القرار الوزارى الذى أصدره المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء يوم الأربعاء الماضى، بتشكيل لجنة لاسترداد أراضى الدولة المنهوبة، لم يكن الأول من نوعه، حيث سبقه قرار وزارى آخر بتشكيل نفس اللجنة ولنفس الغرض، وهو ما يطرح تساؤلا حول جدية الحكومة فى فتح هذا الملف الهام. قرار محلب نص على تشكيل لجنة وزارية من وزارات العدل، والعدالة الانتقالية والإسكان والتنمية المحلية، إلى جانب الأجهزة التنفيذية، لتكون مهمتها استرداد حق الدولة فى الأراضى التى تم السطو عليها، أو التى تم تغيير نشاطها من زراعى إلى سكنى، وذلك من خلال وضع آلية لحصر تلك الأراضى، ووضع القيم العادلة للتسوية. ويبدو أن رئيس الوزراء كان غافلا عن أن هناك قرار رئيس الوزراء رقم 1205 لسنة 2012 بتشكيل نفس اللجنة لذات الغرض، حيث لم يتضمن قراره أى إشارة إلى القرار السابق، والذى ينص على أن «تنشأ لجنة لاسترداد أراضى الدولة والجهات التابعة لها، التى ثبت من التحقيقات الاستيلاء عليها بغير حق، برئاسة مستشار التحقيق المنتدب لهذه التحقيقات أو عضو النيابة المحقق، وعضوية كل من: أحد القضاة المنتدبين لإدارة الكسب غير المشروع، وممثل عن وزارة الدفاع، وممثل عن وزارة المالية، وممثل عن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وممثل عن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، وممثل عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، وممثل عن المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة، وممثل عن الهيئة العامة للمساحة المصرية، وممثل عن الأمن القومى، وممثل عن هيئة الرقابة الإدارية، وممثل عن الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة». المادة الثانية من قرار 2012 نصت على اختصاص اللجنة، والذى تمثل فى «حصر كل الأراضى محل التحقيقات التى ثبت الاستيلاء عليها بغير حق، وتحديد الجهة صاحبة الاختصاص فى استلامها واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه استرداد الدولة لها، وإعداد تقرير وافٍ يتضمن الوسائل التى استخدمت للاستيلاء على هذه الأراضى، واقتراح الإجراءات الواجب اتخاذها للحيلولة مستقبلاً دون تكرار الاستيلاء». لجنة عام 2012 تشكلت برئاسة المستشار أحمد إدريس، قاضى التحقيق المنتدب من وزير العدل للتحقيق فى ملف الاستيلاء على أراضى الدولة. مصدر مطلع، علق قائلا «إحنا اطلعنا على قرار رئيس الوزراء إبراهيم محلب بتشكيل لجنة لاسترداد أراضى الدولة، لكن لا نعرف الاختصاصات المختلفة التى ستقوم بها عن اللجنة الحالية التى يترأسها المستشار أحمد إدريس، ربما تكون لجنة محلب أوسع، حيث إن لجنة إدريس تختص بأراضى وزارة الزراعة فقط، لكن الحقيقة قرار إبراهيم محلب لم يوضح هذا». المصدر الذى فضل عدم الكشف عن اسمه، أضاف أن لجنة إدريس تعمل بالأساس بعد ثورة يناير على ملف فساد وزارة الزراعة والأراضى التى نهبت منها وتم الاستيلاء عليها، إلا أن الأمر تطور بعد ذلك وصدر القرار الوزارى رقم 1205 لسنة 2012 بتشكيل لجنة لاسترداد الأراضى المنهوبة برئاسة إدريس، وعملت هذه اللجنة بشكل أساسى على أراضى وزارة الزراعة. من جهته، أوضح أحد مستشارى التحقيق، والذى فضل عدم ذكر اسمه، أنه بعد ثورة يناير قدمت العديد من البلاغات بخصوص الاستيلاء على أراضى الدولة، إلى جانب بلاغات من رئيس جهاز حماية الأراضى تفيد بصدور قرارات كثيرة من وزير الزراعة بتخصيص أراضى على جانبى طريق مصر إسكندرية الصحراوى حتى الكيلو 84 للزراعة، وكذلك طريق «مصر- إسماعيلية» الصحراوى وطريق «مصر- السويس»، بسعر الفدان على الطريق 200 جنيه، وفى الداخل 50 جنيها، لغرض الزراعة، وتبين من التحقيقات الاستيلاء على مساحات غير التى تم تخصيصها، وتغيير النشاط من زراعى إلى استثمارى. مستشار التحقيق، أضاف أنه تم الاستيلاء على أراضى طريق «مصر- إسكندرية» الصحراوى من الكيلو 40 حتى الكيلو 84، كما تم الاستيلاء على أراضى طريق «مصر- إسماعيلية» الصحراوى، من مدينة بدر حتى قبل بوابة الإسماعيلية على جانبى الطريق، وتم بيع الأرض بسعر 5 قروش للمتر، كما تبين من التحقيقات أن أصحاب الأرض حولوها إلى منتجعات وفيلل بالمخالفة لنصوص التعاقد. جدير بالذكر، أنه من أشهر القضايا التى عملت عليها لجنة استرداد اراضى الدولة المنهوبة برئاسة المستشار أحمد إدريس، قضية قيام شركة أبو الفتوح للتنمية الزراعية بالحصول على مساحة 400 فدان، وتحويلها من الاستخدام الزراعى إلى استثمارى وعقارى وإقامة مدينة سكنية، كما لم تلتزم الشركة بسداد مبلغ 600 مليون جنيه كمبلغ متفق عليه لتغيير النشاط، إضافة إلى قضية أرض العياط، حيث قام وزير الزراعة الأسبق يوسف والى، بتخصيص مساحة 26 ألف فدان للشركة المصرية الكويتية بمركز العياط، بالأمر المباشر، وبسعر 200 جنيه للفدان، وتحرر عن ذلك عقد بالمخالفة لنص القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية. وقد نجحت لجنة إدريس فى استرداد 60 كيلومترًا مربعًا بالعريش، فى القضية المتهم فيها صابر محمود، إضافة إلى التنازل عن 200 فدان بطريق مصر- إسكندرية الصحراوى أمام «كارفور» من جانب رجل الأعمال هانى عزيز، وكذلك التنازل عن مساحة مليون فدان و800 متر بالعريش فى القضية المتهم فيها أحمد عز الدين أبو سمرة.