تتجه أنظار العالم أجمع ومحبو وعشاق الحضارة الفرعونية بصفة خاصة، ما إن تشرق شمس، غد الأربعاء 22 أكتوبر، نحو معبد أبو سمبل جنوب مدينة أسوان لمشاهدة الظاهرة الفلكية الرائعة التي تتضئ وجه الملك رمسيس الثاني مرتين كل عام والتى أبهرت العالم. تدخل أشعة الشمس في الصباح الباكر إلى مكان بداخل المعبد يسمى ب"قدس الأقداس"، لتتعامد بعد ذلك على وجه الملك رمسيس الثاني في ظاهرة تثبت تقدم المصريين القدماء في علوم الفلك، واستفادتهم الكاملة بظواهره في حياتهم العامة، إضافة إلى معرفتهم بخصائص شروق الشمس وغروبها ومواقيتها ومواقعها طوال السنة الشمسية. ويتسلل شعاع الشمس صباح يومي 22 أكتوبر و22 فبراير من كل عام، إلى وجه الملك رمسيس الثاني لقتبس فيضًا من نور الشمس على وجه الفرعون داخل حجرته في قدس الأقداس بقلب المعبد، ثم يتكاثر شعاع الشمس بسرعة مكونًا حزمة من الضوء تضئ وجوه ثلاثة تماثيل من التماثيل الأربعة داخل قدس الأقداس، وهم تمثال رع حور أخت إله الشمس، وتمثال رمسيس الثاني الذي يتساوى مع الإله القديمة، وتمثال أمون إله طيبة في تلك الحقبة، أما التمثال الرابع للاله بتاح رب منف وراعى الفن والفنانين وإله العالم السفلى فلا تصله أشعة الشمس، لأنه لا بد أن يبقى في ظلام دامس مثل حالته في العالم السفلى. وتباينت آراء علماء الآثار حول مناسبة تعامد أشعة الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى حيث يتجه رأى إلى أن تعامد الشمس على وجه الملك يأتي يوم 22 أكتوبر، ليتواكب مع يوم ميلاد الملك، ويوم 22 فبراير ليتواكب مع يوم تتويجه ملكًا. أما الاتجاه الثاني فيرى أن تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس 22 أكتوبر يأتي مواكبًا مع بداية فصل الزراعة في مصر القديمة، أما تعامد الشمس على وجه الملك في 22 فبراير فيحدث في مناسبة بداية موسم الحصاد. حكم رمسيس الثاني مصر لمدة 66 سنة من 1279 ق.م حتى 1212 ق.م، وهو ثالث فراعنة الأسرة التاسعة عشر وقد لقبه القدماء بابن آلهة الشمس، حيث صعد إلى سدة الحكم وهو في أوائل العشرينات من العمر، هو ابن الملك سيتي الأول والملكة تويا، ومن أشهر زوجاته كانت نفرتاري، وبلغ عدد أبنائه نحو 90 ابنة وابن. قاد رمسيس الثاني عدة معارك وحملات عسكرية شمالا نحو الشام وجنوبا نحو النوبة، ومنها معركة قادش الثانية، حيث قامت القوات المصرية تحت قيادته بالاشتباك مع قوات مواتاليس ملك الحيثيين عام 1274 ق.م، والتي لم يتمكن أي من الطرفين هزيمة الطرف الآخر على مر السنين التالية لها وعقب ذلك أبرم رمسيس الثاني معاهدة سلام في عام 1258( ق.م.) مع حاتوسيليس الثالث، والتي تعد أقدم معاهدة سلام في التاريخ. كما شيّد عدة معابد أهمها مجمع أبو سمبل بجنوبأسوان، والذي يتكون من معبدين كبيرين نحتا في الصخر، في عام 1250 ق. م، وواجهة المعبد تتكون من أربعة تماثيل كبيرة بارتفاع 67 قدمًا (20 متر)، وباب يفضي إلى حجرات طولها 180 قدمًا. وتوجد ستة تماثيل في مدخل المعبد الآخر أربعة منها لرمسيس الثاني، واثنين لزوجته نفرتاري، ومعبد الرامسيوم وهو المعبد الجنائزي الخاص بالملك رمسيس الثاني، وقد أخذ هذا المعبد اسمه من اسم الملك، ويقع مدخله في الناحية الشرقية من النيل بالأقصر، وهو معبد له صرح عظيم. دفن الملك رمسيس في وادي الملوك، إلا أن مومياءه نُقلت إلى خزانة المومياوات في الدير البحري، حيث اكتشفت عام 1881، ونقلت إلى المتحف المصري بعد خمس سنوات، ومازالت محفوظة ومعروضة. جدير بالذكر أن حدوث تعامد الشمس على تمثال رمسيس كان يحدث يومي 21 أكتوبر و21 فبراير قبل عام 1964، إلا أنه بعد نقل معبد أبوسمبل بعد تقطيعه لإنقاذه من الغرق تحت مياه بحيرة السد العالي في بداية الستينات من موقعه القديم، الذي تم نحته داخل الجبل إلى موقعه الحالي، أصبحت هذه الظاهرة تتكرر يومي 22 أكتوبر و22 فبراير، وذلك لتغير خطوط العرض والطول بعد نقل المعبد 120 مترًا غربًا وبارتفاع 60 مترًا.