكنيسه إلا مره واحده.