سمعت كثيرا عن «تويتر» وعددته من أقارب «فيسبوك» يمكن للمرء من خلاله أن يكوّن أصدقاء افتراضيين ثم يقوم بالشخبطة على حوائطهم وإرسال رسائل لهم، أى أنه باختصار واحد من وسائل التواصل الاجتماعى مثل البريد الإلكترونى والمسنجر وأشياء أخرى لا أعرفها. كنت أكتفى فى السابق بالحديث إلى الأصدقاء الذين أعرفهم عن طريق المسنجر السحرى الذى ذوب المسافات وقرب البعيد بالصوت والصورة، ثم تشجعت وخطوت إلى دنيا «فيسبوك» وحصلت من خلاله على مجموعة من الأصدقاء، بعضهم يفرح القلب بما لهم من مشاعر وأفكار على نفس موجتى، والبعض الآخر يرسل فى طلب الصداقة ثم لا يظهر أبدا بعد ذلك وكأنه يجمع طوابع! مؤخرا لامنى بعض الأصدقاء: كيف لا يكون لك حساب على «تويتر» مثل كل الناس؟ ألا تعيش فى الدنيا يا رجل؟ وحتى أثبت لهم أننى أعيش فى الدنيا مثلهم فقد دخلت إلى الموقع وقمت بعمل حساب ثم أخذتنى مشاغل الدنيا ونسيته، ظل الموقع يرسل لى باستمرار يذكرنى بأن «تويتر» جاهز فى انتظار تغريداتى التى ستشنف آذان المستمعين، لكننى مع ذلك لم أتحمس.. حتى وجدت نفسى منذ أيام راغبا فى الدخول لأتعرف للمرة الأولى على الآلية التى يتم بها التواصل، واكتشفت أنها عبارة عن جمل قصيرة يطلقها المستخدم فتصل إلى المريدين والأتباع.. تجولت بين التغريدات وقرأت ما يكتبه البشر فوجدت به تغريدات غاية فى الروعة والعمق والطرافة خصوصا ما يصدر عن الكاتب العظيم جلال عامر الذى شعرت أنه فارس «تويتر» الأول فى مصر بلا منازع، فلا أحد يطاوله فى التعبير بالجمل القصيرة المثيرة للدهشة والتأمل، وساءنى أن أرى تغريداته الجميلة التى يطلقها فى المساء موجودة بصحف اليوم التالى منسوبة لآخرين! ووجدت على «تويتر» أيضا نشاطا هائلا لنوارة نجم، التى جمعت حولها كل الثائرين والغاضبين واللاعنين للتباطؤ والتواطؤ وراحت تنفخ من روحها فيهم كل ليلة لدرجة أننى أشفقت عليها من الانفعال وكتبت أطلب منها بعض التهدئة حرصا على أعصابها، لكن وضح لى أنها من فرط تدافع الأفكار فى رأسها والحرص على كتابتها قبل أن تطير يفوتها ما يُكتب إليها فلا تراه! لفت انتباهى أيضا الوجود الشامخ الرصين للشاعر الكبير مريد البرغوثى، الذى يطلق كل ليلة مجموعة من التغريدات تفيض بالحكمة والشعور الوطنى. عندما أردت أن أشارك شعرت بالحيرة.. ماذا لدىّ لأقوله للناس من خلال «تويتر»؟ وما الذى يجعل ما أقوله تغريدة؟ ألا يصح أن يراه البعض نوعا من النعيق؟ لكنى توكلت على الله وكتبت فكرة جاءت ببالى، وفى الأيام التالية صرت أكتب فكرة أو اثنتين كل ليلة. لكن بعد ذلك هبط حماسى وشعرت أننى موجود فى غير ملعبى وأننى غريب على هذا المكان، وأعتقد أن هذا الشعور راجع إلى إحساسى بأن الأفكار التى عبرت عنها فى «تويتر» لا ينفع أن أكتبها مرة أخرى فى المقالات اليومية، وبأننى بهذا أنزف أفكارى دون مبرر، وتذكرت ما تعلمناه فى كلية الإعلام من أن الدردشة مع الضيف فى برنامج قبل التسجيل تجعل نفس الضيف عندما يبدأ التصوير يحجم عن تكرار الآراء والإيفيهات التى قالها خلف الكاميرا، لإحساسه بأنها قد أصبحت قديمة، ولا يقدر على تجاوز هذا الشعور، غير الممثلين المحترفين الذين ألفوا تكرار أداء المشاهد. والحقيقة أن هذا الشعور قد تسلل إلىّ فى «تويتر»، ورأيت أن ما كتبته قد صار قديما ولا يصح أن أكرره مرة أخرى! لهذا وجدت نفسى أميل إلى البعد عن المشاركة فى «تويتر»، مع الاكتفاء بإطلالة من وقت لآخر لأعرف آخر الأخبار وأستمتع بتغريدات من أحبهم.